الرئيسية شذرات الفتاوى الأسئلة والاستفتاءات المقالات الأبحاث والدراسات المحاضرات البيانات مشروع الميثاق الوطني اللقاءات الإعلامية السيرة الذاتية الصور
 

الأسئلة والاستفتاءات

جواب سؤال عن الدليل على نجاسة الكلب

السؤال:
ما هو الدليل على نجاسة الكلب؟
 

الجواب:
إنّ المتتبع فيما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هذا المجال لا يجد سوى الأمر بإراقة ما ولغ فيه الكلب وغسل الأناء، فقد ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم قوله: إذا ولغ الكلب في اناء احدكم فليرقه ثم ليغسله سبع مرات، وورد عنه قوله صلى الله عليه وآله وسلم : طهور اناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب.
ولم يرد أي خبر يرتبط بغسل ما يلاقيه الكلب بجسده أو حتى بلسانه وفمه من ثياب أو فرش أو بسط أو بدن الإنسان وما شاكل مع عموم الابتلاء بذلك لا سيما في ذلك الوقت، مضافاً إلى أن الآثار الواردة عن الصحابة خالية مما عدا محذور ولوغ الكلب في الإناء أو المياه، مما يدلل على اقتصارهم على المقدار الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بشأن ولوغ الكلب.
بل الملاحظ أن بعض الروايات تشير إلى عدم المحذور في غير الولوغ وعدم وجود حكم خارج إطار ولوغ الكلب في الماء والاناء.
فعن ابن عباس أن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أصبح ذات يوم وهو واجم ينكر ما يرى منه فسألته عما أنكرت منه فقال لها: وعدني جبريل أن يلقاني الليلة فلم أره أما والله ما أخلفني قالت ميمونة وكان في بيتي جرو كلب تحت نضد لنا فأخرجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم نضح مكانه بالماء بيده فلما كان الليل لقيه جبريل فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعدتني ثم لم أرك فقال جبريل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انا لا ندخل بيتاً فيه صورة ولا كلب.
فهذه الرواية تدل على عدم وجود محذور النجاسة فالجرو كان موجوداً في بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يخرجه لنجاسته ولم يقم الا بنضح مكانه ولو كان نجساً ومنجساً للمكان لم يكف النضح.
وعن عبد الله بن عمر: كنت أبيت في المسجد في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكنت فتى شاباًعزباً وكانت الكلاب تبول وتقبل وتدبر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يكونوا يرشون شيئاً من ذلك.
وقد فُهم من الرواية أن الكلاب كانت تبول خارج المسجد لأن من المسلّم به نجاسة بولها فكيف لا يطهر مكانه في المسجد لكن المقصود أن المسجد لم يرش من ملاقاة أرضه للكلاب وهو مؤشر على ما ذكرناه.
وفي رواية عبد الله بن مغفل رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمر بقتل الكلاب ثم قال: ما لهم ولها فرخص في كلب الصيد وفي كلب الغنم وقال: إذا ولغ الكلب في الاناء فاغسلوه سبع مرار والثامنة عفروه بالتراب.
وهذه الرواية ظاهرة في اقتصار المحذور على الولوغ، فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن رخص في اقتناء كلب الصيد وكلب الغنم نبه إلى قضية الولوغ كمحذور شرعي وبيّن ما يجب أن يُعمل إذا ولغ الكلب في الاناء ولم يذكر صلى الله عليه وآله وسلم محذوراً آخر، مع أن في اقتناء كلب الصيد وكلب الغنم ما يجعل الناس في معرض الملاقاة بأبدانهم وثيابهم ومتاعهم وما شاكل. فهذه الرواية ظاهرة في أن المحذور إنما هو في الولوغ لا غير.
ومن ثم يمكن القول بأنّ القول بنجاسة الكلب بكل أجزاءه ليس له مستند شرعي معتبر ولهذا ذهب بعض الفقهاء إلى نجاسة لعاب الكلب أو لسانه. ولكن ربما يقال أنّ التبعيض في النجاسة لبدن الحي مما لا يعرف فقهياً ولعله غير محتمل فقهياً أيضاً ويأباه الذوق الفقهي.
واستدل بعض الفقهاء ببعض روايات الولوغ على النجاسة إما بلحاظ الأمر باراقة الماء وأنه لا وجه له سوى نجاسته، أو التعبير الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «طهور إناء أحدكم» بتقريب أن كون الغسل طهوراً يقتضي تنجس الاناء وهو لم يتنجس إلا بتنجس الماء.
ويمكن الجواب على ذلك بأن مورد الرواية هو الولوغ وهو الشرب بطرف اللسان، ومن الواضح أن مورد الرواية لا يشمل صورة ملاقاة الماء في الاناء لفم الكلب من دون ولوغ، فلو كان الكلب نجساً للزم إراقة الماء وغسل الاناء من ملاقاة فمه له ولو من دون ولوغ، فتعليق الحكم على الولوغ فقط يكشف عن عدم كون المحذور هو النجاسة العينية للكلب. مضافاً إلى ما ذكرناه سالفاً من أن الاقتصار على الولوغ دون سائر أنحاء الملاقاة مع عموم الابتلاء بها يدلل على عدم كون المحذور هو النجاسة، فالأقرب حمل الاراقة والغسل على قضية تعبدية، لكنها يمكن أن ترتبط بالنظافة والتنزه ورفع الحزازة النفسية مما اقتضى الأمر بالاراقة واستعمال لفظ الطهور دون إرادة النجاسة بمعناها الاصطلاحي الاعتباري.
فان قيل:- ان لفظ الطهور في كلام الشارع ينصرف إلى الموضوع الشرعي.
قلنا:- هذا صحيح ما لم تقم قرينة على صرفه عنه وفيما تقدم مما ذكرناه قرائن ومؤشرات على صرف اللفظ عن الموضوع الشرعي أو إجماله على الأقل.
وهكذا يتضح أن ما ورد بشأن الولوغ لا يصح أن يكون قاطعاً لأصل الطهارة.

الفهرست || الأسئلة الفقهية

السابق

Twitter Facebook قناة الشيخ حسين المؤيد في اليوتيوب google + البريد الالكتروني
[email protected]

جميع الحقوق © محفوظة للمنتدى العلمي
مكتب سماحة الإمام الشيخ حسين المؤيد

www.almoaiyad.com