الرئيسية شذرات الفتاوى الأسئلة والاستفتاءات المقالات الأبحاث والدراسات المحاضرات البيانات مشروع الميثاق الوطني اللقاءات الإعلامية السيرة الذاتية الصور الأسئلة والاستفتاءات
قول عليه السلام والترضي عند ذكر آل البيت والصحابة
السؤال:
أنا مواطنة عراقية من سكنة الأعظمية وأنا الآن خارج القطر كان لي الشرف بالأطلاع على موقعكم والأطلاع على منهاجكم الذي يدل على الروح الإسلامية الأصيلة والوسطية الدينية من دون تحيز أو تعصب وكذلك من خلال المقابلات في القنوات الفضائية فأحببت ان أوجه إليكم باستفساري المتعلق بهل يجوز شرعاً ان نقول عن الصحابة وآل البيت عليهم السلام أو أن نقول رضي الله عنهم ؟
وأرجو متفضلين إجابتكم على هذا الأستفسار.
وأدامكم الله للإسلام والمسلمين.
الجواب:
نقدر تطلعكم الثقافي ووعيكم وإحساسكم بالمسؤولية، ونشكر تعاطفكم مع منهجنا الوحدوي الذي يحقق الألفة والتماسك بين المسلمين ويشدهم إلى الكتاب والسنة، وهو منهج رسول الله الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم والسلف الصالح من آل البيت الكرام والصحابة الأجلاء والتابعين لهم بإحسان.
وأما سؤالكم فيمكن بيان زبدة الجواب عليه بالنقاط التالية: -
أولاً: - إن صيغة الترضي لما كانت عبارة عن الدعاء جاز استعمالها من حيث المبدأ في حق كل مسلم فضلاً عن مثل آل البيت والصحابة، فيجوز الدعاء لهم بالرضا من الله عز وجل . وكذلك السلام الذي يعني السلامة من العيب أو الآفة أو المنقصة سواء أريد بصيغته عند استعمالها التحية أو الدعاء، فإنه يجوز استعمالها من حيث المبدأ في حق كل مسلم، وبالتالي يجوز استعمالها عند ذكر آل البيت أو الصحابة حيث يقصد بها إما تحيتهم، والتحية بالسلام يجوز استعمالها في الأحياء والأموات، أو يقصد بها الدعاء لهم بالسلامة من العيوب والنقائص ويجوز هذا الدعاء في حق الأحياء والأموات، وكذلك إذا أريد من قول عليه السلام ما يعني اسم السلام عليه كأنه تبرك عليه باسم الله تعالى حيث أن السلام من أسماء الله الحسنى، والبركة تعني زيادة الرفعة والشأن ويصح ذلك في الأحياء والأموات على السواء.
ثانياً: - إن الذي تعارف عليه السلف الصالح وأعلام الأمة هو التعبير بلفظ عليه السلام عند ذكر الأنبياء والترضي عند ذكر الصحابة والترحم عند ذكر غيرهم، وذلك حسب تناسب المقامات والدرجات. وهذا أمر اصطلاحي لا علاقة له باستعمال هذه الألفاظ من حيث المبدأ ولا يرتبط بحكم شرعي خاص باستعمال هذه الألفاظ. لكن بعد استقرار الاصطلاح على ذلك لو استعمل أحد هذه الألفاظ في غير ما اصطلح عليه بقصد غير مشروع فسيكون ذلك حراماً، كما لو عبر أحد عند ذكر نبي من الأنبياء بعبارة الترحم بنحو ينقص من مقام ذلك النبي، عند ذلك يكون حراماً، وكذلك لو عبر أحد بلفظ عليه السلام عند ذكر غير الأنبياء بقصد مضاهاة مقامه بمقام الأنبياء كان ذلك حراماً أيضاً، فلو عبر عن أحد من آل البيت أو الصحابة بلفظ عليه السلام بقصد مضاهاة مقامه بمقام النبوة حرم ذلك لجهتين: لجهة الإساءة لمقام النبوة وجهة الغلو في مقام غير النبي، ومثله أيضاً لو عبر بتعبير لا يناسب مقام أهل البيت أو الصحابة بنحو ينقص من مكانتهم فهذا حرام أيضاً لحرمة الإساءة إليهم.
ثالثاً: - إن أهل البيت عموما وألصقهم برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خصوصا كعلي وفاطمة والحسن والحسين لهم مكانة مميزة في عموم المسلمين بحكم ما ورد فيهم في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وما دل على سامي مناقبهم وسامق فضائلهم وعالي درجاتهم، ولا غرو فهم أشرف بيت على وجه الأرض نسباً وحسباً والدلائل على ذلك كثيرة جداً لا يسع المجال هنا لإحصائها، لكن تكفي الإشارة إلى أن الله تعالى قد اختصهم بالصلاة عليهم مقرونة بالصلاة على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، واختصهم بتحريم الصدقة عليهم وعلى ذراريهم حيث عدت الصدقة من أوساخ الناس، مضافاً إلى الآيات والأحاديث الواردة في شأنهم ومكانتهم وقدرهم. ومن هنا وجدنا الصحابة الأبرار لاسيما كبارهم يتعاطون مع آل البيت بمكانة خاصة مميزة، وقد ورد عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: «ارقبوا محمدا في أهل بيته» أي أحفظوه في أهل بيته، وورد عن الخليفة الراشد عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قوله للحسين عليه السلام : «إنما أنبت ما في رؤوسنا الله ثم أنتم» ثم إنه قد خصهم بأعلى درجات العطاء في تقسيمه للعطاء على المسلمين حسب درجاتهم في الإسلام.
ومن هنا استعمل أكابر علماء المسلمين من السنة لفظة « عليه السلام » عند ذكر أعلام أهل البيت وأئمتهم وكبارهم، وأمثال ذلك كثيرة منها استعمال البخاري لهذا التعبير في صحيحه مراراً. وقد توهم من زعم أن هذا الاستعمال هو من النساخ فإنه ليس من النساخ وإنما من البخاري نفسه. وأما الشيعة فدأبوا على استعمال هذا التعبير أيضاً عند ذكر أهل البيت لاسيما عند ذكر من يرون إمامته منهم كونه من أهل البيت وبحكم الإمامة عندهم، لكن إن قصد به أمر آخر يجري مجرى الغلو كمضاهاة الأنبياء فهذا غير مشروع.
وهكذا يتضح أن التعبير بـ « عليه السلام » عند ذكر شخصية من آل البيت هو تعبير يناسب مكانتهم المميزة وهو جائز شرعا ما لم يخرج مخرج الغلو.
البريد الالكتروني
[email protected]جميع الحقوق © محفوظة للمنتدى العلمي
مكتب سماحة الإمام الشيخ حسين المؤيد