الرئيسية شذرات الفتاوى الأسئلة والاستفتاءات المقالات الأبحاث والدراسات المحاضرات البيانات مشروع الميثاق الوطني اللقاءات الإعلامية السيرة الذاتية الصور الأسئلة والاستفتاءات
جواب سؤال عن السحر والحسد
سماحة الشيخ حسين المؤيد حفظكم الله
أعرض أمام أنظار سماحتكم موضوعا لا يتعلق بتفسير آية محددة من القرآن الكريم، بل حول قضيتين ورد ذكرهمافى القرآن الكريم وهما:
1 - السحر. وهو حقيقة ثابتة لا مجال للشك في وجودها كونها وردت مرات متعددة في سور القرآن الكريم. المطلوب معرفته هل السحر موجود في وقتنا الحاضر ومن تكون له القابلية للقيام به وما هو تاثيره خاصة وان هذا الموضوع قد اختلط بما يمكن تسميته بالدجل والشعوذة.
2 - الحسد. وهو أيضاً حقيقة ثابتة من خلال ما ورد في القرآن الكريم بصدده. المطلوب معرفته ما تأثير الحسد والاضرار التى يمكن ان يسببها وهل يمكن تجنبه وابعاد ضرره وهل يكون ذلك من خلال قراءة آيات معينة من القرآن الكريم أو هل توجد أدعية محددة كما نطلع في بعض المواقع الدينية.
اتطلع إلى معرفة رؤية سماحتكم لتزيل كل الغموض والأسئلة العديدة حول هذين الموضوعين.
جزاكم الله كل خير والسلام عليكم.الجواب:
فيما يتصل بالسؤال الأول فالجواب نعم السحر موجود في وقتنا الحاضر كما كان موجوداً قديماً، فلا يزال ثمة من يمارسه ويتقن فنه بل علمه، لأن السحر فن وعلم معا، والذين لهم القابلية على عمل السحر هم من عرف فن السحر واستوعب علمه.
وللسحر تأثير حقيقي سواء قبلنا بالنظرية القائلة بأن السحر ليس إلا صرف الشيء عن وجهه على سبيل الخداع والتمويه، فيقوم الساحر بإظهار الشيء بصورة الواقع ويصور الشيء على غير صورته الحقيقية من خلال الخدعة والتمويه فيتخيل الناظر أن الساحر يتصرف في الأمور التكوينية ويغيرها عن حقيقتها إلى حقيقة أخرى كإراءة البر بحرا متلاطم الأمواج تمخر فيه السفن، لكن على نحو الخديعة كما حصل مع موسى عليه السلام حسب ما جاء في قوله تعالى: {فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} [طه: 66] .
وعلى هذا فإن السحر وإن كان له وجود حقيقي إلا أن طبيعته قائمة على التمويه والخداع وليس له حقيقة واقعية من حيث طبيعته.
أقول السحر بهذا المعنى وعلى هذه النظرية قد يترك تأثيراً حقيقياً، فقد يظهر الساحر بتمويهه للشخص شيئاً مخيفاً يحدث الرعب فيه فيترتب على ذلك ضرر نفسي أو عقلي، وهذا الضرر هو تأثير حقيقي ترتب على التمويه والخداع الذي قام به الساحر.
أو إذا أخذنا بالنظرية التي تتوسع في مفهوم السحر فلا تحصره بالأعمال التي يقوم بها الساحر على سبيل الخداع والتمويه وإنما تجعله شاملاً للأعمال التي تقوم على معرفة أمور وقوانين في الكون منها معرفة تأثيرات الكواكب والعناصر وغير ذلك تجعل الساحر قادراً بالإستفادة منها على إحداث أثر على الإنسان أو الطبيعة، فإنه على هذه النظرية والتي هي الراجحة في نظري فلاشك في أن للسحر تأثيراً مباشراً وغير مباشر على الإنسان كما قال الله تعالى: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} [البَقَرَة: 102] .
وأما خفة اليد وما يسمى لغة بالشعوذة، فإن المشعوذ يأتي بالأفعال الحقيقية لكن من خلال السرعة وبحركات دقيقة لطيفة بحيث لا تنالها أعين المشاهدين لها، فالفعل الصادر منه هو فعل حقيقي. ومن هنا فقد ميزه البعض عن السحر بإعتبار أن السحر فعل يقوم على أساس إيجاد التخيلات. ولكن هذا التمييز ليس دقيقاً فإن الشعوذة أو بعض أقسامها يدخل في باب السحر بمعنى الفعل الذي يستبطن الخديعة والتمويه ويحدث للناظر أو السامع تخيلاً ما.
وأما الشعوذة بمعناها المتداول بين الناس في عرفنا الحاضر والتي تقوم على أساس إدعاءات باطلة وكاذبة فهي غير السحر الذي هو علم وفن.
وفيما يتصل بالسؤال الثاني فالجواب هو أننا يجب أن نميز بين أمرين يختلطان عادة في أذهان الناس مما يؤدي إلى إلتباس مفهوم الحسد لديهم. فالحسد مفهوم يراد منه تمني زوال نعمة الغير، وقد وضع لفظ الحسد في اللغة للدلالة على هذا المعنى.
وهذا المعنى عبارة عن حالة نفسانية تعتمل في نفس الإنسان وقد تترتب عليها أفعال تصدر من الحاسد بإتجاه المحسود كذمه بين الناس وإلصاق التهم به ومحاولة تسقيطه وإيذائه وإلحاق ضرر به وما شاكل لأن الحاسد يتمنى زوال نعمة المحسود فيعمل بهذا الإتجاه لتحقيق أمنيته.
والحسد بهذا المعنى من الذنوب العظيمة التي يعاقب الله تعالى عليها، وهو صفة ذميمة جداً على المستوى الأخلاقي وموجبة لإنحطاط صاحبها وسوء باطنه وسلوكه. والحسد بهذا المعنى هو الذي ورد في سورة الفلق: {وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} [الفَلَق: 5] .
وهناك أمر آخر يطلق الناس عليه لفظ الحسد، ولكن إطلاقه عليه لا يتماشى مع ما وضع له اللفظ لغة، لان لفظ الحسد لم يوضع للتعبير عنه حقيقة. وهذا هو إصابة العين وتأثير العين ونظرتها على الآخرين، وهو أمر قد يحصل بدون أن يكون الشخص الذي يصيب بعينه متمنياً زوال النعمة عمن أصابه، بل ربما يكون محبا له ولتمتعه بالنعمة، وقد يقع ممن لا يحمل في نفسه صفة الحسد الذميمة أخلاقياً.
ولعل السؤال هو عن هذا الأمر والذي هو أيضاً من القضايا الثابتة في الواقع والتي تناولتها جملة من النصوص الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. فهناك أشخاص تكون نظرتهم مؤثرة سلباً على الآخرين، وموجبة لوقوع ضرر عليهم قل أو كثر وسلب شيء منهم. ولم تعرف فيما أعرف طبيعة ذلك وكيفية حدوث هذا التأثير الذي لا يزال أمرا مخفيا لكنه حقيقة ثابتة.
وليس هذا الأمر هو المقصود بقوله تعالى: {وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} [الفَلَق: 5] كما تقدم قبل قليل. نعم ذكر بعض المفسرين أن الآية الكريمة أرادت التعوذ من الحاسد الذي يتمنى زوال نعمة الغير فيما إذا كان ممن يصيب بالعين، فيكون التعوذ من شر نفسه وعينه، فإنه ربما أصاب بها وضر. والصحيح أن الآية أعم. هذا وقد روي في الحديث: (إن العين حق). والعين إن أصابت سببت ضرراً ربما يكون بدنياً أو نفسياً أو تأثيراً على عمل الإنسان من حيث النتائج أو سير العمل وما شاكل. بل ربما أدت إلى الوفاة، وقد أثر أن العين تدخل الجمل القدر وتدخل الإنسان القبر.
وأما الوقاية من الإصابة بالعين فقد ورد في الأحاديث النبوية الشريفة تارة ما يتعلق بالشخص المصيب بالعين أن يقول إذا نظر إلى شيء أذكاراً معينة كقول ما شاء الله، وتارة ما يتعلق بالشخص الذي يخشى إصابة العين له. وكذلك ورد ما ينفع لمن أصابته العين. فهناك أدعية وأذكار وآيات تقرأ في مجال دفع الإصابة بالعين أو رفعها تطلب من الكتب المعتبرة المتكفلة لبيان ذلك.
البريد الالكتروني
[email protected]جميع الحقوق © محفوظة للمنتدى العلمي
مكتب سماحة الإمام الشيخ حسين المؤيد