الرئيسية شذرات الفتاوى الأسئلة والاستفتاءات المقالات الأبحاث والدراسات المحاضرات البيانات مشروع الميثاق الوطني اللقاءات الإعلامية السيرة الذاتية الصور
 

مشروع الميثاق الوطني للإمام المؤيد

 

قراءة في مشروع الميثاق الوطني العراقي للإمام المؤيد

14/12/2006


عبد المنعم حمندي

المشهد العراقي حمام دم مستمر ,وفاجعة تتجدد كل يوم,يقدم صورة مكفهرة للقتل والرعب والخراب ,ويعكس حقيقة المحنة التي صنعها الاحتلال الانكلو-أمريكي في العراق منذ قرابة الأربع سنوات.
لقد تغلغل الإرهاب في ثنايا الشعب,وانتشرت أجهزة الموساد وال C.I.A ودوائر مخابرات إقليمية ودولية في طول البلاد وعرضها, تفتك بالناس وتزيد الخلاف والاحتراب ,كما اتسع نفوذ المليشيات في كل ارض العراق ,واستخدم المحتل والمتعاونون معه شتى وسائل الشر والدمار ,فقام بزرع الفتنة الطائفية ,وإشعال النار في الهشيم وفق برنامج تم إعداده لهذا الغرض ساعده في تنفيذه أذنابه من العملاء والمأجورين والمرتزقة الذين باعوا ضمائرهم مقابل حفنة من الدولارات الملطخة بدماء الشعب ,بعد أن استعملوا أنواع وسائل الخداع وألاعيب التخدير وخلط الأوراق وذر الرماد في العيون ,فاختلط الندى بالسراب والدم بالحليب .. كان المستهدف في غزو العراق واحتلاله القوة العسكرية وما يملكه العراق من أسلحة دمار شامل ,كما أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية ,ولما ثبت كذب الادعاء الأمريكي , تحول الهدف نحو إبادة الشعب فقدم العراق مئات الآلاف من الضحايا خلال الشهور القليلة الماضية من زمن الاحتلال , عبر صنوف قتل وتدمير لا حصر لها تنوعت بين تفجير العبوات الناسفة والسيارات المفخخة أو بين الاشتباكات المسلحة أو من خلال القصف العشوائي للهاونات أو الصواريخ التي تطلقها طائرات أمريكية تحت ذريعة مكافحة الإرهاب على البيوت الآمنة في الأحياء والقرى والقصبات , لقد تنوعت القتول ولم يعد السبب مهما قدر ذكر الأعداد , سواء كان القتل بسبب الإرهاب أو الفتنة الطائفية أو الخطف والاغتيال ,كما انتشرت الجريمة في أبشع صورها وأصبحت مهنة المئات من العراقيين ولعلها مصدر رزق لهم .
في هذا الظلام المشحون بالموت والإرهاب وانعدام الرؤية. في هذه العاصفة والمحنة التي وقودها الأبرياء من العراقيين تبزغ شمس الله بالحق من خيوط الليل كما تنبثق الخضرة في اليباب. ينطلق المشروع السياسي الذي قدمه سماحة العلامة الشيخ حسين المؤيد . ينطلق متوجها إلى القوى والشخصيات السياسية الوطنية العراقية وللشعب العراقي المظلوم على شكل ميثاق أو برنامج سياسي يدرس محنة الوطن والشعب وفق نظرة موضوعية تستند إلى تحليل واقعي يضع يده على ثغور الجراح وعوامل الأزمات أوجزها في (احتلال العراق وما أوجده هذا الاحتلال من تداعيات خطيرة وما أدى إليه من واقع مقيت , ثم البناء الخاطئ للعملية السياسية في العراق والذي غيب المشروع الوطني وأوجد الطائفية السياسية في البلد وأحدث اصطفافا وتخندقا طائفيا واثنيا في المجتمع العراقي , وكرس السلطة في حلقة مغلقة لمجموعة من القوى والشخصيات التي تعاملت مع الاحتلال وتماهت مع مشروعه وإرادته , إضافة إلى التدخل الدولي والإقليمي الذي لا يلتقي مع المصلحة الوطنية العراقية ولا مع المصلحة العربية ,فصار العراق ساحة مفتوحة لهذه القوى التي لا تريد عراقا وطنيا قويا يلعب دوره الفاعل دوليا وإسلاميا وعربيا وترى من مصلحتها إضعاف العراق وتمزيق نسيجه الاجتماعي فأضحى العراق ميدانا للتجاذبات السياسية والأطماع الخارجية )
وبعد أن يستعرض الأمام المؤيد أبعاد المشهد السياسي في الشارع العراقي وظلامية الواقع الذي تكوّن بفعل آلة الشر الأمريكية يضع العراقيين أمام حقيقة الوضع الراهن , وحقيقة ( الخطاب الديماغوجي الديني والسياسي الذي يرتكز على استغلال العاطفة المتأججة , ويركز على الشحن الطائفي والاثني ) ويشرح المخاطر الناجمة عن هذا الاستغلال الذي كان المشكلة الأكبر لمعظم البسطاء من العراقيين وهي جهلهم بما يقوم عليه هذا الخطاب وبما تقوم به السياسة الأمريكية في البلاد من مؤامرة تعتمد الفتنة والتفرقة وصولا إلى تحقيق أهداف إستراتيجيتها في التقسيم وتقطيع أوصال الوطن الواحد إلى دويلات طوائف وأقاليم .
وفي خضم المحنة يفضح الشيخ المؤيد في مشروعه زيف الادعاء الأمريكي بالدفاع عن الحرية والمحافظة على السلام وتحقيق الديمقراطية, فلم يحصد الشعب العراقي من هذا الادعاء سوى الدمار وانهار الدماء والفجائع والثبور.
إن الإمام المؤيد يدعو الشعب العراقي في مشروعه لكي يكون صفا واحدا بوجه الاحتلال والعدوان وحرب الإبادة المستمرة بحقه , ويرى ( إن أية رؤية سياسية حول معالجة الأزمة في العراق لا بد أن تسير في الاتجاه الذي لا يحرفها عن المسار الحقيقي لحل الأزمة , لذا يجب أن يكون التركيز على معالجة الأسباب لا على مجرد النتائج ,وان إنقاذ العراق لا يمكن أن يمر عبر تسيير العملية السياسية الحالية وتمشيتها , وإنما عبر تصحيح هذه العملية في ضوء المشروع الوطني العراقي) ويعرض الإمام المؤيد برؤية السياسي المحنك البرنامج (الذي يجب أن تتعاقد عليه القوى والشخصيات الوطنية بوصفه ميثاقا عراقيا موحدا ليتم تسويقه جماهيريا وليكون البديل الموضوعي الذي يستقطب الشارع العراقي وفي ضوء تبنيه تتحدد آليات تحويله إلى واقع سياسي شعبي يأخذ مداه تدريجيا لإنقاذ العراق ) ثم يحدد مفردات البرنامج البالغة ثمانية عشر نقطة , كلها أساسية ومهمة تترابط فقراتها ترابطا عضويا تستوجب نضالا كبيرا وجهودا وطنية حقيقية لتحقيقها , لذلك فان دعوة الإمام المؤيد تنصب الآن على تحويل هذه المفردات إلى حقيقة على ارض الواقع المدمي اليوم . نحن نشهد ولادة هذا المشروع الجبار تحت وابل النيران في فوضى الموت والدمار ,إنها ولادة جديدة ولادة حل عراقي وطني موحد يتجاوز فيه الشعارات والبيانات ويقيم علاقات عادلة وصحيحة موفورة الكرامة والأمن والحقوق التي تقرها مفردات البرنامج بمسؤولية وطنية تقوم على تحرير الإرادة والقرار السياسي العراقي وإنهاء الاحتلال والحفاظ على وحدة العراق أرضا وشعبا واقتصادا والالتزام الكامل بهوية العراق العربية الإسلامية ورفض كل أشكال التدخل الأجنبي وصيانة دستور وطني يحقق وحدة وتلاحم المجتمع العراقي باتفاق شرائحه كافة , وان مفردات البرنامج أكدت حفظ الأمن والاستقرار الذي هو مسؤولية الدولة , ورفض كل ما هو خارجها ومحاربة كل ما تشكل خلاف ذلك ,وأكدت بناء القوات المسلحة بكافة صنوفها وفق معيار الولاء للوطن وحماية الدستور بعيدا عن التجاذبات السياسية ,هذا وأكد البرنامج على (بناء دولة المؤسسات والقانون وان يكون الحكم للمؤسسات الدستورية لا لفرد أو حزب أو جهة أو تيار ) ويكون التداول السلمي للسلطة في دائرة مفتوحة وفق الصيغ الديمقراطية بما يضمن المشاركة الجماهيرية ومنظمات المجتمع المدني , و( رفض كل أشكال احتكار السلطة أوالاستئثار بها لقوة أو مجموعة قوى في دائرة مغلقة ) ولا بد من الإشارة إلى أن المشروع السياسي للإمام المؤيد قد عالج كل شاردة أو واردة وكل ما أفرزه الاحتلال من آثار سلبية في المجتمع العراقي واجترح البلسم الشافي للجراح النازفة خصوصا بما يتصل في تنفيذ مفردات البرنامج إذ أكد على ضرورة وجود ضمانات دولية بعد وضع الجدول الزمني لانسحاب قوات الاحتلال عبر قوات دولية بالتنسيق مع الأمم المتحدة لحين إعادة بناء الدولة بشكل سليم و( عدم صوابية ربط الانسحاب بجهوزية قوات الجيش والأمن ,لأن أجهزة الجيش والشرطة الحالية قد بنيت على أساس العملية السياسية الحالية والتي هي سبب رئيس من أسباب الأزمة) .إن المشروع الذي يقدمه سماحة الإمام المؤيد ينطلق من مسؤوليته الوطنية والتاريخية بصفته مرجعا دينيا وقائدا جماهيريا لا سيما في هذه المرحلة الخطيرة التي يمر بها الوطن والأمة ,فهو عندما يؤكد العمل على إلغاء مبدأ المحاصصة الطائفية والعرقية , وان تكون المواطنة هي الأساس , ويكون جميع العراقيين سواسية أمام سيادة القانون فهو يعمل على ضرورة تحصين المواطن في دولة القانون والمؤسسات بالوعي الوطني والتفاعل مع الديمقراطية كمنهج في الحياة وسياج يحميه في العمل السياسي والثقافي والاجتماعي . واذكر هنا قوله تعالى (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ) لأن الإمام المؤيد يرى: إن العمل طريق البناء الصحيح يقوي الإرادة , ويزيد القدرة على المواجهة , فلا بد من العمل لأن الوطنية عنده أكبر من العرق والدين والمذهب وذلك لأن الوطن هو الحاضنة وهو الرحم , وهو الأم وهو البستان لمختلف الأشجار والثمار , فما قيمة الشجر دون الأرض التي ينبت فيها , وما قيمة الجسد دون القلب النابض فيه. والوطن قلب الجــــــــــــسد لكل حياة.!
إن التشبث بأذيال المحتل ضعف فينا, وان ضعفنا ليس قدرا بل تقصير منا بحق شعبنا وقيمنا وأنفسنا, فمتى ما كنا أقوياء بوحدتنا سنهزم عدونا والاحتلال ! لهذا علينا أن نحسن العمل , بالعمل وبصلابة الموقف ونبذ الفرقة ,وان تكون الوحدة الوطنية الخيار الوحيد لنا فالشعب لم يعد يتحمل هذا النزاع الدامي وهذه الطروحات المقيتة! إن الوعي الثاقب بما للذات وما للغير والوطن من حقوق وواجبات يرى الشيخ المؤيد أن تطبيق هذا البرنامج السياسي لا بد أن يتم عبر إعادة بناء العملية السياسية وفق المشروع الوطني العراقي ,وان التعاقد على هذا البرنامج مفتوح لكل العراقيين الخيرين المؤمنين بوحدة الوطن ونبذ كل أشكال العنف داخل المجتمع وإدانته ومنع عمليات التطهير الطائفي والعرقي وان المنعطف الخطير الذي يمر به الوطن يستدعي منه أن يطرح هذا المشروع المهم وهذا البرنامج النبيل الزاخر بالقيم والمرتكزات التي توحد الصفوف وتجمع العراقيين على وحدة الوطن وكرامة المواطن وتحقيق الحرية وكامل السيادة والاستقلال وينصر الله من ينصره

 

السابق

 

 

Twitter Facebook قناة الشيخ حسين المؤيد في اليوتيوب google + البريد الالكتروني
[email protected]

جميع الحقوق © محفوظة للمنتدى العلمي
مكتب سماحة الإمام الشيخ حسين المؤيد

www.almoaiyad.com