رسالة الإمام المؤيد الى مؤتمر نصرة الشعب الأحوازي 10-1-2013
أرسل سماحة
العلامة الشيخ حسين المؤيد رسالة الى مؤتمر نصرة الشعب الأحوازي الذي بدأت
أعماله في القاهرة اليوم 10-1-2013 هذا نصها :-
بسم الله
الرحمن الرحيم
السادة
الأفاضل و السيدات الفضليات المجتمعون في مؤتمر نصرة الشعب الأحوازي
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
أحييكم و أحيي اجتماعكم الهام في هذا المقطع الحساس الذي تعيشه الأمة العربية و
الإسلامية , هذا الإجتماع الذي تناديتم له من أجل نصرة قضية الشعب الأحوازي
المجيد .
إن انعقاد هذا المؤتمر في هذه المرحلة مرحلة التحولات و على أرض الكنانة و في
القاهرة و بعد ثورة الشعب المصري له أبعاده و دلالاته , لا سيما بعد أن كانت
القضية الأحوازية تعاني من سياسة النأي بالنفس التي اتبعها النظام العربي بشكل
و آخر منذ احتلال الأحواز سنة 1925م .
إن قضية الشعب الأحوازي من أوضح القضايا في عدالتها , و أجلاها في شواهدها على
الحق , تعكس بشفافية ما تعرّض له الشعب الأحوازي من اغتصاب للأرض , و استلاب
للهوية , و سحق للكرامة , و هضم للحقوق , و نهب للثروات , و استعباد للإنسان .
نعم إنها قضية مصادرة الوجود الأحوازي بدافع الأطماع غير المشروعة , و التوسع
على حساب الغير , و بفعل مؤامرة دولية تنطلق من أهداف آيديولوجية , و مصالح
سياسية , و عقلية استعمارية مستهترة بحقوق البشر و مقدرات الشعوب .
لقد أنهى الإحتلال الغاشم الذي قام به الشاه البلهوي الأب استقلال شعب و خياره
الحر في أرضه و ثروته ظلما و عدوانا , و تحول ذلك بعد الضم القسري الى سياسة
ثابتة و نهج مستمر قائم على صهر الأحواز و شعبها في إطار جيوسياسي , و تجييرها
لذلك الإطار و النظام القائم عليه دون رصيد من التاريخ و غطاء من الشرعية
المستندة الى قانون الحق و العدل . و لقد ارتكب المجتمع الدولي جريمة تمرير هذه
الجريمة و تغطيتها حتى هذه الساعة .
أيها المجتمعون الأكارم
لئن حالت ظروف قاهرة من شرف المشاركة المقررة في مؤتمركم الموقر , فإنني أبعث
اليكم و الى الشعب الأحوازي الكريم هذه الرسالة مؤكدا على أن نصرة قضية الشعب
الأحوازي واجبة بمعايير العقل و الشرع و الضمير , لأنها انتصار له من الظلم و
الحيف و مصادرة الإرادة و الإعتداء على الكرامة الإنسانية التي منحها الله
تعالى لبني الإنسان . لقد بلغ الظلم مداه بما يُنطق الحجر لو قُدّر للحجر أن
ينطق فكيف بالإنسان . و إن ما يعانيه و يكابده الشعب الأحوازي من جور , لم يحصل
له في المقاطع التاريخية التي تعرض فيها هذا الشعب للإحتلال . فلاحظوا ما بين
الإخمينيين و الخمينيين من تفاوت , فقد غزا الإخمينيون الأحواز , لكن شعب
الأحواز ظل يتمتع باستقلاله الذاتي و قوانينه البابلية , و حريته الدينية , و
هو يفتقد اليوم كل ذلك تحت حكم الخمينيين . و قد اكتفى البارثيون أيام سيطرتهم
على الأحواز بجباية ضرائب سنوية منه , بينما اليوم لا يكتفى بمصادرة ثروات
الأحواز , و إنما تعمل فيه سياسة التغيير الديموغرافي و التفريس الجغرافي و
الثقافي , والإستعباد و مسخ الهوية , و مواجهة التظلم بالقسوة و الوحشية التي
تقشعر منها الأبدان و تشمئز منها النفوس , و تتقطع منها نياط القلوب . كل ذلك ,
و ليس من سند قانوني يتيح فرض السيطرة على هذا الإقليم و ضمه الى بلاد فارس , و
إن ما أبرم في معاهدة أرضروم عام 1847 لا يمثل سوى اتفاق أربع قوى خارجية حسبما
تقتضيه مصالحها بعيدا عن إرادة الشعب الأحوازي صاحب الأرض و الحق , و بالتالي
فهو لا يمثل الشرعية القانونية بحال , و لا بد من ترسيخ هذه الحقيقة و تأكيدها
, و التأكيد على حق الشعب الأحوازي و إرادته الحرة في تقرير مصيره و تجسيد
هويته و ممارسة حريته و خياره . و لا بد من التأكيد على إدانة القمع الذي يتعرض
له , و إدانة ممارسات التفريس و التغيير الديموغرافي , و الإعتداء على الحرية
الدينية للشعب الأحوازي الذي ينفتح أكثر من أي وقت مضى على ثقافة الأمة الواحدة
التي تمثلها في خطها العريض مدرسة أهل السنة و الجماعة ليكون نسيجا واحدا معهم
.
إن القضية الأحوازية و القضية الفلسطينية صنوان , و تجمعهما الكثير من أوجه
التشابه و الإشتراك , و لهما مكيال واحد , و لا بد أن لايغيب ذلك عن الوعي و
التوجه عند تقييم السياسات و الممارسات .
إن قضية نصرة الشعب الأحوازي يجب أن تكون مفردة أساسية في ستراتيجية النظام
العربي و الإسلامي لحقانيتها , و لحيويتها للأمن القومي , و في جمع شتات الأمة
على ثقافة الأمة الواحدة , الأمر الذي يستدعي رسم السياسات و اتخاذ القرارات
التي تحقق عمليا ما يلزم لهذه القضية , و هو ما يتطلع اليه الأحوازيون منذ
نكبتهم .
و ختاما
أتمنى لمؤتمركم النجاح في بلورة الرؤية و الموقف و الخروج بنتائج صحيحة يتم
تنفيذها عمليا و لا تبقى حبرا على ورق و صوتا بلا صدى و أفكارا بلا تطبيق , لا
سيما في ظل إمعان النظام الإيراني في سياساته و تمرير قوى الهيمنة الإستكبارية
لها , هذه القوى التي يجب أن لا ينخدع الشعب الأحوازي بها و لا يرهن مصيره لها
و لا ينسى أنه وقع ضحية لمصالحها و أهدافها الشريرة .
بوركتم و بورك مسعاكم
الشيخ حسين
المؤيد
28 صفر 1434 هجري / 10-1-2013 ميلادي
السابق