الامام المؤيد يشارك في ندوة حوار الكترونية
أقامها مركز الدراسات العربي-الاوروبي للإجابة عن السؤال التالي :
هل تثقون بنوايا واشنطن دعم اقامة دولة فلسطينية مستقلة
؟
03/06/2011
شارك سماحة
العلامة الشيخ حسين المؤيد في ندوة حوار الكترونية اقامها مركز
الدراسات العربي-الاوروبي و مقره باريس للإجابة عن السؤال التالي :
هل تثقون بنوايا واشنطن دعم اقامة دولة فلسطينية مستقلة ؟
وقد اجاب سماحته عن السؤال بما يلي :
من الواضح انه لايتسنى لنا معرفة نوايا واشنطن الحقيقية كي ننتقل الى مرحلة
الحكم عليها و الوثوق بها من عدمه ، انما يمكن ان نحكم على سياسات الادارة
الامريكية و تصريحات مؤسساتها و مسؤوليها ، و هذه السياسات و التصريحات يمكن ان
تزيح الستار عن جانب من نوايا واشنطن .
لقد اعلنت الولايات المتحدة الامريكية في عهد الرئيس السابق جورج بوش الابن عن
دعمها لقيام دولة فلسطينية تعيش جنبا الى جنب مع ما يسمى بدولة اسرائيل . وقد
اتى ذلك الاعلان في ظرف إتجهت فيه الادارة الامريكية تحت غطاء الحرب على
الارهاب الى تبني ما أسمته بالفوضى الخلاقة و العمل على إيجاد شرق أوسط جديد ذي
مضمون تقسيمي و تمزيقي لدول و شعوب المنطقة ، و اطلاق العنان لصراع مفتوح سياسي
و اقتصادي و عسكري على العالم العربي و الاسلامي تجلت خطواته الاولى في الحرب
على أفغانستان و العراق و التي انتهت بإحتلال هذين البلدين بما يمثلان من ثقل
في العالمين العربي و الاسلامي ثم العمل على إبتزاز العرب و المسلمين أنظمة و
شعوبا .
و انتهت فترتان رئاسيتان من عهد بوش و لم تخرج الدولة الفلسطينية الى النور على
الرغم من الوعود المتضمنة لمديات زمنية محددة لإعلان الدولة الفلسطينية ، و تم
إشغال الفلسطينيين بمفاوضات فارغة لم تراوح المربع الذي بدأت فيه .و خلال ذلك
كان هناك تأييد و دعم غير محدودين للكيان الصهيوني في مقابل ضغوط هائلة على
الطرف الفلسطيني و استدراج نحو تقديم التنازلات المجحفة واحدة إثر الاخرى ، و
لم تتعامل الادارة الامريكية بإيجابية و جدية مع المبادرة العربية للسلام بل
عملت على تمييعها .
وجائت ادارة اوباما لتسير على الخط نفسه و ها هي تزيح القناع ليظهر الوجه
الحقيقي لها و الذي طالما حاولت تعميته و تمويهه بنفاقها السياسي فوقفت ضد
المصالحة الفلسطينية التي تعطي للموقف الفلسطيني قوة و تماسكا و تجعله أقدر على
دعم حقوق الشعب الفلسطيني ، و دعمت موقف نتنياهو و حكومته القائم على تمييع
القضية الفلسطينية و تضييع الحق الفلسطيني و تفريغ مشروع الدولة الفلسطينية من
محتواه الحقيقي ، و أضافت الادارة الامريكية على ذلك كله موقفا سلبيا معلنا من
ذهاب الفلسطينيين الى الامم المتحدة للحصول على دعمها في اعلان الدولة
الفلسطينية .
اننا نجد من خلال رصدنا للسياسة الامريكية انها تحركت على أساس العمل على
انتزاع التنازلات من الفلسطينيين و العرب و جرهم بالترغيب و الترهيب و تحت
عناوين شتى الى الاستسلام للإرادة الصهيونية و دون تقديم مقابل يذكر في مجال
تأمين الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني و للعرب .
وبناء على ذلك كله كيف يمكن الوثوق بالتصريحات المعلنة للإدارة الامريكية حول
دعم إقامة الدولة الفسطينية ؟ .
ان الولايات المتحدة الامريكية عملت على دعم الصهاينة في اغتصاب فلسطين و إقامة
كيان صهيوني لقيط على أرض فلسطين ، هذا الكيان الذي ما بني الا على قتل
الفلسطينيين و تهجيرهم و سلب أرضهم و احلال أناس غرباء لقطاء في فلسطين و اقامة
كيان صهيوني بالقوة و منع الفلسطينيين من اقامة الدولة الوطنية الفلسطينية على
تراب فلسطين من البحر الى النهر .وكانت تلك السياسة الامريكية عائقا رئيسا أمام
حق الفلسطينيين في اقامة دولتهم الوطنية بعد الاستعمار البريطاني .
ثم دعمت الولايات المتحدة الكيان الصهيوني في سيطرته بالقوة على باقي أجزاء
فلسطين التي احتلها الصهاينة في حزيران 1967 ثم ضمها الكيان الصهيوني اليه و
اعلن القدس عاصمة لهذا الكيان .و وقفت الادارات الامريكية المتعاقبة ضد النضال
العربي و الفلسطيني الرامي الى استرجاع هذه الاراضي التي اجمع العالم كله على
انها أراض محتلة ، و وصمت بالارهاب الكفاح المسلح لتحرير الارض المحتلة و هو حق
مشروع مكفول دوليا ، و ضيقت الخناق على منظمة التحرير الفلسطينية و لم تعترف
بها ممثلا للشعب الفلسطيني حتى أجبرتها على الاعتراف بحق الكيان الصهيوني في
الوجود و القبول بالسلام مع هذا الكيان الغاصب و المجرم دون أن تلزم الصهاينة
بالانسحاب من الاراضي المحتلة سنة 1967 .
ثم تحدثت الولايات المتحدة الامريكية عن دولة فلسطينية ليست على مقاس دول
العالم ، ولاينطبق عليها وصف الدولة في الفكر السياسي و في العرف السياسي ، فهل
هناك دولة في العالم يمكن ان تكون منزوعة السلاح و لاسيادة لها على حدودها و
سمائها ؟ أضف الى ذلك ان واشنطن لاتتحدث و لاتتحرك بإتجاه دولة فلسطينية على
كامل الاراضي المحتلة سنة 1967 و لا تتحدث و لاتتحرك بإتجاه دولة فلسطينية تكون
القدس الشرقية عاصمتها المستقلة .
ان الولايات المتحدة الامريكية تتعامل مع الكيان الصهيوني كربيب لها و وجود
متقدم للغرب في المنطقة العربية و هي لا تستحي من التصريح بأنها تتمثل في كل
سياساتها مصالح الكيان الصهيوني و انها تنطلق في دعمها لهذا الكيان من قيم
مشتركة تجمعها معه ، و قد وقفت عمليا ضد اي تحرك سياسي في مجلس الامن لإدانة
هذا الكيان على جرائمه و تجاوزاته على حقوق الانسان و خروجه على القانون الدولي
، فهل بعد ذلك كله يمكن الوثوق بواشنطن ؟
السابق