العلامة الشيخ حسين المؤيد يعترض على مقاربة
مجلس النواب العراقي لمسلسل الحسن والحسين عليهما السلام 14/8/2011
في تصريح له
إعترض العلامة الشيخ حسين المؤيد على مقاربة مجلس النواب
العراقي لمسلسل الحسن والحسين عليهما السلام . و فيما يلي نص التصريح :-
( في الوقت
الذي يعاني فيه المجتمع العراقي من أزمات خانقة على صعد عديدة وهو بأمس الحاجة
الى العمل الدؤوب على معالجتها , و في الوقت الذي يتحرك فيه المتربصون و
أذنابهم لأستغلال الأزمات و انعكاساتها للدفع بإتجاه تفكيك العراق و العمل على
تصعيد الشحن الطائفي و تعميق ما أحدثته الطائفية المقيتة من فجوات في المجتمع ,
و في الوقت الذي يعيش فيه الناس أجواء شهر رمضان المبارك الذي يجسد وحدة الأمة
الإسلامية و إجتماعها على ركن عظيم من أركان الإسلام , يزج مجلس النواب العراقي
نفسه في قضية لاتندرج في أولويات المجلس و ما يجب أن يشغل بحق إهتماماته في هذه
المرحلة الحساسة , فيتعاطى مع بث مسلسل الحسن و الحسين عليهما السلام بقرار
سياسي متسرع يفتقد حيثياته الموضوعية و آلياته القانونية و غطاءه الدستوري
فيصوت على منع بث المسلسل بذريعة غير مقنعة.
إننا إذ نسجل إعتراضنا على ما حصل , نريد أن نؤكد على ما يلي :-
أولا :- إن أسلوب المنع و بهذه الطريقة هو من الأساليب التي تجاوزها الزمن في
ظل التطور التقني الهائل و ثورة المعلومات و الإتصالات, الأمر الذي جعل أضرار
هذا الأسلوب أكثر بكثير من فوائده و جدواه , و لم يعد يعبر إلا عن حالة
إنفعالية أو دوافع سياسية أكثر مما هو إجراء عقلاني يتسم بالحكمة .
ثانيا :- إن تصدي مجلس النواب لهذا الأمر بالطريقة و بالملابسات التي أحاطت
بمقاربته سيترك تداعيات سلبية داخل المجتمع العراقي بحيث يكون إثمه أكبر من
نفعه , و يبعث على التقليل من مكانة و شأن و هيبة السلطة التشريعية.
ثالثا :- إن مجرد الإختلاف مع رؤية يعرضها كتاب أو عمل فني لا يسوغ التعاطي
التهميشي و الإلغائي مع ذلك العمل ,فهو مضافا الى أنه أسلوب غير حضاري, فانه لا
ينسجم مع قواعد التعايش بين المكونات و التي تقوم على قبول الآخر و استيعابه و
ضمان حريته في التعبير عن رؤيته,و لا يتسق مع منهجية الديمقراطية في السياسة و
الحكم , و مع جوهر الديمقراطية و روحها التي لابد أن تتجسد في الممارسة
المجتمعية . فالطريقة الصحيحة و الحكيمة هي نقد العمل الفني نقدا موضوعيا بناء
و تقديم مقاربة تعتمد على المقارنة في جو يحفظ للجميع تعايشهم بعيدا عن أجواء
التوتر و الكراهية . إن التعاطي الإلغائي ينطوي على إزدواجية في المعايير و
الممارسة , و يرتد سلبا على فاعليه إذ يؤسس للإلغاء و يؤصله منهجا في تعامل
الأطراف المختلفة مع بعضها البعض فيحطم العيش المشترك و يدمر قيمه و اخلاقيته .
إن مجتمعنا العراقي اليوم بحاجة الى مداواة جراحه و العمل على تسكين النفوس و
إقتلاع سرطان الطائفية الذي يدمر خلاياه الحية و يفسد عيشه الرغيد و يقضي على
روحه الوطنية و حياته الإجتماعية . فلابد من التعاطي مع الأوضاع و القضايا
بمنهجية إستيعابية منفتحة عقلا و قلبا تجعل المجتمع يعيش حريته الفكرية و
التعبيرية في إطار حضاري و مناخ سليم وهو ما يقع على عاتق الجميع لاسيما مجلس
النواب الذي أدعوه الى الأناة و الروية و عدم التمادي في الخطأ, كما أدعو الشعب
العراقي بكل مكوناته الى الإبتعاد التام عن الإنفعالية و عدم الإنجراف في
مستنقع الطائفية وما تسستتبعه من الإحتقان و الكراهية التي لا ينال احدا منها
غير الشر و العدوان و غضب الرحمن و معصيته وشماتة أعداء الدين و الوطن ).
مكتب المرجع
الإسلامي العلامة الشيخ حسين المؤيد
السابق