الرئيسية شذرات الفتاوى الأسئلة والاستفتاءات المقالات الأبحاث والدراسات المحاضرات البيانات مشروع الميثاق الوطني اللقاءات الإعلامية السيرة الذاتية الصور
 

الأسئلة والاستفتاءات

جواب سؤال عن قول الشيطان إني أخاف الله

السؤال:
أعرض أمام سماحتكم موضوعاً لم أجد له تفسيراً وتحليلاً واضحاً في كتب التفسير المختلفة وهو ما ورد في القرآن الكريم على لسان الشيطان من أنه يخاف الله.
فقد ورد ذلك مرتين، الأولى في سورة الانفال حيث يقول الشيطان {إِنِّيَ أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال : 48]، في هذا الأمر يوجد شبه اجماع من المفسرين على أن هذا قد جاء في معركة بدر وأن الشيطان لما رأى الأعداد الكبيرة من الملائكة أعتقد أن هذا هو يوم الحساب فقال بأنه يخاف الله.
والمرة الثانية التى ورد فيها قول الشيطان هو في سورة الحشر حيث قال: {إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} [المائدة : 28]، وفي هذا الموضوع ظهر اختلاف المفسرين وكما يلى:
- بعض المفسرين يذكرون أن هذا جاء لأشخاص محددين ويروون أحداث قصصهم وهي مختلفة من تفسير إلى آخر، في حين يذكر مفسرون آخرون أن هذا جاء لكل انسان أغواه وأضله الشيطان بشكل عام وليس لأشخاص محددين.
- مفسرون يذكرون أن كلام الشيطان يكون في الآخرة عند الحساب، في حين يذكر مفسرون آخرون أن هذا الكلام يكون في الدنيا بعد أن يغوي الشيطان الإنسان.
- مفسرون يذكرون أن خوف الشيطان من الله كما ورد على لسانه ليس حقيقيا بل كذبا ورياء فلو كان حقيقياً لامتثل لأوامره ولم يعصه، مفسرون آخرون يقولون إن خوفه حقيقي.
وهذا يفتح التساؤل حول إن كان كلامه كذبا فما هي الغاية من ذلك لأن هدف الشيطان هو إضلال الإنسان وإبعاده عن الإيمان والهداية فاذا يقول للإنسان بعد أن يكفر بأنه يخاف الله فان مثل هذا القول سيدخل الشكوك إلى نفس الإنسان ويمكن ان يدخل الخوف إلى قلبه هو أي الإنسان وقد يرجع عن الكفر وهذا عكس ما يريده ويسعى إليه الشيطان فلماذا يقول له بأنه يخاف الله، وإن كان خوفه حقيقيا فما سبب إصراره على الاستمرار بإغواء وإضلال الإنسان. بل انه يطلب من الله عز وجل أن يمهله لأجل اكمال ما يريده من إضلال الإنسان وإبعاده عن طريق الإيمان والصراط المستقيم.
أضع هذه التساؤلات أمام سماحتكم لأني مهتم جداً لمعرفة تحليلكم ورؤيتكم بصددها.
 

الجواب:
أما الآية 48 من سورة الأنفال فقد تضافر النقل على أن الشيطان كان قد ظهر للمشركين بصورة سراقة بن مالك الكناني فلم يعرفه المشركون على حقيقته وإنما عرفوه على أنه سراقة فحثهم على المسير إلى بدر وقتال المسلمين، وقال لهم: «لا غالب لكم وإني جار لكم». ولكن إبليس لما رأى نزول الملائكة عند إلتقاء الصفين وعلم أن لا طاقة للمشركين بهم تراجع وقال لهم: «إني بريء منكم، إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله» وكل هذا الكلام قاله لهم معاينة وهم لا يعرفونه إلا على أنه سراقة بن مالك وهو إنما قال لهم إني أخاف الله مجرد تبرير لنكوصه عنهم.
والتدقيق في الآية الكريمة يدعم صحة هذا النقل لأن التزيين بالوسوسة إنما يكون بتزيين العمل للنفس والحث على الفعل، وأما المضامين التي تذكرها الآية الكريمة كقوله إني جار لكم وقوله: {إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللّهَ} [الأنفال: 48] فهذا ما لا تستوعبه الوسوسة الأمر الذي يعني أن هذه المضامين لا بد أن تكون كلمات قيلت معاينة وذلك لا يتم إلا إذا تصور إبليس بصورة بشر وهو إنما قال لهم: {إِنِّي أَخَافُ اللّهَ } [المَائدة: 28] لمجرد تبرير نكوصه ولا يقصد ذلك حقيقة. وأما القول بأنه ظن قيام الساعة فهذا قول لا دليل عليه بل إن إبليس يعلم أن دين محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم هو خاتم الأديان وأنه سيظهر على الدين كله.
وأما الآية 16 من سورة الحشر، فقد ذكر أيضاً أنها ناظرة إلى قصة راهب تصور له الشيطان بصورة رجل فكان كلامه معه معاينة دون أن يعرف الراهب أنه إبليس ولم يكن قوله له: {إِنِّي أَخَافُ اللّهَ} [المَائدة: 28] إلا زيفاً وَإمعاناً في المكيدة.
ومما يدعم هذا التفسير أن القول الذي نقلته الآية الكريمة عن الشيطان {إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} لا يتأتى عبر الوسوسة فإن الوسوسة يمكن أن تستوعب إيصال أفكار مجردة في تزيين العمل المنكر وتصوير الأشياء للإنسان، وأما الحوارات التي تتضمن أقوالاً فهذا ما لا تستوعبه الوسوسة فلا بد أن يكون معاينة، وهذه المعاينة إما أن تكون في الدنيا من خلال تصور الشيطان بصورة ما، وإما أن تكون في الآخرة. وقد نقلت الآية 22 من سورة إبراهيم حوار الشيطان يوم القيامة مع الواقعين في شباكه ومكايده {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ } [إبراهيم: 22] .

الفهرست || أسئلة إسلامية متنوعة

السابق

Twitter Facebook قناة الشيخ حسين المؤيد في اليوتيوب google + البريد الالكتروني
[email protected]

جميع الحقوق © محفوظة للمنتدى العلمي
مكتب سماحة الإمام الشيخ حسين المؤيد

www.almoaiyad.com