الرئيسية شذرات الفتاوى الأسئلة والاستفتاءات المقالات الأبحاث والدراسات المحاضرات البيانات مشروع الميثاق الوطني اللقاءات الإعلامية السيرة الذاتية الصور الأسئلة والاستفتاءات
حول دور الأديان وأثرها في المجتمع
السلام عليكم يا شيخنا العزيز.
السؤال:
ألا تعتقد أن الأديان بشكل عام هي السبب الأول لجميع الحروب والمشاكل بين الشعوب؟؟؟؟
تعليق على السؤال اعلاه اليهودي يعتبر أنه المختار عند الله وباقي الديانات كفرة، وكذلك المسيحي يؤمن بنفس المبدأ والمسلم يقول إن الدين عند الله الإسلام ولا دين غيره والباقي كفرة وكذلك الهندوس والبوذيين كل واحد يضمر ولو بداخله السوء للآخر، هل تريدني ان أقر وأنا مسيحي بان الله سوف يعاملني مثلي مثل اليهودي الذي صلب المسيح أو المسلم الذي لايؤمن بعملية الصلب أو باللاديني الذي ينكر الدين إطلاقاً ولايعترف بالله لا برسله وهلم جر أيضاً هل انت كشيخ متعمق بالدين تظن انني واياك سواء عند الله انت تؤمن بالرسالة المحمدية وأنا كمسيحي انكر ذلك. اعتقد واجزم انك لاتؤمن من داخلك باننا سواء والواجب الديني عليك ان تعيدني إلى الحق الذي تراه وأنا أعيدك إلى الحق الذي اراه والباقون كذلك.من هنا نصل ان العداء بين الشعوب سببه الأول الدين وتعاليمه التي تحض على الانانية والعدوانية.
توضيح بسيط قد تسال مادينك ياسالم أقول المسيحية ولكنني أعتقد أن الدين لله وعلينا ان نعبد الله وحده وان الرسل باجمعهم سواء اليهود أو المسيح أو محمد بشر مثلنا وعليهم ايصال رسالة للبشرية فقط يصيبون ويخطئون ويحاسبهم الله على اداء الأمانة الذين حملوا بها ولا يهمني اكانت الرسالة بواسطة شخص اسمه موسى أو عيسى اومحمد أو بوذا أو كونفوشيوس الخ وانتهوا بانتهاء مهمتهم التي اوكلوا بها ولا أحد منهم أحسن أو أشرف من الاخر كما تعتقدون. ارجو النصح ان كان بالامكان بشيء مقنع.
الجواب:
أختلف معك إختلافاً جوهرياً في هذا الموضوع، لأنني أعتقد أنّ الأديان تعبر عن ضرورة ملحة للبشرية، لأن الإنسان يتجه بدافع فطري وإدراك عقلي نحو المطلق والإرتباط به، ولا يمكنه أن يلبي هذه الحاجة من عند نفسه، فلا بد من تنظيم علاقته بالمطلق من خلال المطلق نفسه الذي خلق الكون والحياة والإنسان، ولم يخلق ذلك كله عبثاً وإنما لحكمة لأن الله تعالى حكيم عليم.
والله عز وجل لم يأت بالانسان ليعيش الحياة الدنيا عبثاً، وإنما الحياة الدنيا حاضنة الإنسان في سيره التكاملي، فيحتاج الإنسان إلى تعاليم دينية تضبط إيقاع سيره التكاملي وتهديه إلى الصراط القويم الذي يوصله إلى الراحة والسعادة الأبدية ويحقق للنفس الإنسانية نزعتها نحو الكمال والسعادة.
وهكذا نعتقد أن الأديان تعبر عن حاجة ملحة للبشرية، وهي البوصلة التي لولاها لتاه الإنسان وسقط في مهاوي الضياع والشر.
ويعجبني قول الشاعر في هذا الصدد : -
لعمرك ما الأديان إلا سعادة وما الناس لولا الدين إلا بهائم
إن المشكلة الدينية هي من صنع الإنسان نفسه وليست وليدة الأديان، فالدين ظاهرة صحية وصحيحة في حياة البشرية، وإنما المشكلة في تعامل الإنسان مع الدين وتعاطيه مع تعاليمه.
المشكلة في الإنغلاق والتعصب الديني والغلو الديني والفهم الديني الخاطيء وفي عصيان تعاليم الدين. ومما يدلل على ذلك بوضوح أنك لا تجد خلافاً ولا صراعاً بين الرسل، فهل وجدت رسولاً يكذب من قبله أو يخوّنه أو يرميه بالخطأ؟ كلا. ولا تجد تضارباً بين الرسالات لأنها من منبع واحد، وهي تعاليم مناسبة لزمانها ومكانها. إن ذلك يقودنا إلى أن المشكلة ليست في الأديان وإنما هي في الإنسان نفسه وتعاطيه مع الدين.
الدين هو رسالة خير. والصراعات والحروب هي مظاهر شر وهما لا يلتقيان، لا يمكن أن يكون الخير منتجاً للشر، ولا يمكن أن نرى الشر ثمرة للخير.
أما التفاوت بين الرسل والأنبياء في المراتب والدرجات، فهو أمر طبيعي ولا ينبغي أن يخلق صراعاً ولا حتى سوء تفاهم، ما دام أن هناك إطاراً واحداً يؤطر الجميع وعلى أساسه لا نفرق بين الرسل «لا نفرق بين أحد من رسله» لا تمييز بين الرسل من حيث الإيمان بأنهم رسل من عند الله عز وجل ، لكل منهم الإحترام والتبجيل والموالاة، وهم جميعاً بإعتبار ارتباطهم المباشر بالله عز وجل وكونهم رسلاً ومثلاً أعلى للمجتمع معصومون من الخطأ.
إن التعاليم الصحيحة للأديان السماوية لا يمكن أن تحض على عداوة الإنسان للإنسان ولا على البغضاء وإنما تحض على العدل والكرامة الإنسانية. ان العداء والانانية والبغضاء هي من نوازع النفس الإنسانية حيث تذهب في طريق الشر، والأديان بوصفها تعاليم إلهية لا بد أن تواجه الشر وموقدي ناره، وهذا لا ينقل المشكلة من الإنسان الشرير إلى الدين نفسه الذي هو منهاج للتربية والتزكية والسمو الروحي.
إنني أنصحك بضرورة مراجعة متأنية وهادئة وموضوعية، ولوقفة تأملية في الدين والإرتباط بالله تعالى وحركة الأديان على الأرض كرسالة في المجتمع وكيفية تعاطي الناس معها وتعاطيها مع الناس.
متمنياً لك التوفيق.
البريد الالكتروني
[email protected]جميع الحقوق © محفوظة للمنتدى العلمي
مكتب سماحة الإمام الشيخ حسين المؤيد