الرئيسية شذرات الفتاوى الأسئلة والاستفتاءات المقالات الأبحاث والدراسات المحاضرات البيانات مشروع الميثاق الوطني اللقاءات الإعلامية السيرة الذاتية الصور الأسئلة والاستفتاءات
جواب سؤال عن صلاة التسبيح
سماحة الشيخ حفظكم الله.
السؤال:
أود الاستفسار عن صلاة التسابيح ما هو ثوابها وحكمها.
أدامكم الله للإسلام والمسلمين.
الجواب:
تسمى هذه الصلاة صلاة التسبيح، وقد تسمى أيضاً صلاة التسابيح، وأحاديثها مروية في الجوامع الحديثية عند السنة والشيعة على السواء، ولم أقف على خلاف بين فقهاء الشيعة في مشروعيتها واستحبابها. وأما علماء أهل السنة فقد ذهب جمهور المحققين منهم إلى مشروعيتها واستحبابها، حتى نقل عن بعضهم قوله: «لا يسمع بفضلها ويتركها إلا متهاون في الدين»، وقد خالفهم عدة محدودة من العلماء فذهبوا إما إلى نفي استحبابها أو نفي مشروعيتها. والصحيح الذي نفتي به هو مشروعيتها واستحبابها، وليس هنا محل البحث التفصيلي الاستدلالي ولكننا نذكر شيئاً مقتضبا يمكن أن يسلط الضوء على القضية من خلال النقاط التالية: -
النقطة الأولى: - إن حديث صلاة التسبيح حديث معتبر ثابت بطرق معتبرة، فقد روي في مجاميع الحديث الشيعية بعدة طرق بعضها معتبر سندا، كما ورد في مجاميع الحديث السنية بطرق كثيرة وهذه الطرق وإن كان في أكثرها ضعف في السند إلا أن منها ما هو معتبر سندا. ولهذا صحح جمع من كبار علماء الحديث والفقه عند أهل السنة هذا الحديث ومن لم يدرجه في الصحيح أدرجه في الحسن.
وقد تطرف من أعتبر أحاديث صلاة التسبيح موضوعة مكذوبة إذ أنه لا يملك أي دليل وجيه على الوضع في جميعها، ومجرد وجود الضعف في بعض طرقها بل في كل طرقها «لو فرض ذلك» لا يدل على الوضع، فضعف الطريق لا يستلزم الوضع بالضرورة.
النقطة الثانية: - إن النقود التي سجلها القائلون بعدم المشروعية غير صحيحة، وأهمها: -
1 - إن هيئة صلاة التسبيح مخالفة لسائر الصلوات. وهذا الإشكال مردود بأن المقصود إن كان أن هيئتها مختلفة اختلافاً كلياً مع هيئة سائر الصلوات فهذا غير صحيح لأنها تشترك مع سائر الصلوات في الهيئة العامة فهي تبدأ بالتكبير وتنتهي بالتسليم وفيها القراءة والركوع والسجود والتشهد، وإن كان المقصود أنها تختلف جزئياً باعتبار ورود التسبيحات فيها فهذا لا يضرها، لأن الاختلاف الجزئي حاصل في مثل صلاة الكسوف وصلاة الاستسقاء وصلاة العيد وهو أظهر في صلاة الجنازة، والصلاة عبادة توقيفية تؤخذ من الشارع وهو الذي يحدد الكيفية الخاصة بالصلوات وإن لم تتشابه.
2 - إنها تخالف السنة الثابتة عن النبي (ص) في أن التسبيحات إنما تكون بعد الصلاة لا داخلها. وهذه الملاحظة مردودة أيضاً فإن الصلاة كما ذكرنا عبادة توقيفية تؤخذ من الشارع، فإذا ورد التسبيح في داخل الصلاة في بعض الصلوات فلا بد من الأخذ بذلك تعبدا. والسنة الثابتة في أن التسبيحات لا تكون في داخل الصلاة إنما هي بالنسبة لسائر الصلوات ولا يدل ذلك على امتناع أن تدخل التسبيحات في داخل صلاة خاصة إذا ورد النص بذلك.
3 - إنها مخالفة للأصول حيث لا قعدة طويلة بعد السجدة الثانية. وهذه الملاحظة مردودة أيضاً بما ذكرناه بالرد على الملاحظة السابقة.
4 - إن هذه الصلاة لو كانت مشروعة لنقلت إلى الأمة نقلا لا ريب فيه وإشتهرت بينهم لعظم فائدتها وخروجها عن جنس الصلوات، فلما كانت عظيمة الفائدة وخارجة عن جنس الصلوات ولم تشتهر ولم تنقل علم أنه لا أصل لها، لأن ما خرج عن نظائره وعظمت فائدته فإن الناس يهتمون به وينقلونه ويشيع بينهم شيوعاً ظاهراً، فلما لم يكن هذا حال هذه الصلاة علم أنها لا أصل لها. ويرد هذا الإشكال:
أ - إن هذه الصلاة وإن كانت مستحبة وندب إليها إلا أنها لم تجعل في عداد السنن والرواتب ولهذا لم تشتهر اشتهار تلكم السنن، وهذا حال كثير من المستحبات فإنها مع ورودها بطرق معتبرة وعظم فائدتها إلا أنها لم تشتهر شهرة في النقل أو في العمل مع أن ذلك لا يطعن في استحبابها.
ب - إنها كصلاة مستحبة لم تكن شاذة لا في النقل ولا في العمل، أما في النقل فقد وردت بطرق كثيرة حتى قال ابن عابدين فيما نقل عنه «وحديثها حسن لكثرة طرقه» وقال بعض أعلام أهل السنة: ورد حديث صلاة التسبيح من حديث العباس ابن عبد المطلب وابنه الفضل وأبي رافع وعبد الله ابن عمر وعبد الله ابن عمرو وعلي ابن أبي طالب وجعفر ابن أبي طالب وابنه عبد الله وأم سلمة والأنصاري.
وأقول، من نظر في نقل حديث صلاة التسبيح لوجد نقله مستفيضا في كل طبقة من الطبقات ولهذا أخطأ من وصف بعض طرق الحديث بالتفرد. وأما عملا فقد قال البيهقي فيما نقل عنه «وتداولها الصالحون بعضهم عن بعض». ومن حيث الفتوى فقد ذهب جمهور العلماء إلى مشروعيتها واستحبابها والمخالف لهم عدة محدودة. ونقل عن الديلمي في مسند الفردوس «صلاة التسبيح أشهر الصلوات وأصحها إسنادا». وهكذا يتضح أن النقود التي ذكرت في مشروعية صلاة التسبيح غير ناهضة.
النقطة الثالثة: - لو فرضنا فرضاً أن الطرق التي نقلت حديث صلاة التسبيح ضعيفة إلا أن العمل بفضائل الأعمال وإن رويت بطرق ضعيفة جائز لا بنية ثبوتها واستحبابها وإنما بنية احتمال مطلوبيتها ورجاء درك فضلها وثوابها فيكون الإتيان بصلاة التسبيح لو فرض ضعف طرق روايتها جائزا بهذا العنوان.
هذا. وأما ثوابها فرواياتها ذكرت لها فضلاً كبيراً وثواباً عظيماً وأهم أثر لها هو أنها سبب لغفران الذنوب مهما كثرت ومهما عظمت، وكفاها بذلك منزلة وفضلا فلا يتهاون مسلم حريص على محو سيئاته والتخلص من أثقال ذنوبه في القيام بهذا العمل لتحقيق ذلك.
وأما كيفيتها فهي أربع ركعات الأحوط أن تصلى كل ركعتين على حدة بالتشهد والتسليم، ويقرأ في كل ركعة الفاتحة وسورة ثم يقول بعد القراءة خمس عشرة مرة سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، ثم يركع وبعد أن يتم أذكار الركوع يقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر عشر مرات، ثم يرفع رأسه من الركوع ويقولها أيضاً عشر مرات، ثم يسجد ويقولها بعد أن يتم أذكار السجود عشر مرات، ثم يقعد من السجود ويقولها عشر مرات، ثم يسجد ويقولها عشر مرات، ثم يقعد ويقولها عشر مرات، وهكذا يعمل في كل ركعة. وللمصلي أن يصليها في أي وقت إن شاء ليلاً وإن شاء نهاراً.
وبالله التوفيق.
البريد الالكتروني
[email protected]جميع الحقوق © محفوظة للمنتدى العلمي
مكتب سماحة الإمام الشيخ حسين المؤيد