الرئيسية شذرات الفتاوى الأسئلة والاستفتاءات المقالات الأبحاث والدراسات المحاضرات البيانات مشروع الميثاق الوطني اللقاءات الإعلامية السيرة الذاتية الصور المقالات
الرد على محاولات منظري التشيع المذهبي لرمي أهل السنة بالقول بتحريف القرآن الكريم
يحاول بعض كُتّاب الشيعة رمي أهل السنة بتهمة تحريف القرآن الكريم ، بل اتهام بعض كبار الصحابة بذلك ، و قد اعتمدوا في ما اعتمدوا عليه في هذا المجال على ما كتبه بعض المستشرقين الحاقدين على الإسلام الذين طعنوا في كتاب الله عزّ و جلّ و الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه . و مما استشهد به هؤلاء هو ما أورده الحافظ أبي بكر السجستاني في كتابه المصاحف تحت عنوان ( مصحف عمر بن الخطاب رضي الله عنه ) أن عمر رضي الله عنه كان يقرأ : صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و غير الضالين . و الجواب على ذلك : - أولا : - إن الحافظ السجستاني في كتابه المصاحف لم يقتصر على إيراد الروايات الصحيحة ، و إنما أورد ما جمعه في هذا الباب من روايات و ذكر أسانيدها و يتم التمييز بين الصحيح و الضعيف بناء على تقييم الأسانيد المذكورة . علما أن الدار قطني و إن وثق السجستاني لكنه قال عنه إنه كثير الخطأ في الكلام على الحديث . ثانيا : - ما أورده الحافظ السجستاني نقلا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لو صح جدلا - و هو لم يصح - فإنه لا يدل على التحريف و إنما على اختلاف القراءة ، و هناك فرق كبير بين التحريف و اختلاف القراءة . ثالثا : - إن ما أورده السجستاني في كتابه المصاحف نقلا عن عمر رضي الله عنه لم يصح بل الثابت خلافه ، و ذلك لأمرين رئيسين : - الأول : - أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لو كان يقرأ الحمد بالكيفية التي رواها عنه فلا يعدو الحال أحد فرضين : إما أن يكون مُحرِّفا -حاشاه - و إما لأنها قراءة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و الفرض الأول ساقط تماما ، لأنه لو كان مُحرِّفا لأنكر عليه الصحابة ذلك و لكان ذلك سببا في الطعن عليه و لعرف ذلك و صار من المطاعن المشهورة ، مع أنه ليس من ذلك عين و لا أثر و لم ينقل أصلا خلاف بين الصحابة و عمر حول قضية من هذا القبيل مما يدلل دلالة قطعية على عدم حدوث ذلك جريا على قاعدة ( لو كان لَبانَ ) ، علاوة على أن عدالة عمر و صلاحه و شدة تمسكه بسنة النبيّ عليه الصلاة و السلام تنفي تَطَرُّق احتمال إقدامه على التحريف ، بل حكمته و إدراكه لعواقب هذا العمل يجعله يمتنع بطبيعة الحال عن ذلك ، و هو مؤشر على نفي إقدامه شخصيا على هذا العمل حتى لمن لا يعتقد صلاحه من الزنادقة . و أما الفرض الثاني فهو ساقط أيضاً لأن عمر رضي الله عنه لو كان يقرأ الفاتحة بهذه الكيفية لاشتهر ذلك عنه و لأخذ عنه هذه القراءة كثير من الناس صحابة و تابعين مع أنه لم تُعرف هذه القراءة عنه إطلاقا ، بل لو كانت هذه القراءة من الأصل من قراءات القرآن لعرفت و لما اقتصرت الرواية لها على عمر رضي الله عنه ، فهذه من الأمور التي تتوفر الدواعي على نقلها و روايتها و انتشارها ، فعدم اشتهار ذلك و انتشاره و معروفيته كاشف قطعي على عدم حدوثه ، لأن التفرد بنقل ما تتوفر الدواعي على نقله دون أن يذيع و يُعرف يعني بالضرورة عدم صحة ذلك النقل . و هكذا يتضح أن ما نقله السجستاني من روايات عن مصحف عمر رضي الله تعالى عنه هو قطعا أثر ضعيف و ليس له اعتبار أصلا . الثاني : - إن كتاب الله تعالى بجميع سوره و آياته ثابت بالتواتر القطعي ، لا سيما سورة الفاتحة التي يقرأها المسلم على سبيل الوجوب يوميا مرارا في صلواته ما كان منها فريضة أو نافلة ، بحيث أن من المقطوع به أن جميع الصحابة كانوا يحفظونها كما أنزلت على رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و بالتالي لا يحتمل وقوع الإختلاف فيها إطلاقا ، و ما رواه السجستاني ليس سوى خبر آحاد لا يمكن بحال من الأحوال أن يعارض و ينافي المتواتر القطعي حتى لو فرضنا أنه قد رواه بسند صحيح فيبقى خبر واحد لا يفيد إلا الظن و لا ينهض لمعارضة القطعي بحال ، فالنقل الذي أورده السجستاني لا اعتبار له و يدخل في خانة النقول الشاذة . و هكذا يتضح أن التشويش الذي يعمل على إثارته أعداء الإسلام من المستشرقين و غيرهم من أهل الضلال هو تشويش لا قيمة له في الميزان العلمي .
البريد الالكتروني
[email protected]جميع الحقوق © محفوظة للمنتدى العلمي
مكتب سماحة الإمام الشيخ حسين المؤيد