الرئيسية شذرات الفتاوى الأسئلة والاستفتاءات المقالات الأبحاث والدراسات المحاضرات البيانات مشروع الميثاق الوطني اللقاءات الإعلامية السيرة الذاتية الصور
 

الأسئلة والاستفتاءات

جواب سؤال حول آيات المسائلة في القرآن الكريم

السؤال:
أعرض على سماحتكم موضوعاً يتعلق بمسائلة الكفار والمجرمين، فبعض الآيات تثبت هذه المسائلة ومن هذه الآيات ما ورد في سورة الحجر: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الحجر : 92-93] ، وما ورد في سورة الصافات {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ} [الصافات : 24] وما ورد في سورة الأعراف: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ} [الأعراف : 6] .
وفى نفس الوقت هناك آيات تنفي المسائلة ومنها ما ورد في سورة القصص { ... َلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ} [القصص : 78] ، وما ورد في سورة الرحمن {فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ} [الرحمن : 39] .
بعض المفسرين يذكرون أن هناك مواقف أو أمور لا يسأل عنها الكفار والبعض الاخر يذكر أن الموضوع يتعلق بالكفار أنفسهم حيث إن بعض الكفار يتعرضون للمسائلة والبعض الاخر لا.
فما هو تفسير سماحتكم حول هذا الموضوع جزاكم الله كل خير والسلام عليكم.

الجواب:
إن المستفاد من التأمل في مجموع الآيات الكريمة المتصلة بيوم القيامة هوَ أن الناس بعد حشرهم وقبل سوقهم للحساب يمتازون عن بعضهم بعلامات فيهم، فتكون للمجرمين المستوجبين لعذاب النار علامات تشخصهم ويعرفون بها ويساقون للحساب لا كمتهمين يأملون ببرائتهم من الذنوب، وإنما كمجرمين ثبتت عليهم الجريمة. قال تعالى: {فَإِذَا جَاءَتْ الصَّاخَّةُ (33) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (39) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (40) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (41) أُوْلَئِكَ هُمْ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ (42)} [عبس : 33-52] وقال تعالى: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ} [الزمر : 60] . كما ذكرت آيات أخرى قضية التمايز هذه، قال تعالى: {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ} [يس : 59] وقال تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَآؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ} [يونس : 28] .
فهذه الآيات الكريمة تدل على أن التمايز يتحقق عند الحشر وقبل المحاسبة. وعليه يكون قوله تعالى: {... َلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ} [القصص : 78] وقوله تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ} [الرحمن : 39] ناظرين إلى هذه القضية حيث لا يكون تشخيص وإمتياز المجرم عن غيره بسؤال وحساب، وإنما يمتاز المجرمون بعلامات فيهم قبل الحساب ثم يساقون إلى الحساب كمجرمين ثبتت عليهم الجريمة فيسألون ويحاسبون على كل ما إقترفوه.
ولا شك في أنّ امتياز المجرمين عن غيرهم عند الحشر وقبل الحساب فيه مزيد من الخزي لهم، حيث يعرفون بين الناس كمجرمين، وكذلك فيه مزيد من العذاب حيث يكون المجرم قد عرف أنه سيدخل النار ويأخذه الهلع من هول ما سيرى وما هو قادم عليه من عذاب {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ (25) تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ} [القيامة: 24-25] . ولو دققنا النظر في الآية الكريمة الواردة في سورة الرحمن لوقفنا على الفهم الذي ذكرناه حيث إنها سبقت بقوله تعالى: {فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاء فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} [الرحمن : 37] وهذا إشارة إلى الحشر، قال تعالى: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِة السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء : 104]، فقوله تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ} [الرحمن : 39] المراد به يوم الحشر حيث يتمايز الناس في ذلك اليوم عند الحشر وقبل الحساب دون سؤال عن الذنب وإنما يتمايزون بالعلامات، وتأتي الآية الكريمة اللاحقة لتوضح وجه عدم السؤال عن الذنب {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ} [الرحمن : 41].
وهكذا يتضح أن ما نفى المسائلة يتحدث عن حالة التمايز عند الحشر ولا يتصل بنفي الحساب في مقام المحاسبة، وما أثبت المسائلة يتحدث عن المسائلة والحساب في مقام الحساب وهو شامل للجميع حيث يحاسب المجرمون على ما اقترفوه ويسألون عن ذنوبهم. والله العالم ومنه نستمد السداد وبه الإعتصام.

الفهرست || الأسئلة القرآنية

السابق

Twitter Facebook قناة الشيخ حسين المؤيد في اليوتيوب google + البريد الالكتروني
[email protected]

جميع الحقوق © محفوظة للمنتدى العلمي
مكتب سماحة الإمام الشيخ حسين المؤيد

www.almoaiyad.com