الإمام
المؤيد يشارك في ندوة حوار إلكترونية لمركز الدراسات العربي-الأوروبي للإجابة
عن السؤال التالي :-
هل تعتقدون أن التيارات الإسلامية ستكون البديل عن الأنظمة
العربية التي أطيح أو سيطاح بها ؟ 28-10-2011
شارك سماحة العلامة الشيخ حسين المؤيد في ندوة حوار إلكترونية
لمركز الدراسات العربي - الأوروبي و مقره باريس للإجابة عن السؤال التالي :-
هل تعتقدون أن التيارات الإسلامية ستكون البديل عن الأنظمة العربية التي أطيح
أو سيطاح بها؟
و قد أجاب سماحته على السؤال بما يلي :-
إن الحركات و التيارات الإسلامية قد انبثقت من المجتمعات العربية و الإسلامية ,
و ليست طارئة على هذه المجتمعات , و إنما تعتبر إفرازا طبيعيا له , كونها
ملتصقة بهوية هذه المجتمعات و ثقافتها و انتمائها و تاريخها , كما أنها تعبير
عن تطلع هذه المجتمعات و نزوعها الى عودة الإسلام الى الحياة السياسية و
فاعليته في الحياة الإجتماعية العامة .
و بغض النظر عن تقييم قدرة هذه الحركات و التيارات الإسلامية على بلورة مشروع
عملي ناضج لقيادة الحياة المعاصرة , و بغض النظر عن نجاح الأداء السياسي لهذه
الحركات و التيارات على الساحتين السياسية و الإجتماعية سواء في تعاطيها مع
عموم المجتمع نفسه , أو في معارضتها للأنظمة الحاكمة , أو في تعاطيها مع القوى
السياسية الأخرى الموجودة على الساحة , أو في تعاطيها مع منافسها من جنسها ,
فإن هذه الحركات و التيارات عانت من الإقصاء و التهميش و التشويه بل و المحاربة
و البطش , و منيت بالظلم , و تم التعاطي معها خارج موازين العدل و الإنصاف و
الحرية و الديمقراطية , و هذا ظلم كبير من جهة , و قمع لإتجاه إسلامي يمثل
توجها مهما في المجتمع و الشارع من جهة أخرى .
و قد أدت هذه المعاملة الظالمة و القاسية الى تعاطف شعبي بل و نخبوي أيضا لا
سيما مع تجلي الفشل و تفشي الإحباط إزاء الأنظمة الحاكمة بشكل عام و القوى
السياسية الأخرى التي تتبنى ثقافات أو برامج غير معبرة بشكل صحيح عن هوية
المجتمع و ثقافته و أصالته .
إن نمو الصحوة الإسلامية و اتجاه الناس الى عودة الإسلام الى الساحتين السياسية
و الإجتماعية , و الأمل المعقود على الحركات و التيارات الإسلامية التي لم تخض
تجربة السلطة و انعكاساتها , و قدمت نفسها على الدوام كبديل منقذ , يفسح المجال
لهذه الحركات و التيارات كبديل يستطيع تسلم السلطة عبر آليات الديمقراطية و من
خلال رأي الناس و إرادتهم . و ما حصل في تونس نموذج على كل ما قلناه , و يبدو
أن الساحات الأخرى مرشحة بنحو و آخر لشيء من هذا القبيل . و كما كانت تونس
ملهمة الثورات العربية ستكون ملهمة أيضا لشكل البديل القادم .
إننا إذ نتمنى الموفقية للحركات و التيارات الإسلامية في تقديم البديل الرسالي
الصالح , نعبر عن خشيتنا و قلقنا من محاولة الإستكبار العالمي و قوى الهيمنة
ركوب الموجة و استغلال ما تسميه هي بقوى الإسلام السياسي عبر احتوائها أو
تدجينها لتكون بحكم شعبيتها البديل الذي يقبل المساومة مع الغرب و الدخول في
صفقات تحقق للغرب مآربه , و تلعب أدوارا في هذا المجال , و تحقق للغرب أيضا
هدفه في حرق ورقة هذه القوى و إسقاطها في مجتمعاتها . و قد تحدث الغرب كثيرا عن
نموذج حزب العدالة و التنمية في تركيا كنموذج مقبول غربيا .
إننا نؤكد على أن الحكم في الإسلام ليس هدفا بذاته , و إنما هو وسيلة لتطبيق
الإسلام و رسالته السامية , و أداة لرعاية شؤون الأمة طبق تعاليم الإسلام و ما
تقتضيه مصالح الرسالة الإسلامية و مصالح الأمة , و أن الحكم الذي يؤدي الى
تفريغ الحالة الإسلامية من محتواها , و حرفها عن أهدافها الرسالية و تحويلها
الى عنوان إسلامي من عناوين اللعبة السياسية كما حصل في العراق , هو أمر مرفوض
, و ليس في صالح الأمة , و لا في صالح الدين , و لا في صالح الحركات و التيارات
الإسلامية التي و ضعتها الثورات العربية على المحك أمام مسؤولية تأريخية صعبة و
خطيرة .
بغداد - القسم الإعلامي في مكتب الإمام المؤي
السابق