الرئيسية شذرات الفتاوى الأسئلة والاستفتاءات المقالات الأبحاث والدراسات المحاضرات البيانات مشروع الميثاق الوطني اللقاءات الإعلامية السيرة الذاتية الصور الأسئلة والاستفتاءات
جواب سؤال حول القانون الأفغاني بخصوص المرأة
السؤال:
ما هو رأيكم بالقانون الافغاني الجديد الذي هو فكرة آية الله محمد آصف محسني والذي يجيز للزوج إكراه زوجته لإقامة المعاشرة الجنسية وحتى قطع الطعام عنها إذا خالفته في ذلك.
الجواب:
في مقام الإجابة على هذا السؤال يمكن تسليط الضوء على القضية المذكورة فيه من خلال النقاط التالية -:
النقطة الأولى: - يجب على الزوجة تمكين زوجها من جماعها ومن سائر الاستمتاعات المحللة معها إذا طلب منها ذلك. ويعد التمكين هذا حقا ثابتا من حقوق الزوج على الزوجة، وقد نص عليه الشرع الحنيف واتفقت عليه فتاوى علماء الإسلام.
ومن الواضح إن من أهم مقاصد العلاقة الزوجية تحصين الرجل والمرأة من الوقوع في المحرمات، وإشباع الغريزة الجنسية من خلال العلاقة الزوجية. قال تعالى: { وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ} [المؤمنون: 5-7] ومن هنا كان الواجب على المرأة تمكين زوجها من الممارسة الجنسية أداء لحقه ووفاء بأحد أهم مقاصد الزواج، وقد دلت على ذلك الأحاديث النبوية الشريفة التي يستفاد منها حرمة امتناع الزوجة من التمكين، ففي صحيح البخاري، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي (ص) قال: (إذا دعا رجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح)، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص): (والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشها فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى يرضى عنها). وفي سنن ابن ماجة رواية عبد الله بن أبي أوفى عن رسول الله (ص) (والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها ولو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه). ومن طرق الإمامية وردت معتبرة محمد بن مسلم عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: (جاءت امرأة إلى النبي (ص) فقالت: يا رسول الله ما حق الزوج على المرأة فقال لها: أن تطيعه ولا تعصيه ولا تصدق من بيته إلا بإذنه ولا تصوم تطوعا إلا بإذنه ولا تخرج من بيته إلا بإذنه ولا تمنعه نفسها وان كانت على ظهر قتب). وفي معتبرة أبي بصير عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: قال النبي (ص): (لا تطولن صلاتكن لتمنعن أزواجكن). بل ورد ما يدل على حرمة التسويف في التمكين ففي معتبرة ضريس الكناسي عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: إن امرأة أتت رسول الله (ص) لبعض الحاجة فقال لها لعلك من المسوفات، قالت وما المسوفات يا رسول الله؟ قال: المرأة يدعوها زوجها لبعض الحاجة فلا تزال تسوفه حتى ينعس زوجها فينام فتلك التي لا تزال الملائكة تلعنها حتى يستيقظ زوجها. وكذلك الأمر بالنسبة للزوج حيث يجب عليه إشباع زوجته جنسيا وهو حق للزوجة على زوجها ويدخل في وجوب المعاشرة بالمعروف وكذلك في قوله تعالى: { وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228].
النقطة الثانية: - إن وجوب التمكين يسقط عن الزوجة في الحالات الاستثنائية التي تعد الزوجة فيها معذورة شرعاً، نظير حالات الضرر سواء أكان ضرراً جسدياً أو نفسياً، وكذلك حالات العسر والحرج فان الحرج والمشقة يرفعان التكليف، قال تعالى: { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78].
وقال تعالى: { يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185] .
بل يعم الحكم حالات الاضطرار الأعم من الحرج والضرر لقوله (ص) (رفع عن أمتي ما اضطروا إليه).
ولا يحق للزوج إجبار زوجته على الممارسة إذا كان فيها ضرر أو حرج ويحرم إكراهها ولا يسقط بامتناعها في هذه الحالات أي حق من حقوقها.
النقطة الثالثة: - لو امتنعت الزوجة عن التمكين دون عذر شرعي يوجب سقوط الحكم بوجوب التمكين عنها فمضافا إلى إنها تعد آثمة شرعا ومرتكبة للحرام فانها كذلك تعد شرعا ناشزة ومتعدية لحدود الله تعالى ومقصرة في أداء حق زوجها. والحقيقة إن هذا النشوز يكشف عن حالة غير سوية في الزوجة، فان الزوجة في الحالات الاعتيادية وحينما لا يكون هناك ضرر أو حرج لا تتمرد على زوجها، فإذا وقع منها التمرد كشف عن وضع غير سوي وغير أخلاقي في الحياة الزوجية، وقد يكشف عن وضع غير طبيعي في العلاقة الزوجية. وفي هذه الحالة تنطبق أحكام النشوز على المرأة والتي ذكرها الفقهاء وبعضها محل إجماع والبعض الآخر محل خلاف. وأريد ان أتعرض هنا وبإيجاز لأهم هذه الأحكام وما له علاقة بموضع السؤال وبما يعبر عما أفتي به في هذه المسألة -:
1: ذكر القرآن الكريم تعليماً شرعياً لسلوك الزوج في معالجة نشوز زوجته قال تعالى: {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً [النساء : 34].
وتتضمن هذه الآية الكريمة مجموعة من الأحكام الشرعية ليس هنا مجال الحديث عنها.، لكنني أريد أن أركز على الأمور التالية في ما أراه في فقه الآية الكريمة -:
أ: إن الإجراءات المذكورة في الآية الكريمة إنما هي على سبيل الترتيب والتدرج.
ب: إن الضرب الوارد في الآية الكريمة إنما هو الضرب التأديبي وليس الضرب الانتقامي وبالتالي يقتصر فيه على المورد المباح شرعاً والمذكور في الفقه.
جـــــ: إن الضرب إنما يجوز في حال احتمال التأثير احتمالاً معتداً به، وأما إذا حصل اليقين أو الاطمئنان بعدم تأثير الضرب أو بمردوده العكسي فلا يجوز حينئذ لأنه يخرج عن دائرة التأديب.
د: لا يجوز للزوج اتخاذ أي إجراء آخر قبل استكمال الإجراءات المذكورة في الآية الكريمة عملا بقوله تعالى في ذيل الآية الكريمة: {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً} [النساء : 34]. حيث يستفاد من الآية الكريمة أن جواز طلب سبيل آخر منوط بعدم تحقق الطاعة من خلال الأمور المذكورة في الآية الكريمة. وعليه لو قيل بجواز قطع النفقة عنها أو بجواز إجبارها على التمكين فان ذلك إنما يكون في حال عدم تحقق الطاعة من خلال الوعظ ثم الهجر ثم الضرب، ولا يجوز قبل استكمال هذه الأمور الثلاثة.
2: - أفتى معظم الفقهاء على تنوع مذاهبهم بعدم استحقاق الزوجة الناشز للنفقة، فإذا امتنعت عن التمكين من دون عذر شرعي سقطت نفقتها وكان للزوج عدم الإنفاق عليها.
والذي أذهب إليه هو عدم سقوط النفقة عنها بالنشوز عملاً باطلاقات أدلة وجوب الإنفاق على الزوجة ولا يوجد دليل تام على التقييد. نعم يستثنى من ذلك ما لو خرجت من بيت زوجها دون إذنه ففي هذه الحالة دل الدليل على عدم استحقاقها للنفقة حتى ترجع، ولا مجال لتسرية الحكم إلى حالات النشوز الأخرى لاحتمال الفرق فيقتصر على مورد النص، والقول بأن استحقاق الزوجة للنفقة إنما هو مقابل التمكين غير صحيح ومورد للمناقشة.
3: ذهب كثير من الفقهاء إلى جواز إجبار الزوجة على التمكين. والذي أذهب إليه هو عدم جواز إكراهها على ذلك لإطلاق وجوب معاشرتها بالمعروف المستفاد من قوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } [النساء: 19] وهذا الإطلاق يفيد عدم جواز إجبارها على الممارسة لأن الإكراه عليها خروج عن المعاشرة بالمعروف.
4: في حال عدم انصياع الزوجة واستمرارها على النشوز والعصيان مع سلوك الزوج للأمور المذكورة في الآية الكريمة من الوعظ والهجر والضرب يكون المورد من موارد الشقاق والمخاصمة الذي تتبع فيه أحكام الشقاق وفصل الخصومة.
5: ما أشير إليه في السؤال من جواز قطع الطعام عن الزوجة الناشز إن أريد به جواز قطع النفقة فقد ذكرنا أننا لا نرى ذلك، وإن أريد به جواز معاقبتها بمنعها من تناول الطعام مطلقا، فالصحيح أن هذا العمل حرام ويأثم الزوج على ارتكابه. هذا وقد عرفت أن الصحيح عدم جواز إجبارها على الممارسة الجنسية.
البريد الالكتروني
[email protected]جميع الحقوق © محفوظة للمنتدى العلمي
مكتب سماحة الإمام الشيخ حسين المؤيد