الرئيسية شذرات الفتاوى الأسئلة والاستفتاءات المقالات الأبحاث والدراسات المحاضرات البيانات مشروع الميثاق الوطني اللقاءات الإعلامية السيرة الذاتية الصور
 

الأسئلة والاستفتاءات

ما فضل صلاة الليل، وما هي آثارها على المصلي؟
 

السؤال:
ما فضل صلاة الليل، وما هي آثارها على المصلي؟
 

الجواب:
إن لصلاة الليل فضلاً عظيماً ومكانةً جد سامية ميزتها من بين سائر النوافل والصلوات المستحبة، وكفاها فضلاً أنها الصلاة المستحبة التي أفردها القرآن الكريم بالذكر على وجه الخصوص دون سائر الصلوات المستحبة، وقد وردت فيها آيات كريمةٌ عديدة تكشف عن رفيع مكانتها وعظيم فضلها وشديد حب الله تعالى لها ومقربيتها له جل جلاله. قال تعالى مخاطباً نبيه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم { وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً} [الإسراء : 79] وقال تعالى مخاطباً نبيه أيضاً { وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً} [الإنسان : 26] ، وانظر إلى سورة المزمل إذ يخاطب الله تعالى حبيبه محمداً صلى الله عليه وآله وسلم ويأمره بقيام الليل في بواكير بعثته قائلاً عز وجل : { يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمْ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً (2) نِصْفَهُ أَوْ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلْ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً} [المزمل: 1-5] ، وتدبر في الربط بين قيام الليل والتهيؤ لتحمل أعباء الرسالة في الآية الكريمة، وانظر أيضاً إلى قوله تعالى واصفاً صلاة الليل { إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً} [المزمل: 6] وتدبر في قوله تعالى: { أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} [الزمر : 9] وانظر كيف يصف الله تعالى المتقين في كتابه إذ يقول: { كَانُوا قَلِيلاً مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات: 17-18] فلم يذكر أداء المتقين لفرائض الصلاة وإنما ميزهم في هذه المقاطع بقيام الليل، وتعمق في قوله تعالى وهو يبين تفاعل المؤمنين الصادقين مع القرآن وآيات الله عز وجل اذ يقول في سورة السجدة: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (15) تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (16) فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 15-17] وانظر كيف أن الله تعالى لم يبين على وجه التحديد في هذه الآية الكريمة ثواب صلاة الليل وإنما كنى عن عظيم ثوابها بعبارة بليغة فقال: { فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 15-17] .
وقد وردت أحاديث شريفة في المجاميع الحديثية للسنة والشيعة على السواء تحث على صلاة الليل وقيامه وتؤكد على ذلك وتشير إلى أهمية هذه الصلاة وتبين سامي فضلها وعظيم ثوابها وجليل مكانتها فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل»، وعن عبد الله ابن سلام لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس إليه وقيل قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئت في الناس لأنظر إليه فلما استبنت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب فكان أول شي تكلم به أن قال: «يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام». وعن أم المؤمنين عائشة عليه السلام قالت: « لا تدع قيام الليل فان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يدعه وكان إذا مرض أو كسل صلى قاعداً». وورد عن الإمام جعفر الصادق قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام : «أوصيك في نفسك بخصال فاحفظها ثم قال اللهم أعنه إلى أن قال وعليك بصلاة الليل وعليك بصلاة الليل وعليك بصلاة الليل». وعن جعفر الصادق أيضاً قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لجبريل عظني فقال يا محمد عش ما شئت فانك ميت وأحبب ما شئت فانك مفارقه واعمل ما شئت فانك ملاقيه، شرف المؤمن صلاته بالليل وعزه كفه عن أعراض الناس.
وروى الإمام زيد رضي الله تعالى عنه عن أمير المؤمنين علي عليه السلام قال: ركعتان في ثلث الليل الأخير أفضل من الدنيا وما فيها. وروى عنه أيضاً من صلى من الليل ثماني ركعات فتح الله له ثمانية أبواب من الجنان يدخل من أيها شاء. وروى جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار.
وقد كان السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن صالحي هذه الأمة وعلمائها الأبرار يواظبون على صلاة الليل ولذا قال جعفر الصادق فيما أثر عنه: عليكم بصلاة الليل فإنها سنة نبيكم ودأب الصالحين قبلكم. وقال يحث على قيام الليل ويؤكد عليه «لا تدع قيام الليل فان المغبون من حرم قيام الليل» وقال: إني لأمقت الرجل قد قرأ القرآن ثم يستيقظ من الليل فلا يقوم حتى إذا كان عند الصبح قام يبادر بالصلاة». هذا غيض من فيض فيما يتصل بفضل صلاة الليل وآثارها، ومن آثارها أيضاً صفاء الروح والقرب من الله عز وجل وأنها تستنزل رحمة الله ورضوانه ورزقه. فحري بالمسلم وهو يرى ما لصلاة الليل من عظيم الفضل ورفيع المنزلة وجليل الأثر أن يواظب عليها ولا يزهد فيها وبالله التوفيق.

الفهرست || أسئلة إسلامية متنوعة

السابق

Twitter Facebook قناة الشيخ حسين المؤيد في اليوتيوب google + البريد الالكتروني
[email protected]

جميع الحقوق © محفوظة للمنتدى العلمي
مكتب سماحة الإمام الشيخ حسين المؤيد

www.almoaiyad.com