الرئيسية شذرات الفتاوى الأسئلة والاستفتاءات المقالات الأبحاث والدراسات المحاضرات البيانات مشروع الميثاق الوطني اللقاءات الإعلامية السيرة الذاتية الصور الأسئلة والاستفتاءات
جواب سؤال عن إرث الزوجة من الأراضي والأموال الغير المنقولة
السؤال:
أفتيتم بان الزوجة ترث زوجها من الأراضي والأموال الغير المنقولة، وخالفتم في هذه الفتوى إجماع فقهاء الإمامية وتفردتم بهذه الفتوى فما هو دليلكم على هذا الحكم في إطار منهج الإستنباط عند الإمامية؟
الجواب:
إنّ الإستدلال على الفتوى التي ذهبنا إليها يحتاج إلى رسالة مفصلة مبسوطة ليس هذا محلها، لكننا نذكر زبدة الإستدلال على هذه الفتوى الثابتة عندي بوضوح تام لا شبهة فيه وإن خالفت ما هو معروف عند فقهاء الإمامية.
ويمكن تلخيص ذلك في النقاط التالية :-
1. إنّ آية توريث الزوجة ظاهرة في إرثها من كل التركة سواءً أكانت منقولة أم غير منقولة ذلك أن إضافة الربع أو الثمن إلى التركة - إذا نظر إليها لحالها أو في مجموع الحصص المضافة إلى التركة - تعطي ظهوراً في إرادة كل التركة، وهذا ظهور عرفي يعززه تذييل هذه الإضافة بقوله تعالى: { مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 11] فانّ ذلك يكوّن ظهوراً في أن الكلام هو عن مجموع التركة. وبعبارة أخرى لا يصح إضافة الحصة إلى التركة بناء على حرمانها من بعضها إذ أنها لن تأخذ لو حرمت ربع التركة وهذا واضح.
2. إن الروايات الدالة على حرمان الزوجة من إرث الأراضي والأموال الغير المنقولة سواء ما كان منها مطلقاً أو ما كان متضمناً للتفصيل مخدوشة في نفسها بحيث لا يصح جعلها مستنداً لحكم شرعي. ولنا أدلة وقرائن قوية تدلل على سقوط هذه الروايات عن الحجية.
3. لو فرضنا حجية هذه الروايات في حد نفسها فانها معارضة بما دل على عدم حرمان الزوجة، وهذا التعارض تعارض مستقر لا مجال فيه للجمع العرفي. والترجيح يكون للروايات الدالة على عدم الحرمان لموافقتها للكتاب المجيد، فتسقط روايات الحرمان بذلك.
4. إن محاولة الجمع بين المتعارضين بحرمان الزوجة من غير المنقول عيناً وعدم حرمانها قيمة هي محاولة فاشلة من الناحية الفنية.
5. ليس هناك اجماع تام يصح التمسك به على الحكم بحرمان الزوجة من إرث الأراضي والأموال الغير المنقولة، ولا يوجد تسالم على هذا الحكم، وهناك شواهد على عدم وجود التسالم على الحكم بالحرمان. فلا يصح أن يقال إن الفتوى بعدم الحرمان تصطدم بالتسالم الفقهي على عدم الإرث أو تصطدم بالإجماع.
ومن شواهد عدم التسالم:
عدم وجود ما يدل على ثبوت ارتكاز متشرعي عام في زمن الأئمة على الحرمان.
الرواية التي يرد فيها الإمام على ما أبداه السائل من فهمه لحرمان الزوجة فهذه الرواية بنفسها تفند الفكرة وحيث أن ما أبداه السائل لا بد أن يكون مستنداً إلى شيء سمعه من منقول وروايات فالردع فيه ابطال للمنقول.
ذهاب ابن الجنيد إلى عدم الحرمان يدلل على أن الحرمان غير متسالم عليه في زمانه.
كلام السيد المرتضى في الذريعة بتنظير القضية بالحبوة يشير إلى أنه لا يوجد تسالم على الحكم.
إختلاف الفقهاء في استدلالاتهم ناشيء من الروايات دون استناده إلى التسالم.
ألسنة الروايات هي ألسنة أسئلة عن أصل الحكم مما يدلل على عدم وجود ارتكاز مسبق أو تسالم على أصل الحكم.
6. إن الحكم بعدم التوريث لو كان ثابتاً لعرف ذلك منذ زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولذهب إليه على الأقل عدد من الصحابة والتابعين وفقهاء المذاهب ولا يوجد مانع من بيان هذا الحكم أو تأجيله ليظهر فيما بعد، ولعرف عن فقهاء أهل البيت عليهم السلام كالإمام زيد مع أنه لا أثر لهذا على الإطلاق والمسألة من المسائل الإبتلائية العامة مما يضعف الروايات الواردة في المنع ويمنع من الفتوى على طبقها ويوجب التوقف فيها.
ودعوى كون الحكم تشريعاً متأخراً من بعض أئمة آل البيت عليهم السلام تردها بعض روايات الباب مضافاً إلى أن الصحيح أن الأئمة ليس بيدهم التشريع وليسوا مشرعين، فالتشريع من مختصات النبوة وينتهي بإنتهاء النبوة وانقطاع الوحي، وروايات تفويض التشريع إلى الأئمة مردودة وباطلة ومخالفة للقرآن الكريم وهي من وضع الغلاة. هذا وحمل روايات عدم الحرمان من الإرث على التقية مردود في نفسه، إذ عدم التقية في هذا المورد ليس بأكثر من عدم التقية في اعلان بطلان العول والتعصيب علماً بأن فكرة التقية في الأحكام محل مناقشة عندنا.
ومما تقدم تتضح مجموعة من القرائن التي توجب رد روايات حرمان الزوجة من إرث الأراضي والأموال الغير المنقولة وهي :-
1. إن الحكم بالحرمان لو كان ثابتاً لظهر وبان خاصة والمسألة ابتلائية مع أن الحكم الذي ظهر هو الحكم بعدم الحرمان.
2. التعليل الوارد في بعض روايات الحرمان تعليل سقيم يسقطها متناً.
3. مخالفة هذه الروايات لظاهر آية التوريث في القرآن الكريم.
4. الروايات المعارضة لروايات الحرمان فيها تفنيد لقضية الحرمان وتستبطن إبطالاً للمنقول في مجال الحرمان.
هذه اشارة إلى الإطار الإستدلالي الذي جعلنا نذهب إلى عدم حرمان الزوجة من إرث الأراضي والأموال غير المنقولة فالصحيح أنها ترث من زوجها حصتها من كامل تركته.
البريد الالكتروني
[email protected]جميع الحقوق © محفوظة للمنتدى العلمي
مكتب سماحة الإمام الشيخ حسين المؤيد