الرئيسية شذرات الفتاوى الأسئلة والاستفتاءات المقالات الأبحاث والدراسات المحاضرات البيانات مشروع الميثاق الوطني اللقاءات الإعلامية السيرة الذاتية الصور الأسئلة والاستفتاءات
معنى «من» في الآية الأخيرة من سورة الفتح
السؤال:
يذهب بعض علماء الشيعة في معرض مناقشتهم لما يستدل به السنة على عدالة الصحابة من قوله تعالى: { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ} [الفَتْح: 29] بأن ذيل الآية الكريمة فيه تخصيص ويفيد القصر وليس العموم لقوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} [الفتح : 29] بحجة أن «من» هنا للتبعيض وليست بيانية. فما هو رأي سماحتكم؟
الجواب:
ليست هذه المناقشة صحيحة سواء أكانت «من» في الآية بيانية أو تبعيضية، أما على القول بأنها بيانية فواضح إذ لا تفيد تخصيصاً ولا قصراً وإنما تأتي في سياق الشمول. وأما على القول بأنها تبعيضية فليس المقصود بها قصر المدح والوعد على البعض دون الآخر، إذ أن ذيل الآية الكريمة جاء بعد المدح الشامل، فليس من أساليب اللغة والبلاغة في التعبير أن تعقّب على الممدوح بالأستثناء الذي فيه استدراك للمدح فلا يصح مثلاً أن تقول عن ثلة من الناس إنهم كرام ثم تقول لكن الكريم منهم له أجر عظيم وتريد بذلك الاستدراك عن المدح، وإنما يصح ذلك حين تريد بالاستدراك بيان علو درجة لبعض من شملهم المدح فهو ليس استدراكاً عن أصل مدحهم وإنما استدراك لبيان مزيد فضل لهم.
وهكذا الأمر فيما نحن فيه فإن صدر الآية الكريمة مدَح مطلق من كان مع الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وزكى إيمانهم وذكر حالهم وأنهم أشداء على الكفار رحماء بينهم وأنهم يبتغون فضل الله ورضوانه وأن مثلهم في التوراة والانجيل، وبعد هذا المدح العظيم والتزكية جاء ذيل الآية، ولا يصح حسب أساليب التعبير البلاغي أن يكون ذيل الآية تبعيضاً بين الممدوحين بما يفضي إلى استدراك المدح الأول والاستثناء من الوعد وإنما لا بد أن يكون - إذا كانت من للتبعيض - تبعيضاً بين الممدوحين بما يفيد علو درجة بعضهم على الآخر.
على أن الذي أستظهره من الآية الكريمة أنّ «من» هنا بيانية وليست تبعيضية، لأن الوصف الذي جائت به لا يزيد على وصف المدح المذكور في صدر الآية «فالأيمان والعمل الصالح» هو الذي انطوى عليه المدح في صدر الآية الكريمة.
هذا ونظير هذه الآية قوله تعالى مخاطباً زوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم : {وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً} [الأحزاب : 29]. فان «من» هنا إن كانت تبعيضية فانها لا تعني استثناء بعض زوجات النبي من المدح وإنما تعني تفاضلهن في نعيم الآخرة، فيكون للمحسنة التي أرادت الله ورسوله والدار الآخرة درجة أعلى حسب تفاضل العمل مع اشتراكهن جميعاً في مدحهن ورفعتهن حيث أردن الله ورسوله والدار الآخرة.البريد الالكتروني
[email protected]جميع الحقوق © محفوظة للمنتدى العلمي
مكتب سماحة الإمام الشيخ حسين المؤيد