الرئيسية شذرات الفتاوى الأسئلة والاستفتاءات المقالات الأبحاث والدراسات المحاضرات البيانات مشروع الميثاق الوطني اللقاءات الإعلامية السيرة الذاتية الصور
 

الأسئلة والاستفتاءات

تفسير قوله تعالى (لكل ضعف)

السؤال:
لدي موضوع فيه التباس في فهمه الفهم الواضح والعميق وهو يتعلق فيما ورد في سورة الأعراف (الآية 38) حيث ورد فيها {رَبَّنَا هَـؤُلاء أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِّنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَـكِن لاَّ تَعْلَمُونَ} [الأعراف : 38] إلى آخر الآية الكريمة ونفس المعنى تكرر في موضع آخر من القرآن الكريم.
بعض المفسرين يقولون إن (لكل) تعني لكل واحد من المتبوعين أو القادة كما يسمونهم وهذا يعني أن العذاب المضاعف هو لهؤلاء القادة فقط ولا يشمل الأتباع.
ومفسرون آخرون يقولون إن (لكل) تعني المتبوعين والأتباع على حد سواء. وهنا يظهر الإلتباس فان المتبوعين يكون لهم العذاب مضاعفاً مرة لأنهم ضالين ومرة أخرى لأنهم تسببوا في إضلال من أتبعهم. ولكن لماذا يكون العذاب مضاعفاً للأتباع حيث إنهم أصبحوا ضالين سواء من أنفسهم أو بسبب تقليد آباءهم أو بسبب اتباع المضلين في جميع هذه الحالات فان النتيجة واحدة وهي أنهم أصبحوا ضالين وعليه يستحقون عذاباً لهذا السبب وليس عذاباً مضاعفاً حيث إن ذنوب المتبوعين هي أكبر من ذنوب الأتباع أو هكذا أفهم كما يبدو الموضوع لي.
أضع هذا الموضوع أمام سماحتكم لمعرفة رأيكم بخصوصه لما لدي من ثقة مطلقة بعلمكم وتحليلكم لمختلف أمور الدين والسلام.


الجواب:
تكرر هذا المعنى في موضعين آخرين من القرآن الكريم مضافاً إلى ما ورد في سورة الأعراف، ما ورد في سورة ص: {قَالُوا رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ} [ص : 61] وما ورد في سورة الأحزاب: {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (67) رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً} [الأحزاب : 67-68]. هذا والآية الكريمة ظاهرة بأن المراد بقوله تعالى (لكل ضعف) هو للمتبوعين والتابعين أو للأولى والأخرى، وعلى هذا يستبعد تفسيرها بإرادة كل واحد من المتبوعين لأن هذا التفسير خلاف ظاهر الآية الكريمة، مضافاً إلى قرينة الآية التالية لها: {وَقَالَتْ أُولاَهُمْ لأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ} [الأعراف : 39] . فإن هذا الخطاب جاء تفريعا على جواب الله تعالى للأتباع بقوله تعالى (لكل ضعف) مما يدل على أن الضعف يناله المتبوعون والتابعون. وقد ذكر المفسرون أن الوجه في مضاعفة العذاب للأتباع هو أنهم يعذبون على كفرهم وعلى طاعتهم للمتبوعين أو تمكينهم لهم أو تكثير سوادهم، وكل هذه الأمور هي في نفسها ذنوب تستحق العذاب لجهتها، ويترائى لي وجهان آخران أيضاً في فهم الآية الكريمة:
الوجه الأول: - أن بعض الذنوب وعلى رأسها الكفر والشرك عليها عذاب مضاعف، فهي تستوجب بنفسها مضاعفة العذاب بغض النظر عن أي عنوان آخر، قال تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً [الفرقان : 68-69]، فالكفر من الذنوب الكبيرة المستوجبة لمضاعفة العذاب، وعليه فقوله تعالى (لكل ضعف) هو من باب أن كفرهم ذنب يضاعف عليه العذاب بغض النظر عن العناوين الأخرى.
الوجه الثاني: - أن المراد بالضعف في قوله تعالى (لكل ضعف) هو المثل إلى ما زاد وليس محصورا بالمثلين قال تعالى: {إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاء الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} [سبأ : 37] فالضعف في هذه الآية لا يراد به المثلان لأن من المعلوم أن الحسنة بعشر أمثالها فيتعين أن يكون المراد به ما ليس محصورا بالمثلين، وهكذا يمكن أن يكون المراد بالضعف في الآية مورد البحث هو ما ليس محصورا بالمثلين، فبما أن الكفر ذنب يضاعف عليه العذاب، فعذاب كل من المتبوعين والتابعين مضاعف، لكن مع تفاوت في نسب المضاعفة، كأن يضاعف للمتبوعين أكثر مما يضاعف للتابعين، وعلى هذا فمع استوائهم في مضاعفة العذاب لهم بالكفر لكنهم متفاوتون في نسب المضاعفة فينال المتبوعين من العذاب أكثر مما ينال التابعين. والله تعالى أعلم.
 

الفهرست || الأسئلة القرآنية

السابق

Twitter Facebook قناة الشيخ حسين المؤيد في اليوتيوب google + البريد الالكتروني
[email protected]

جميع الحقوق © محفوظة للمنتدى العلمي
مكتب سماحة الإمام الشيخ حسين المؤيد

www.almoaiyad.com