الرئيسية شذرات الفتاوى الأسئلة والاستفتاءات المقالات الأبحاث والدراسات المحاضرات البيانات مشروع الميثاق الوطني اللقاءات الإعلامية السيرة الذاتية الصور
 

الأسئلة والاستفتاءات

الإمامة ليست من أصول الدين

السؤال:
هل الإمامة من أصول الدين؟
الجواب:
ليست الإمامة من أصول الدين ويمكنك مراجعة ما كتبناه بهذا الصدد في بيان رأينا هذا.
جواب سؤال عن أصول الدين وأن الإمامة ليست من أصول الدين
السؤال:
نرجو توضيح ما ذكرتموه على فضائية المستقلة حول أصول الدين وعدم كون الإمامة من أصول الدين.


الجواب:
المعروف في الفكر الإمامي الإثني عشري أنّ أصول الدين خمسة هي التوحيد والعدل والنبوة والإمامة والمعاد. وأطلق عليها أصول الدين بإعتبارها أصول العقيدة الإسلامية حسب رؤية المدرسة الإمامية الإثني عشرية وكون العقيدة هي الركيزة الأساسية للإيمان والالتزام الديني.
وهذا التصنيف هو التصنيف المدرسي السائد في الفكر الإمامي الإثني عشري.
وأما التعبير عن تلكم الأصول بأصول المذهب فيراد به أن هذه الأصول هي أصول العقيدة في المذهب الإمامي، وقد جيء بهذا التعبير باعتبار ما يذهب إليه الإمامية من أن من لم يؤمن بالعدل والامامة لا يكون خارجاً عن الإسلام بنحو مطلق، وإنما هو محكوم بما يسمونه الإسلام الظاهري أي ما حقنت به الدماء وجرت عليه المناكح والمواريث، لكنه يكون خارجاً عن المذهب. وهذا الأمر يتفق عليه علماء المذهب بحيث يعتبر المخالف شاذاً، بمعنى أنهم يتفقون على أنّ المعتقد بالتوحيد والنبوة والمعاد محكوم بالإسلام بالمعنى السالف، وأنه يكون خارج المذهب وعلى أساس ذلك رتبوا أمرين -:
الأول: - عدم إطلاق صفة المؤمن على غير الإمامي الإثني عشري لكون الإمامة من أصول العقيدة حسب المذهب، لذا فهي دخيلة في الإيمان الحقيقي وإن لم تكن دخيلة في الإسلام الظاهري، لذا لا يتصف منكر الامامة عندهم بالإيمان وإن اتصف بالإسلام بمعناه الظاهري العام.
الثاني: - إن اتصاف غير الإمامي الإثني عشري بالإسلام الظاهري إنما يعني معاملته معاملة المسلم في الدنيا، ولا يستلزم ذلك معاملته معاملة المسلم في الآخرة حيث انه منكر لما هو من أصول العقيدة، ومتبع في العمل مسلك غير الإمام الشرعي فلا يقبل عمله. ويستثنى من ذلك المستضعف وهو من لم يكن له من الإدراك والعلم ما يمكنه من الوصول إلى ما عليه المذهب، وأما غيره فهو خاضع للحالة العامة، فهو خارج عن المذهب يعامل في الدنيا معاملة المسلم لكنه يعامل في الآخرة معاملة غير المسلم.
وأما الجاحد للإمامة بمعنى من يعلم بثبوتها لكنه منكر لها عناداً واستكباراً فيحكمون عليه بالكفر في الدنيا على أساس أن جحوده يستبطن ردّ الرسالة والكفر ببعضها وهو يستلزم الكفر.
هذا هو الإتجاه المدرسي في الفكر الإثني عشري.
ونحن نختلف مع هذا الإتجاه في تصنيف أصول الدين ويترتب على ذلك عدم كون الامامة أصلاً من هذه الأصول.
توضيح ذلك -:
إن الأصل هو عبارة عما يرتكز عليه الشيء ويبنى، في مقابل الفرع، وعليه يكون معنى أصول الدين هو ما يرتكز عليه الدين ويبنى.
وهذا المعنى هو معنى يختلف بإختلاف الاعتبارات والوجوه التي يلحظ بها الشيء، فربما يكون شيئ ما باعتبار معين أصلاً من الأصول وربما يكون باعتبار آخر فرعاً وليس أصلاً. فالصلاة على سبيل المثال وهي من فروع الدين باتفاق فقهاء المذهب عبّر عنها في الأحاديث بعمود الدين، والعمود مما يرتكز عليه الدين. وفي بعض الأحاديث الواردة عن أهل البيت عليهم السلام ورد التعبير ببني الإسلام على خمس وعدّ منها الصلاة والصيام والحج وهي كلها من الفروع. ونجد أيضاً أن الإيمان بالمعاد جعل أصلاً من أصول الدين ولم يجعل الإيمان بالرسل والانبياء والكتب السماوية لا سيما القرآن الكريم أصلاً من هذه الأصول مع أنّ الصلاة إذا كانت عمود الدين ومما بني عليه الإسلام فلا شك في ارتكاز الإسلام على الايمان بالقرآن الكريم.
كل ذلك يدلل على أنّ إثبات صفة الأصل لشيء وعدم إثباتها لشيء آخر إنما هو بلحاظ الإختلاف في الاعتبارات والوجوه الملحوظة. وليس ذلك بعيداً عن الإجتهاد وعن العوامل الدخيلة في تبلور المذهب وتمييزه عن غيره، ومن هنا فانه يجب التمييز بين ما هو أصل مطلقاً وبين غيره، أي بين ما لا يمكن أن يكون إلا أصلاً مهما تعددت الاعتبارات، وبين غيره مما يمكن أن يكون خاضعاً للاعتبارات واللحاظات والعوامل الأخرى. ويترتب على ذلك أنّ الأصل على نحو الاطلاق هو الذي يجب أن يكون الأصل الأساسي لأنه من دونه لا تقوم للدين قائمة كدين ولا يمكن من دونه أن يرتبط الإنسان بالدين ويتصف بأنه من أتباعه والمنتمين إليه فما كان كذلك هو الجدير بجعله أصلاً للدين لأنّ كل ما عداه يكون تفصيلاً.
وعلى هذا الأساس نقول إن ما يكون أصلاً مطلقاً يرتكز عليه الدين من حيث المبدأ هو -:
1. الإقرار بوحدانية الله عز وجل إلهاً ورباً.
2. الإقرار بنبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم رسولاً من عند الله تعالى.
3. الإلتزام الاجمالي بالرسالة وهو يستبطن معنيين -:
الالتزام بأن كل ما جاء به النبي صلى الله عليه وآله وسلم فهو حق من عند الله تعالى.
عدم إنكار وردّ ما يحتمل أنه من الرسالة قبل قيام الدليل على أنه ليس منها.
هذه هي الأصول التي يرتكز عليها الإسلام على نحو الاطلاق، بمعنى أنه لا تقوم للاسلام قائمة بدون واحد منها، ولا يمكن أن يدخل الإنسان في دائرة الإسلام إبتداء من دون واحد منها. فهي أصول لا تختلف باختلاف الاعتبارات والوجوه الملحوظة فيما يمكن أن يجعل ركيزة للدين.
وأما غير هذه الأمور الثلاثة، فلا يمكن أن يعدّ أصلاً على نحو الاطلاق. ويدل على ذلك عمل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو الذي جرت عليه السيرة في الإسلام، فان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخذ الأمور الثلاثة شرطاً في الدخول للاسلام حيث أن الإقرار بالشهادتين هو شرط ذلك ومفتاح الإنتماء إلى الاسلام. والإقرار بالشهادتين إقرار بوحدانية الله تعالى إلهاً ورباً، وإقرار بنبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم رسولاً من عند الله عز وجل وهذان الإقراران هما المدلول المطابقي للشهادتين، ثم ينضوي تحت الإقرار بهما الإلتزام الإجمالي بالرسالة فهو معنى تابع لذينك الاقرارين.
ولو كان هناك شيء آخر معتبر في الإسلام على نحو الموضوعية لما اكتفي في إسلام غير المسلم بمجرد الشهادتين وللزم أن يضم إليه ذلك الشيء، وهذا يعني أن الإيمان بالمعاد واليوم الآخر يدخل في الايمان بالرسالة، وليس أصلاً على نحو الإطلاق بحيث تكون مدخليته في الإسلام على نحو الموضوعية، ولذا لم يشترط الاقرار به في الدخول في الإسلام لكونه تفصيلاً يدخل في الايمان بالرسالة، ولذا لم يأخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم الاقرار به من مشركي مكة وقد كانت عقيدتهم قائمة على إنكاره. وما ذاك إلا لأنه ليس دخيلاً في ما يرتكز عليه أصل الإسلام على نحو الموضوعية، وإنما هو معتبر من حيث اعتبار الايمان برسالة النبي عليه الصلاة والسلام وهو جزء أساسي فيها وتفصيل أساسي من تفاصيلها. وبناء على ما ذكرنا يتضح أنّ الامامة ليست من أصول الدين بالمعنى المتقدم، وعليه فان إنكار الامامة ما لم يرجع إلى إنكار شيء من الرسالة لا يستلزم الكفر بمعناه الحقيقي، وإن هذا الانكار لا تأثير له في اتصاف الإنسان بالإسلام بمعناه الواقعي.
وأما الإيمان فليس له إلا معنيان -:
الأول: - التصديق بالإسلام عقيدة وشريعة.
الثاني: - التصديق المقرون بالعمل.
وكل ما يعرّف به الايمان خارج هذين المعنيين في هذا المجال لا يستند إلى دليل من الكتاب والسنة.
ومن خلال ما ذكرناه يتضح -:
1. إن منكر الإمامة إما لعدم نهوض أدلتها عنده، أو لقيام الدليل عنده على عدم ثبوتها لا يخرج عن الإسلام ولا عن الايمان، فهو مسلم واقعي ومؤمن بالمعنى الأول للايمان لأنه مصدّق بالإسلام ورسالته، وبالمعنى الثاني إذا اقترن تصديقه بالعمل بأحكام الإسلام.
وذلك لأن الامامة ليست لها مدخلية على نحو الموضوعية في الإسلام، وليست أصلاً من أصوله المطلقة، وإنما هي تفصيل ينظر في ثبوته، والأصل عدمها حتى يقوم دليل قاطع عليها، فمن أنكرها لعدم ثبوتها عنده فان انكاره لها لا ينافي التزامه الإجمالي بالرسالة، لأنه لم ينكر ما هو ثابت، ولم يردّ ما يحتمل ثبوته من دون دليل، لذا فانكاره لها لن يصطدم بما هو أساس الدين، لذا لا يخرج عن الإسلام الواقعي، ولا يخرج عن الإيمان.
2. إن التمييز في الفكر الامامي الاثني عشري بين ما سمّي بالإسلام الظاهري والاسلام الحقيقي على أساس القبول بالامامة غير صحيح. فبناءً على ما ذكرناه مما سلف وأكدناه في النقطة السابقة أيضاً فانّ إسلام منكر الامامة الذي لم يقم عنده دليل عليها أو قام عنده الدليل على عدمها هو إسلام حقيقي، لم يؤثر انكاره للامامة على شيء من الاعتقاد باصوله وفروعه والعمل بها.
فمصطلح الإسلام الظاهري لا يصح اطلاقه على منكر الامامة بالوجه الذي تقدم، لأن منكرها على هذا الوجه داخل في دائرة الإسلام والايمان حقيقة فلا بد أن يكون إسلامه واقعياً، وإنما يطلق مصطلح الإسلام الظاهري على من دخل في الإسلام دخولاً ظاهرياً فأعلن اقراره بالشهادتين دون أن يبني عليها اعتقاده وهو من يتفق المسلمون جميعاً على أنه مسلم بحسب الظاهر ويسمى منافقاً. ولا علاقة للنفاق بقضية إنكار الامامة وإنما له علاقة بقضية الاعتقاد بالإسلام نفسه.
ويتحصل من كل ما ذكرناه أنّ الأحاديث المنسوبة إلى أهل البيت عليهم السلام والتي يستفاد منها أن للاعتقاد بالامامة مدخلية في الإسلام الواقعي وفي الايمان يجب ردها لمنافاتها للكتاب المجيد والسنة النبوية الشريفة وما عليه السيرة القطعية في الاسلام.
فإن قيل: - على النهج الذي ذكرتموه هل يكون منكر المعاد كمنكر الامامة متصفاً بالإسلام والايمان؟
قلنا: - هناك فرق واضح بين المعاد والإمامة، فالمعاد وإن كان تفصيلاً من التفاصيل الرئيسة في الإسلام، لكنه من الأمور التي ثبتت في الإسلام على نحو الضرورة وهو أمر واضح غاية الوضوح في القرآن والسنة، ولذا فان منكره يكون كافراً لأنه أنكر ما هو جزء أساسي ثابت بوضوح في الرسالة، فالمعاد في الإسلام ليس من القضايا التي يمكن أن يتطرق اليها الانكار، لوضوح ثبوتها بمستوى يفيد اليقين، بينما الإمامة ليست كذلك فانها لم تثبت على مستوى الضرورة، وإنما هي قضية خلافية متنازع عليها تحتاج إلى نظر وإقامة دليل، وليست أدلتها من الوضوح بالدرجة التي تفضي إقامة هذه الادلة إلى وضوح النتيجة، لذا لم يكن انكارها موجباً للكفر والخروج عن الإسلام والايمان. ومنكروها لم ينكروها جحوداً وعناداً وإنما أنكروها إما لعدم نهوض أدلتها عندهم فيكون انكارهم لها حينئذ موافقاً للأصل، لأن الأصل عدمها ما لم يقم دليل قاطع عليها، أو أنهم أنكروها لقيام الدليل عندهم على عدم ثبوتها. وفي كلتا الحالتين لا تأثير لمثل هذا الانكار على إسلامهم وإيمانهم لعدم اصطدامه مع ما هو المعتبر في الإسلام والإيمان.

الفهرست || أسئلة عقائدية عامة

السابق

Twitter Facebook قناة الشيخ حسين المؤيد في اليوتيوب google + البريد الالكتروني
[email protected]

جميع الحقوق © محفوظة للمنتدى العلمي
مكتب سماحة الإمام الشيخ حسين المؤيد

www.almoaiyad.com