مشروع الميثاق الوطني للإمام الشيخ حسين المؤيد..استشراف وآفاق
بقلم: مراقب وطني
بنظرة متفحصة وقراءة معمقة في تشابكات الوضع العراقي وتعقيداته منذ الغزو في نيسان
من العام 2003 وحتى يومنا هذا ظهر في الساحة الوطنية طبقا لخصائصها الجديدة التي
تبلورت بعد الاحتلال ما يصطلح عليه ب(الحالة العراقية)خاصة بعد انفلات أبعاد المربع
العراقي عن الخطوط البيانية التي رسمت له في إستراتيجية الاحتلال. ومفهوم الحالة
العراقية لمن لديه القدرة على حل مغاليق والغاز الديماغوجية السياسية أريد منه
ابتداء فصل الاحتلال ومسبباته وآثاره فيما بعد عن التأثيرات الإقليمية واضحة
البصمات والمعالم منذ البداية.تلك المسببات والآثار التي دلت على صلتها بأجندة
الاحتلال حيث أسفرت عن وجهها على شكل تجاذبات واستقطابات أحكمت قبضتها على منافذ
الحياة السياسية مستفيدة من الانسحاب التكتيكي للقوى الوطنية بعيد الاحتلال ومن
الفراغ الذي استغلته تلك القوى التي اصطرعت منذ الخطوات الأولى التي كانت على شكل
أوامر مما يسمى بمجلس الحكم الذي حدد معالم تلك الخطوات إن لم نقل انه رسم حتى
أبجديات خطابها السياسي المعلن. وفي خضم دوامة الفوضى التي بدأت مع الاحتلال وحتى
تشكيل مجلس الحكم وما حدده هذا المجلس من تداول صوري للسلطة على الأسس الترتيبية
للأسماء .تلك الأسماء التي لم تستطع أو لنقل بأنها لم تكن مهتمة حتى بمناقشة رؤية
الاحتلال وقراراته في التدخل بالحياة العراقية وفقا لما يريده وفي الوقت الذي غاب
فيه برنامج المقاومة تأثيرا وفعلا لأسباب لا بد من تشخيصها دفع الاحتلال بورقة
سرعان ما تمزقت ولكنها عبرت عن هستيرية وسخونة الرد الطائفي وخوائه وهو يحاول
التلبس برداء الوطنية مستفيدا من عدم جاهزية غرف امتصاص الصدمة التي ركنت إليها
المقاومة وبسبب من سلسلة التناقضات التي كانت نائمة أو مخدرة أو مستسلمة قبل
الاحتلال لأسباب لا نريد الخوض فيها. في ذلك الوقت امتد إخطبوط القوى السياسية
الجديدة للعمل في الساحة وفقا لأجندة الاحتلال التي حددت فيما بعد باشتراطات مجلس
الحكم الذي لم يستمر طويلا حيث بدأت معالم اختناق تجربته تلوح في الأفق وقد ركست مع
بدايات الرد الأول حيال مفاهيم التهميش والإقصاء والحل والاجتثاث مع الانشغال
الكامل في عملية تقاسم الغنائم والمناصب على حساب آمال الجماهير التي كانت تتطلع
على اقل تقدير مع علمها بحقيقة أهداف الاحتلال إلى ترجمة ولو تكتيكية لجملة الوعود
والشعارات التي اصطفت بشكل أنيق ومرتب لم تجن منها تلك الجماهير بالنتيجة شيئا لا
على صعيد الخدمات ولا أصعدة إعادة الحياة للأبنية الفوقية أو التحتية المدمرة التي
هي حق وملك للشعب كائنا من كان شكل النظام أو لونه أو هويته . في ذلك الوقت ومع
سخونة حمى الطائفية التي سرعان ما افتضح هدفها المتقاطع مع القاسم الوطني المشترك
الملزم بمقاومة الاحتلال وخوفا من أن تتحول تلك السخونة إلى حريق يصعب
احتواؤه.ارتفع صوت وطني هنا وآخر هناك مشعرا الجماهير بأهمية دورها في استحضار
الواجب الوطني وتفعيله للتعامل مع الخطر الذي بات يهدد المجتمع العراقي بحالة من
الانقسام الحاد.إلا أن بعض تلك الأصوات سرعان ما صمت بسبب البرامج والوعود التي
ألزمت ما تسمى ب(الحكومة المؤقتة) نفسها بانجازها وتطبيقها حيث دعت من جملة ما دعت
إليه الأصوات الوطنية إلى هدنة ريثما يتم ترتيب سلم أولويات المطالب الوطنية .إلا
أن تلك الوعود والدعوات وكما هي حقيقتها المرتبطة بحقيقة الاحتلال واقعا وأهدافا لم
تتحقق لسبب واحد هو أن تلك (الحكومة ) ومجلس الحكم الذي سبقها قد جاءا بعملية
قيصرية عن الاحتلال الذي كان يطمح إلى شرعنة الغزو وتكريسه. وقد كان صوت آية الله
الشيخ حسين المؤيد واحدا من ابرز واهم تلك الأصوات الوطنية التي لم تستجب لهدنة
الحكومة المؤقتة مثلما هي عدم استجابته قبل تلك الدعوة لجملة المخططات التي رسمت
بعيد الاحتلال وبعد تشكيل مجلس الحكم حيث رأى في ذلك السيناريو المفضوح محاولة
لتدجين وترويض الدعوة لمقاومة الاحتلال التي لخصها في تمتين البناء الوطني محذرا من
إضعافه واستهدافه فيما بعد. وحيث كان لصوت الشيخ المؤيد فعله ألتأثيري في أوساط
الجماهير التي كانت تترقب خطبه في أيام الجمع وتتداولها فيما بعد على شكل تسجيلات
صورية وصوتية أملا لأن ترى نفسها جزءا من مظلته الوطنية الجامعة وطموحا لأن تكون
حيال اصطفاف وحدوي وطني قبالة الاحتلال وأجندته السياسية الذي حاول فرضها كأمر واقع
. وحيث تعرضت الدعوة الوحدوية للشيخ المؤيد إلى كثير من النقد ومحاولات التضييق
والتقييد من قبل القوى المستفيدة من الاحتلال كانت الجماهير أمام ذلك تشكل مع تلك
الدعوة سياجا متينا من التلاحم المعبر عنه بكثير من المواقف التي رسمتها شخصية
الشيخ المؤيد والتي حسرت المفهوم الطائفي الضيق إلى آخر نقطة حرجة رغم أساليب الشحن
الطائفي المستندة أصلا إلى دعم إقليمي خارجي حاول بإمكانات مادية لا حدود لها إضعاف
أصداء تلك الدعوة الوطنية تمهيدا لإسكاتها وخنقها فيما بعد .وبالنتيجة كان التداعي
والانقسام الحاد والسير نحو الهاوية هو الهدف لتلك القوى التي حذّر من خطرها الشيخ
المؤيد سلفا مع تأكيده بأنها لم ولن تشكل رغم قتامتها وسوداويتها وتحقيق جزء من
أهدافها الشريرة خطرا حقيقيا على المجتمع العراقي بسبب استثنائيتها ونشوزها عن قيم
وأخلاق وتاريخ هذا المجتمع .وفي الفترة الأخيرة تناقلت الأنباء عبر الفضائيات وبعض
الصحف العربية والعراقية وعبر لقاءات مباشرة مع سماحة الشيخ المؤيد أنباء تشير إلى
عزمه إصدار مشروع وطني جامع على شكل ميثاق لإخراج العراق من محنته التاريخية التي
سببها الاحتلال وأدواته والتي أدت إلى تداعيات تجاوزت مراحل الخطر حيث وصلت إلى
مرحلة (الهاوية) كما وصفها في احد لقاءاته المتلفزة .حيث تشير الأنباء إلى أن هذا
الميثاق هو في طور الإعلان بعد أن استكمل الشيخ المؤيد فقراته الجامعة والتي تلخص
صورة الخلاص من الاحتلال وما أدى إليه وصولا إلى حياة الانعتاق والسيادة والتحرر
استنادا إلى هذا (الميثاق المشروع ) والذي تدل الإحداث والوقائع بأنه سوف يكون
إطارا عاما لتيار وطني يحتوي الهم العراقي من خلال شموله الطيف الوطني كله والذي
يبدو بأنه قد أوكل للشيخ المؤيد إرساء دعائمه للانطلاق نحو الحالة الجديدة للعراق
الجديد. إن الجماهير التي خبرت الاحتلال واكتوت بناره ونيران أدواته والتي لم تجن
إلا صور الخراب والموت المجاني وانعدام شكل الحياة الحرة الكريمة ترى نفسها اليوم
منضمة إلى هذا المشروع الوطني الذي يمثله الشيخ المؤيد وتياره الجامع حرصا على بقاء
قاسمها الوطني المشترك وحفظا على وحدة أرضها وانسجام لحمتها التاريخية بالضد مما
منهج ورسم له الاحتلال البغيض والذي مازال يراهن اليوم على أوراقه الصفراء وأدواته
فاقدة الرصيد بين هذه الجماهير التي ترى اليوم في مشاريع الشيخ المؤيد خلاصها
الأكيد وقاربها الذي يشير إلى الغد المشرق غد العراق الناهض الواعد .
السابق