بيان هام للإمام المؤيد حول جريمة النخيب و
تداعياتها
16-9-2011
أصدر سماحة
العلامة الشيخ حسين المؤيد بيانا هاما حول جريمة النخيب و
تداعياتها هذا نصه :-
( في الوقت الذي يكتوي فيه أبناء الشعب العراقي بنار أزمات خانقة متعددة
الجوانب و الأبعاد و قد أرهقتهم أعباء الحياة و ضغوط الواقع المعاش , تنفتق
عليهم من هنا و هناك حوادث مدبرة تهدف الى إبقاء المجتمع العراقي في دوامة من
الأزمات و المشاكل استمرارا في زعزعة الإستقرار و إمعانا في محاولات تمزيق
النسيج الإجتماعي الواحد و إثارة الفتنة و التصيد في الماء العكر للدفع بالعراق
و شعبه باتجاه مخططات تستهدف وحدة العراق و وئام أبنائه و عيشهم المشترك تحت
خيمة الوطن .
و في هذا السياق تأتي جريمة النخيب النكراء حيث تعرضت حافلة عراقية لاعتداء
غادر في النخيب من مجرمين باعوا ضمائرهم للشيطان و تجردوا من كل قيمة إنسانية و
دينية و رضوا لأنفسهم الدناءة و التسافل فامتدت أياديهم الأثيمة الى مواطنين
أبرياء قتلا و تمثيلا و ترويعا يندى له الجبين و تقشعر له الأبدان و تهتز له
النفوس السوية و تمجه الفطرة السليمة .
لقد كانت تلك الحافلة البريئة عراقا مصغرا ظللت تحت سقفها من ظللهم السقف
العراقي الرحب من مكونات الشعب العراقي التي جمعها تاريخيا عيش مشترك و وئام
دافيء و وطن واحد , فكان الإعتداء عليها إعتداء على الوطن و المواطنة و على
الشعب العراقي بكل مكوناته المتآلفة و المتداخلة , و هو ما استهدفه المخططون
للجريمة , و سقط فيه المنفذون لها .
إننا إذ نستنكر هذه الجريمة الآثمة نؤكد على النقاط التالية :-
أولا :- إن هذه الجريمة جائت لتثير الفتنة في حلقة جديدة من حلقاتها التي
شهدتها الساحة العراقية منذ الإحتلال الغاشم , و تهدف من خلال إثارة الفتنة الى
الضرب على النسيج المجتمعي و وحدة العراق أرضا و شعبا و خلق مناخ إنفعالي يندفع
فيه الناس في تجاذب الفعل و رد الفعل نحو مواقف خارجة عن المزاج الوطني و عن
هوية العراقي و ثقافته و منظومته العراقية الوطنية .
ثانيا :- إن الموقف الرسمي و الشعبي لمحافظة الأنبار هو موقف مشرف دلل على وعي
لأبعاد الجريمة فاستنكرها الجميع إستنكار المفجوع بها , و أدانها متبرء منها
براءة من يعلم أنه في طليعة المستهدفين بها . و من هنا فان هذا الموقف يستحق كل
تجلة و تقدير , و يتسق مع ما عرف عن الأنبار من وطنية و حرص على العراق و وحدته
و تماسك نسيجه الوطني .
ثالثا :- إن الإقتحام الذي تورطت فيه قوة عسكرية من محافظة كربلاء و بإشراف من
رئيس مجلس المحافظة و ما قامت به من اقتياد عدد من أبناء محافظة الأنبار من
داخل محافظتهم هو عمل غير مسؤول و سقوط في الفتنة و وقوع في فخ مخطط جريمة
النخيب الرامي الى إطلالة جديدة للصراع الطائفي من أجل ضرب الإستقرار و الدفع
باتجاه التقسيم و التمزيق , مضافا الى أنه عمل مخالف للقانون و تجاوز على
السلطة المركزية وعلى محافظة الأنبار .
إنني إذ أدعو أبناء محافظة كربلاء الغيارى و الأعزاء الى استنكار هذا السلوك
الشائن و تشكيل رأي عام ضاغط يفضي الى التراجع عنه فانني أدعو الحكومة الى
المبادرة الفورية لإخماد نار الفتنة و إعادة من اقتيدوا وهم ليسوا شركاء في
الجريمة و محاسبة المقتحمين و العمل على تسوية القضية بما يهديء النفوس و يعيد
السكينة الى المجتمع .
رابعا :- أوجه ندائي الى إخوتي و أعزائي في محافظة الأنبار داعيا الى عدم
الإنجرار تحت ضغوط الإنفعال الى مواقف هي في حقيقتها لاتعبر عن الهوية الوطنية
و العروبية التي عرف بها أهل الأنبار . فالدعوة الى تشكيل إقليم أو الى
الإنفصال مضافا الى أنها ضربة لستراتيجية وحدة العراق التي لابد أن نتمسك بها
جميعا و أن لا نتخلى عنها تحت أي ظرف و بفعل أي ضغط , فانها ضربة للأنبار و
مستقبله و مستقبل أجياله الواعدة .
إنني أؤكد لكم من موقع المحبة و الحرص و أداء واجب النصيحة ومن موقع العارف
المطلع أن الدعوة الى الإقليم أو الى الإنفصال ستؤدي الى ضياع الأنبار و أهلها
, و هي تفريط بعمقهم الستراتيجي العراقي , و ليس من الحكمة الإنجرار بفعل ضغوط
المرحلة الى مواقف تطيح بالمستقبل و تتعاكس مع ستراتيجية وحدة العراق , فهناك
مؤشرات و معطيات على وجود مخططات وضعت منذ فترة تستهدف مضافا الى وحدة العراق
الأنبار و المحافظات الغربية , و يراد للمنطقة الغربية أن تكون ضحية لعبة الأمم
و نهبا لقوى و أنظمة دولية و إقليمية .
فحافظوا يا أخوتي على وحدة العراق و واصلوا التمسك بستراتيجية وحدته و لا
تضعفوا أمام ضغوط مرحلة سيتجاوزها العراقيون جميعا إن أفشلوا المخططات التي
تستهدف وحدة العراق أرضا و شعبا .
لقد أراد الأعداء أن تكون جريمة النخيب طعما للفتنة فعلينا أن نسمو على الجراح
متسلحين بالوعي العميق والإرادة التي تمعن بالإصرار على هويتنا العراقية و
ثوابتنا الوطنية لنتجاوز هذه الجريمة بتمسكنا بالأخوة الوطنية و المحبة
الإسلامية و الإنسانية و بقيم النبل العربي .
إنني أقترح على منظمات المجتمع المدني و على العشائر العربية الأصيلة في كل من
الأنبار و كربلاء السعي الى عقد اللقاءات المشتركة في أجواء من الأخوة العربية
و الوطنية و الدينية لتسوية الأزمة و لملمة الجراح و تحكيم الألفة و المحبة بين
المحافظتين الجارين وهو خير سبيل لقهر أعداء العراق و شعبه ولتذهب مخططاتهم
أدراج الرياح و بالله التوفيق .)
السابق