الرئيسية شذرات الفتاوى الأسئلة والاستفتاءات المقالات الأبحاث والدراسات المحاضرات البيانات مشروع الميثاق الوطني اللقاءات الإعلامية السيرة الذاتية الصور
 

الأسئلة والاستفتاءات

جواب سؤال عن الخضر عليه السلام

السؤال:
سماحة المرجع الشيخ المؤيد سؤالي هل الخضر عليه السلام هو رسول أم نبي أم مجرد عبد من عباد الله الصالحين.
 

الجواب:
إختلف العلماء في شخصية الخضر عليه السلام هل هو نبي أو رسول أو ولي صاحب كرامة. فذهب كثير من العلماء إلى أنه نبي.
والقرآن الكريم لم يعرّفه بالنبوة ولم يذكره في الأنبياء الذين ذكرهم، واكتفى في التعريف عنه بما جائت به الآية الكريمة في سورة الكهف: {فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً} [الكهف : 65].
وقد استدل من ذهب إلى أن الخضر عليه السلام نبي بما يلي -:
1. قوله تعالى { آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا } [الكهف: 65] . على أساس أن المقصود بها رحمة النبوة وأن الرحمة أطلقت على النبوة في بعض الآيات الكريمة كقوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31) أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} [الزخرف : 31-32] أي نبوته.
ونلاحظ على ذلك: أنّ الرحمة ليست اصطلاحاً في النبوة وإنما عبر عن النبوة في الآية الكريمة بالرحمة لعناية ومناسبة، فلا يعني ذلك أنه متى ما عبر بالرحمة فيراد بها النبوة، ومما لا شك فيه أنه لا يراد بالرحمة النبوة في قوله تعالى: {وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران : 8] ، وكذلك في قوله تعالى: { أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ} [الإسراء: 57] وفي دعاء أصحاب الكهف {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً} [الكهف : 10] وقوله تعالى: { وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا } [الرُّوم: 36] .
2. قوله تعالى { وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً } [الكهف: 65] ، بتقريب أنّ الآية الكريمة أطلقت على العلم الذي عند الخضر عليه السلام العلم اللدني وبيّنت أن علم الخضر هو علم علّمه الله تعالى له من لدنه والعلم اللدني هو علم وحي وهو لا يكون إلا لنبي.
ونلاحظ على ذلك : - إنّ أقصى ما تدل عليه الآية الكريمة هو أنّ العلم الذي عند الخضر عليه السلام هو من تعليم الله تعالى له أما أنّ هذا التعليم كان بطريق الوحي فلا دلالة للآية على ذلك فانّ تعليم الله تعالى قد أتى في آيات قرآنية في غير الوحي كقوله تعالى: { وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ} [البَقَرَة: 282] وقوله تعالى { تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللّهُ } [المَائدة: 4] . وأما قوله تعالى: {مِّن لَّدُنَّـا} [النساء : 67] فأراد به أن الله تعالى هو مصدر هذا العلم كما هو مصدر أمور أخرى قال تعالى { رِزْقاً مِن لَّدُنَّا} [القَصَص: 57] وقال تعالى: { لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً لَّاتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا إِن كُنَّا فَاعِلِينَ} [لأنبياء: 17] وقد جاء لفظ «لدن» وأريد به الجهة البشرية { مِن لَّدُنِّي عُذْراً } [الكهف: 76] اذن لا دلالة للآية الكريمة على أن العلم الذي عند الخضر عليه السلام وهو علم إلهي قد عرفه الخضر عن طريق الوحي.
3. تواضع موسى عليه السلام للخضر مع أن موسى نبي وقد ذكرت الآية الكريمة ما ينم عن تواضع موسى وأدبه مع الخضر {قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً} [الكهف : 66] وقوله: { قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِراً وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْراً} [الكهف : 69] .
ونلاحظ على ذلك : - أنّ التواضع من الأنبياء لغير الأنبياء خلق رفيع وهو من أخلاق النبوة، وفي قضية الخضر أدرك موسى عليه السلام أن للخضر عليه السلام منزلة خاصة، وأدرك ما عنده من علم فتعامل معه بتواضع ولا دلالة في ذلك على نبوة الخضر، وقد أراد موسى أن يتعلم منه ما لم يعلمه، ولعل موسى كان عنده اشارة من الله تعالى أن يتبع الخضر ليتعلم منه.
4. قول الخضر لموسى J كما نطقت به الآية الكريمة: { وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} [الكهف: 82] أي إن ما فعله قد كان عن أمر الله عز وجل وهو ما لا يتحقق إلا عن طريق الوحي إذ لا طريق تعرف بها أوامر الله تعالى ونواهيه إلا من خلال الوحي، خاصة ما جاء به الخضر من قتل النفس واعابة ملك الآخرين. وقد حصر الله تعالى طرق الإنذار بالوحي قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ} [الأنبياء : 45] وإنما تفيد الحصر.
ولكنّ هذه الآية أيضاً ليست واضحة في كون الخضر عليه السلام موحى إليه من الله تعالى. فهو لم يفعل ذلك عن أمره، ولكن هل فعله عن أمر الله له بالوحي؟ أو أن أمر الله تعالى بلغه عبر من يوحى إليه من الأنبياء أو عبر الكرامة التي للأولياء وما شاكل فهذا ما لا ظهور للآية الكريمة فيه. والحصر في الآية المستشهد بها لا علاقة له بما نحن فيه لأنه يرتبط بالإنذار الذي يقوم به النبي بوصفه نبياً.
وهكذا نجد أنّ الأدلة المتقدمة ليست واضحة الدلالة على نبوة الخضر عليه السلام .
وقد استدل بعض علماء الشيعة على أن الخضر نبي ببعض الروايات التي رويت في هذا الشان عن بعض أئمة أهل البيت عليهم السلام . إلا أنّ هذه الروايات محل مناقشة.
ثم إن القائلين بنبوة الخضر عليه السلام إن أرادوا بذلك أنه نبي لنفسه فقط وليس نبياً مبعوثاً لقوم، فهذا شيء، لكنه يحتاج إلى دليل وقد عرفت عدم قيام دليل على ذلك، وإن أرادوا أنه نبي لقوم فأي قوم هم؟ وإن كانت نبوة خاصة بزمن ما، فهو بعدها لم يكن نبياً خاصة وأن موسى نبي للعالمين جميعاً بنص القرآن وعلى هذا فهو في زمان موسى لم يكن نبياً لأنّ العالمين مأمورون باتباع موسى، والخضر لم يكن معلناً نفسه نبياً ولم يمارس النبوة في ذلك الزمن حتى بالنحو الذي كان عليه هارون عليه السلام .

الفهرست || أسئلة عقائدية عامة

السابق

Twitter Facebook قناة الشيخ حسين المؤيد في اليوتيوب google + البريد الالكتروني
[email protected]

جميع الحقوق © محفوظة للمنتدى العلمي
مكتب سماحة الإمام الشيخ حسين المؤيد

www.almoaiyad.com