الرئيسية شذرات الفتاوى الأسئلة والاستفتاءات المقالات الأبحاث والدراسات المحاضرات البيانات مشروع الميثاق الوطني اللقاءات الإعلامية السيرة الذاتية الصور الأسئلة والاستفتاءات
قلة أحاديث الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم في كتب الحديث الشيعية وحول انتساب كتاب نهج البلاغة إلى الإمام علي عليه السلام
جناب الشيخ الجليل حسين المؤيد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بعظيم الفخر أكتب إليكم لأنكم أصلتم مبدأ الوحدة الإسلامية داعياً الله تعالى أن يوفقكم لما فيه خير الأمة.
أسئلتي هي التالية:
1 - غالباً ما تدور بعض النقاشات والحوارات مع بعض المثقفين المسلمين ويتم الاستدلال والاستشهاد بالقران والاحاديث النبوية المصطلح عليها بالسنّة، فسائل يسأل: أين كتب السنة لدى الشيعة؟ أين كتب الحديث التي وردت بها احاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؟ هل يمكن اعتبار ماجاء على لسان الأئمة من السنة؟ حيث إنه لايعتبر حجة لدى الفريق الاخر بدعوى أنهم غير انبياء.
2 - ما هي أسماء الكتب التي وردت فيها أحاديث النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ، أقصد الصحيح منها فقط وليس الضعيف أو المردود وما شاكل ذلك.
أعلم أيها الشيخ الفاضل أن أتباع أهل البيت عليهم السلام يعانون الأمرين من هذا الأمر فهو يسبب لنا الكثير من الأحراج لأن أتباع مدرسة المذاهب الأربعة لديهم كتب الصحاح والكتب الاخرى للسنة النبوية، ونحن نعلم أن هناك كتاب الكافي والاستبصار وبحار الأنوار ومن لايحضره الفقيه وغير ذلك لكن تلك الكتب غير منقحة بحيث لا نستطيع الاستدلال بها لأننا لا نعلم الصحيح من غيره من تلك الأحاديث.
3 - نريد تقييمكم ورأيكم حول كتاب نهج البلاغة بشكل موضوعي يبين للعام والخاص صحة انتساب الكتاب لأمير المؤمنين عليه السلام من عدمه.
أفيدونا رحمكم الله والسلام عليكم.
الجواب:
إن مصطلح السنة عند الشيعة الإمامية يطلق على قول المعصوم وفعله وتقريره، ويقصدون بالمعصوم الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وابنته فاطمة الزهراء عليها السلام والأئمة الاثنى عشر، وبالتالي فالسنة التي هي أحد المصادر الاصلية للاحكام الشرعية والمفاهيم الإسلامية تعم كل ذلك عندهم.
وقد كان الصدر الأول من الشيعة سباقين إلى تدوين السنة لا سيما الأحاديث. وعند الرجوع إلى المؤلفات التي فهرست لرجال الأحاديث والأصول والكتب والمدونات الحديثية نجد أن قدماء الشيعة كانت لهم المؤلفات الكثيرة المتصلة بنقل الأحاديث عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وعن أمير المؤمنين علي والحسن والحسين وزين العابدين عليهم السلام .
وقد كانت هذه الكتب والمدونات مدار النقل والتحديث والسماع، وفي كل طبقة أضيف إلى تلكم المدونات الأحاديث التي تروى عن الأئمة التالين حسب كل طبقة، وبهذا تكونت ثروة حديثية واسعة. إلا أن النسبة الأكبر من هذه المدونات لم تصلنا خاصة بعد أن تم اختزال كل ذلك التراث عبر المجاميع الحديثية التي عبر عنها بالكتب الاربعة وذلك في القرنين الثالث والرابع الهجري، وصارت هذه الكتب مدار النقل والاستدلال. على أن هناك كتبا كثيرة في مواضيع معرفية شتى نقلت الأحاديث لكنها لم تخل من عملية الاختزال التي أشرنا إليها. ومن الملفت للنظر أن عملية اختزال هذا التراث تكاد تكون اقتصرت من حيث الممارسة والنتيجة على المرويات عن الإمامين الباقر والصادق ومن بعدهما من الأئمة ولم تنقل من مدونات الحديث التي أنتجها الصدر الأول والتي اكتظت بأحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الاولين عليهم السلام إلا النزر القليل الأمر الذي أدى إلى فقدان الشيعة لثروة حديثية ضخمة. والذي أعتقده أن هناك عوامل لا يتسم بعضها بالايجابية أدت إلى هذه النتيجة الوخيمة التي أثرت على بلورة الفكر الشيعي بالطريقة التي عمقت شرخ الخلاف بينه وبين فكر المدارس الإسلامية الأخرى، بعض هذه العوامل عقيدي وبعضها اجتهادي، فأنت اليوم لا تجد في المرويات ما ينقل عن أمير المؤمنين علي وعن الحسن والحسين زين العابدين عليهم السلام إلا النزر اليسير فضلا عن المرويات عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، بينما حين ترجع إلى مصادر الشيعة الزيدية تجد أن أهم مصادرهم هو مسند الإمام زيد وهو يحتوي على الأحاديث التي يرويها زيد عن أبيه السجاد عن الإمام الحسين عن علي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فتستطيع ان تحظى بكمّ من الأحاديث عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الأولين الأمر الذي لا تجد نظيره في الكتب الاربعة. وحتى الكتب الاربعة تتضمن عددا غير قليل من الأحاديث التي تتصف بسند معتبر لا يمكن نسبتها إلى الأئمة عليهم السلام ولا تتصف بالحجية لأن متونها تحتوي على خلل فاضح يشي بأن هذه الأحاديث إما أن تكون مدسوسة ووضع لها سند معتبر أو مكذوبة يمكن أن يكون بعض رجال سندها ممن تم توثيقه بحسب الظاهر وهو غير ثقة في الواقع قام بافتعالها أو الزيادة والنقصان فيها، الأمر الذي سبب في نظري مشكلة كبيرة في اتجاه عملية الاستنباط في المسار الصحيح. ومن هنا يجب أخذ كل هذه الأمور بنظر الاعتبار في استنباط الاحكام وتأصيل قواعد في هذا المجال بحيث لا تكتفي عملية الاستنباط بالمصادر الموجودة وإنما تعتمد منهج المقارنة والدراسة التحليلية وتتبع مسار الاحكام منذ خيوطها الأولى، كما لا تكتفي بالنظر إلى اعتبار السند وإنما تدقق في المتن وتدرس جو النصوص وتنفتح على كل القرائن التي يمكن أن تلعب دوراً في تقييم النص.
وأما كتاب نهج البلاغة فقد أخطأ من ادعى أنه من تأليف الشريف الرضي، وإنما الصحيح أن الشريف الرضي قام بجمع هذه الخطب والكلمات المنسوبة إلى أمير المؤمنين علي عليه السلام من الكتب والمصادر والمنقولات والمدونات. ولا بد من اتباع منهج التدقيق في المنقول في هذا الكتاب حسب السند والمتن فما تم له سند معتبر ولم يكن في متنه خلل يمكن حينئذ نسبته إلى أمير المؤمنين عليه السلام ويترك ما عداه. فالناس وقعوا في قضية نهج البلاغة بين تفريط وإفراط، فالتفريط نسبة الكتاب إلى الرضي نفسه، والافراط هو القول بنسبة كل ما في الكتاب إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، والمنهج الوسط هو أن الكتاب ليس للشريف الرضي وإنما هو مجموع ما نسب إلى أمير المؤمنين علي عليه السلام من خطب وكلمات، ويحكم بصحة ما كان له سند معتبر ولم يكن في متنه خلل، وما لا ينافي الاعتبار.
البريد الالكتروني
[email protected]جميع الحقوق © محفوظة للمنتدى العلمي
مكتب سماحة الإمام الشيخ حسين المؤيد