الإمام المؤيد يشترك في ندوة الكترونية عقدها المركز
العربي – الأوروبي للدراسات للإجابة عن سؤال : كيف يمكن تحقيق الأمن و
الإستقرار في منطقة الخليج ؟
شارك سماحة العلامة و رئيس التيار
الوطني العراقي العلامة الشيخ حسين المؤيد في ندوة الكترونية عقدها المركز
العربي - الأوروبي للدراسات و مقره باريس للإجابة عن سؤال حيوي هو :
كيف يمكن تحقيق الأمن و الإستقرار في منطقة الخليج ؟
و قد أجاب سماحة الإمام المؤيد على السؤال بما يلي :-
ليس الأمن و الإستقرار في منطقة الخليج العربي بقضية تنحصر بالدول المطلة على
الخليج و الموجودة فيه , كما لا تقتصر على المنطقة و البعد الإقليمي , و انما
هي قضية حيوية على الصعيد الدولي و تشكل مفردة أساسية في الستراتيجيات الدولية
نظراً للأهمية البالغة للخليج كممر مائي دولي ستراتيجي , و نظراً للثروات
الكامنة في الخليج و الدول المطلة عليه و الموجودة فيه لا سيما ثروتي النفط و
الغاز و ضرورتهما الحياتية للعالم , و هما في التقديرات الستراتيجية سلعة
ستراتيجية حيوية في الحرب ضرورية في السلام لازمة للنفوذ العالمي . و الخليج
العربي مصدر أساسي لهذه الثروة و هو على رأس المصادر العالمية للطاقة .
يضاف الى ذلك الأهمية السياسية و الثقافية الدينية بحكم الموقع الجغرافي لدول
الخليج العربي , و التأثيرات السياسية و الثقافية و الدينية و العمق التاريخي
لبعض هذه الدول الأمر الذي ينعكس على قضايا حساسة ذات بعد اقليمي و دولي منها
القضية الفلسطينية و أفغانستان و الإرهاب و لبنان و اليمن , مضافاً الى قضايا
من قبيل النقد و التسلح و الإستثمار . أضف الى ذلك البعد الإقتصادي من حيث كون
منطقة الخليج محطة مالية عالمية بحكم الثروة المالية و ما لهذه الثروة من آثار
على كافة الأصعدة .
إن هذه العوامل في الوقت الذي تكشف حجم أهمية الأمن و الإستقرار في الخليج
العربي فانها تتحكم في الخط البياني للأمن و الإستقرار فيه سلباً و ايجاباً و
تجعله عرضة للتحديات و ساحة للتجاذبات .
و المشكلة الجوهرية في نظري تكمن في أن معادلة الأمن و الإستقرار في الخليج و
بحسب طبيعة الظروف و الأوضاع الداخلية و الخارجية هي معادلة متعددة الأطراف
بمعنى أن صياغة هذه المعادلة ليست بيد طرف معين لوحده و انما تتظافر عليها
أطراف إقليمية و دولية و بالتالي فهي خاضعة لأرادات متعددة , و هذه الإرادات
خاضعة بدورها لتقلبات و مصالح تصل الى حد التصارع و التضارب الأمر الذي يجعل
معادلة الأمن و الإستقرار في الخليج معادلة معقدة و لا يمكن أن تنجو من
الإضطراب . و هي معادلة غير ثابتة و انما ترتبط بالمتغيرات و التي تمس حتى
قواعد اللعبة . و من الواضح أن معادلة الأمن و الإستقرار في الخليج ابان الحرب
الباردة قد طرأ عليها التبدل بعد سقوط الإتحاد السوفيتي و دخول العالم في مرحلة
القطب الواحد و ما يسمى بالنظام العالمي الجديد الأمر الذي أحدث تداعيات
شهدناها في منطقة الخليج , هذا على المستوى الدولي . و على المستوى الإقليمي و
الخليجي فإن المتغيرات التي حصلت بعد سقوط الشاه و قيام الثورة في ايران و
السياسة الخارجية التي انتهجها النظام الإيراني بعد الثورة كان لها تأثير كبير
على معادلة الأمن و الإستقرار في الخليج العربي , و قد تغيرت العديد من عناصر
المعادلة , فعلى سبيل المثال كانت السعودية و إيران تشكلان ما سمي في حينها
بالعمودين المتوازيين " twin pillars " . و اعتقد أن معادلة الأمن و الإستقرار
في الخليج العربي ستبقى عرضة للتأرجح و تأثير المتغيرات سواء باتجاه التصعيد أو
التهدئة , فإشتعال حرب على ايران بسبب الملف النووي مثلاً سيضرب الأمن و
الإستقرار في الخليج , كما أن توصل ايران و الولايات المتحدة الأمريكية الى
صفقة سيؤثر على التوازنات و الأدوار و السياسات لا سيما فيما يتصل بالدول
العربية الخليجية . و مع ذلك كله يمكن ذكر أهم العوامل المؤثرة في تحقيق الأمن
و الإستقرار في الخليج العربي فيما يلي :-
1. محافظة الدول العربية الخليجية على تماسكها و العلاقات المميزة فيما بينها ,
و الحفاظ على مجلس التعاون لدول الخليج العربية و تقويته و تطويره , فهو منظومة
العمل العربي الخليجي و إطاره الأساسي .
2. القضاء على التطرف و الإرهاب و العمل على تلاشي القاعدة الفكرية للتطرف و
الإرهاب .
3. ضمن الحفاظ على التعددية في المجتمعات الخليجية لا بد من تقنين ذلك بشكل
محنك لا يسمح للتأثيرات الخارجية في تحريك تيارات داخلية تزعزع الأمن و
الإستقرار في دول الخليج العربي .
4. العمل على خلو منطقة الخليج من أسلحة الدمار الشامل .
5. إيجاد أجواء سياسية و تنمية في الدول العربية للخليج توازن بين الأنماط
الإجتماعية للمجتمعات الخليجية العربية و المعطيات الحديثة .
6. تقوية الوضع العربي و العمل العربي المشترك فكلما كان العمل العربي المشترك
أكثر قوة كلما أثر ذلك في أمن و إستقرار الخليج العربي .
7. إهتمام الدول العربية الخليجية بالتحالفات الإقليمية المنسجمة مع التوجهات
العربية كالتحالف مع تركيا و باكستان و الهند و دول الحزام الإفريقي .
8. الإستفادة من العامل الدولي بشكل متوازن لا يؤدي الى زعزعة السيادة و
الإستقلال لدول الخليج العربية , و العمل على ايجاد التوزان في إستثمار العامل
الدولي من خلال العلاقة مع الإتحاد الأوروبي و الصين و روسيا .
9. اتباع سياسة محنكة ازاء ايران تجمع بين اللين و المرونة في إطار بناء علاقات
صداقة و حسن جوار في ضوء القواعد المعمول بها في العلاقات الدولية , و الحزم و
التشدد ازاء سياسات الإستعلاء و الإستبداد و التدخل في الشؤون الداخلية و ما
يتصل بالأمن الوطني لكل من دول الخليج العربية و الأمن القومي العربي الخليجي ,
و الأمن القومي العربي .
السابق