الرئيسية شذرات الفتاوى الأسئلة والاستفتاءات المقالات الأبحاث والدراسات المحاضرات البيانات مشروع الميثاق الوطني اللقاءات الإعلامية السيرة الذاتية الصور
 

الأسئلة والاستفتاءات

جواب سؤال عن نظرية الإمامة وأحقية الإمام علي عليه السلام بالخلافة

السؤال:
السلام عليكم سماحة الشيخ المؤيد. أنت حسب علمي لا تعتقد بالإمامة كتنصيب الهي ولكن ألا ترى أن عليا عليه السلام كان أحق بها لقربه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولسابقته في الاسلام و لعلمه و شجاعته.ثم لا تنسى قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم له أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي, وحديث الثقلين كتاب الله و عترتي أهل بيتي.


الجواب:
نعم من المؤكد عدم تنصيب أحد من قبل الله تعالى و رسوله عليه أفضل الصلاة و السلام ليكون حاكما و إماما على الناس , و من المؤكد عدم وجود منصب الإمامة بالمعنى الذي يذهب اليه الشيعة الإثنا عشرية .
و إذا لم يكن هناك تنصيب الهي , فلا سبيل الى الطعن في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه , و هو أيضا من السابقين الأولين , و من خاصة صحابة الرسول الأمين , و له المكانة العالية في الإسلام و المسلمين , و له الكفاءة في القيام بشؤون المسلمين , و قد ثبت أنه قام بها على الوجه المرضيّ , و إذا لم يكن هناك تنصيب الهي جاز لأهل الحل و العقد أن يجتهدوا في اختيار من يحكمهم حسبما تقتضيه المصلحة في ذلك الوقت , و قد رأت الاكثرية الساحقة من أهل الحل و العقد حينذاك المصلحة في تولي أبي بكر رضي الله عنه للخلافة دون غيره من الصحابة . ثم وافقهم الباقون وبايع الجميع أبا بكر رضي الله تعالى عنه ، ورضيت به الأمة خليفة لرسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام.
و أما الإستشهاد بحديث المنزلة و حديث الثقلين فليس صحيحا لا من الناحية المنهجية و لا من حيث الحديثان في نفسيهما , أما من الناحية المنهجية , فلأن أمر الإمامة -إذا كانت الإمامة تعيينا إلهيا و ركنا من أركان الدين كما يقول الشيعة - يحتاج كغيره من أركان الدين الى إقامة الحجة الواضحة الصريحة الدامغة الخالدة , و لابد في هذه الحجة أن تكون من كتاب الله عز و جل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه , و الذي تكفل الله تعالى بحفظه , و لابد أن تكون الحجة قائمة بالمحكمات من آيات الكتاب , لأن قيامها بالمتشابهات نقض للغرض , و خلف كونها حجة واضحة دامغة لا يعتريها الريب و لا ينفتح منها مجال للزيغ و الإختلاف . و لا يصح من الناحية المنهجية أن تكون السنة الشريفة لوحدها هي الحجة على هذا الأمر , لأنها ربما تكون في معرض النسيان أو التغييب أو التلاعب و لو بطول العهد و المدة إلا إذا كانت بمنزلة آيات الكتاب المحكمات ثبوتا و دلالة . و من البيّن أنه لا توجد في كتاب الله تعالى آية محكمة واحدة تقوم بها الحجة على الإمامة , بينما أقيمت الحجة في كتاب الله تعالى و بآيات محكمات عديدة على أركان الدين و أساسياته فأوضحتها بلا أدنى لبس و بما لا يعتريه الشك و لا يقبل الإختلاف في الفهم و لا يفتح مجالا للجدل , كما أنه ليس في السنة النبوية ما هو بمنزلة الآية المحكمة ثبوتا و دلالة . و أنت تجد أن رسول الله عليه أفضل الصلاة و السلام جعل وثيقة المدينة المنورة بعد أن دخلها وثيقة مكتوبة , و كان صلح الحديبية مكتوبا موثقا , و كتب الرسائل الى الملوك و بقيت وثائق تاريخية مختومة بخاتمه الشريف , فلو كان مأمورا بتنصيب علي عليه السلام إماما على الناس , فإن السبيل الأفضل لتنصيبه و تثبيت إمامته هو توثيقها بكتاب واضح المضمون مختوم بخاتمه يوقع عليه كبار الصحابة و أن يكون ذلك في حال صحة النبي لا في حال المرض, و لو فعل ذلك لانقطع دابر الخلاف و الإختلاف الى الأبد , و لو كان ما جرى في الغدير تنصيبا لعلي عليه السلام لكان النبي صلوات الله و سلامه عليه , قد أحكم ذلك - إقامة للحجة الواضحة الدامغة الخالدة - بعبارات لا تقبل التأويل و بكتاب ينص على التنصيب مختوم بخاتمه و موقع عليه من كبار الصحابة , مع أنه لم يفعل ذلك , و لهذا وقع الإختلاف في دلالات ما جرى في غدير خم حيث لم تكن هناك حجة واضحة دامغة . فمن الناحية المنهجية لا يقوم أمر الإمامة إذا كانت تعيينا إلهيا إلا بحجة واضحة دامغة خالدة , بمستوى الحجة على أركان الدين و أساسياته . بل الملاحظ أن الإتباع في القرآن الكريم لم يرد إلا في اتباع النبي ( فآمنوا بالله و رسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله و كلماته و اتبعوه لعلكم تهتدون ) , و اتباع القرآن ( فالذين آمنوا به و عزروه و نصروه و اتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون ) , و ليس هناك من آية واحدة تحث على اتباع علي عليه السلام أو أهل البيت , بل ورد مدح من اتبع السابقين الأولين من المهاجرين و الأنصار في قوله تعالى ( و السابقون الأولون من المهاجرين و الأنصار و الذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم و رضوا عنه ) , و قد حذّر الله تعالى من اتباع غير سبيل المؤمنين ( و من يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى و يتبع غير سبيل المؤمنين نولِّه ما تولى و نصله جهنم و ساءت مصيرا ) . فقل لي بربك أعجز القرآن أن يتكفل بآية واحدة تدعو الناس صراحة الى اتباع علي أو أهل البيت عليهم السلام , و هل من المعقول أن يخاف الله على كتابه من التحريف و هو الذي تكفل بحفظه , أو يخاف أن لا يقبل بعض الناس هذا الأمر و هو الذي قال لرسوله ( و الله يعصمك من الناس ) , و هو القائل جلّ و علا ( و الله غالب على أمره ) , و أنت ترى أيضا أن الله تعالى يقول في كتابه ( فإن تنازعتم في شيء فردوه الى الله و الرسول ) فحصر المرجعية بالكتاب و السنة النبوية و لم يشر إشارة حتى الى العترة , نعم لم يشر إليها لا عجزا و لا خوفا و إنما لأنه لم يجعلها مرجعية للناس لا في عرض السنة و لا في طولها . و حين ذكر الله تعالى أهل البيت في كتابه لم يذكرهم في سياق بيان إمامتهم و لا في سياق الإرجاع إليهم , بل في سياق مدحهم و بيان اهتمامه بهم كونهم أهل بيت النبي فيريد أن يطهرهم من الرجس , و لو كان الله تعالى قد أرادهم أئمة للناس لذكر ذلك في كتابه و لأمر الناس بالرجوع إليهم بعد نبيه كي لا يقعوا في الضلال , و قد قال تعالى ( و ما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبيّن لهم ما يتقون ) , و قد هدى الله تعالى الصحابة الى الإسلام و الإيمان , فلا يمكن أن يتركهم يقعون في الضلالة و لم يبيّن لهم ما يعصمهم منها , و لم يبيّن لهم بخطاب واضح لا لبس فيه إمامة علي عليه السلام أو أهل البيت , بل كتاب الله عز و جل خال من التنويه بذلك على الإطلاق , فكيف يستقيم هذا عند ذوي العقول السليمة مع دعوى الإمامة الإلهية ؟ .
و أما الحديثان في نفسيهما فهما محل مناقشات علمية معمقة , و لا يصح علميا الإستدلال بهما على الإمامة , و نشير هنا الى أن حديث الثقلين قد اضطربت روايته فلم يروَ على وجه واحد محدد , و إنما روي بوجهين مع كون الواقعة واحدة , و هو على أحد الوجهين لا دلالة له إلا على وجوب محبة العترة و موالاتهم , و هذا غير إمامتهم , فلا يمكن أن يستدل به على الوجه الثاني لاضطراب النقل ، على أن الوجه الثاني الذي يستدل به على إمامتهم لم يرد من طريق معتبر ، وليس له شاهد من كتاب الله عز وجل. و أما حديث المنزلة فلم يَرِد في مقام تعيين علي عليه السلام إماما على المسلمين , و لم يتفوه به النبي عليه الصلاة و السلام ابتداء منه , و لم يأت على شكل خطاب للمسلمين يبين إمامته عليهم , و إنما هو جملة قالها النبي صلوات الله و سلامه عليه لعلي عليه السلام حين وجده حزينا مما قاله فيه المنافقون من أن النبي عليه الصلاة و السلام لم يصحبه معه لتبوك تخففا منه , و كلمة ( بمنزلة هارون ) نكرة في سياق الإثبات فلا تفيد الإطلاق الشمولي كما هو مقرر في أصول الفقه , فلا يصح الإستدلال بها على العموم ، على أن منزلة هارون من موسى هي - كما أخبرنا عنها القرآن الكريم - الوزارة أي أن هارون كان وزيرا لموسى في حياته إذ طلب موسى من ربه ذلك فقال [وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي] [طه : 29] وقد مات هارون في حياة موسى ، فلا دلالة للحديث عن إمامة علي عليه السلام وخلافته للنبي عليه الصلاة والسلام بعد وفاته.

الفهرست ||  أسئلة عقائدية عامة

السابق

Twitter Facebook قناة الشيخ حسين المؤيد في اليوتيوب google + البريد الالكتروني
[email protected]

جميع الحقوق © محفوظة للمنتدى العلمي
مكتب سماحة الإمام الشيخ حسين المؤيد

www.almoaiyad.com