الرئيسية شذرات الفتاوى الأسئلة والاستفتاءات المقالات الأبحاث والدراسات المحاضرات البيانات مشروع الميثاق الوطني اللقاءات الإعلامية السيرة الذاتية الصور
 

المقالات

دروس من صلح الحديبية

 
في صلح الحديبية و بيعة الشجرة مشاهد ناطقة و شواهد مضيئة ترد مزاعم مُنظِّري التشيع المذهبي في الطعن بالصحابة الكرام رضي الله عنهم نذكر بعضا منها : - ١- الصورة التي نقلها عروة بن مسعود سفير قريش الى رسول الله صلى الله عليه و سلم في الحديبية عن مدى إيمان الصحابة بالنبيّ الأعظم صلى الله عليه و سلم و حبهم و توقيرهم له و استعدادهم للتضحية دفاعا عنه عليه الصلاة و السلام ، فقد قال عروة لقريش بعدما رجع إليها من عند النبيّ عليه الصلاة و السلام و قد رأى ما يصنع أصحابه معه إذ كانوا يبتدرون وضوئه حين يتوضأ و لا يسقط من شعره شيء إلا أخذوه ، فقال : يا قريش إني قد جئت كسرى في ملكه و قيصر في ملكه و النجاشي في ملكه و إني و الله ما رأيت ملكا قط في قوم قط مثل محمد في أصحابه و لقد رأيت قوما لا يسلمونه لشيء أبدا . إن هذه الصورة تدلل بوضوح على إخلاص الصحابة رضي الله عنهم و تفانيهم لنبيهم و دينهم و تدحض مزاعم الشيعة التي تشكك بإيمان الصحابة و تطعن في انقيادهم للنبيّ عليه الصلاة و السلام و وفائهم له . ٢- مبايعتهم رضي الله عنهم للنبيّ صلى الله عليه و سلم على الموت دونه ، و هي البيعة التي أشاد بها القرآن الكريم و زكاها و شهد بصدقها ، و قد بايعوا النبيّ صلى الله عليه و سلم على الموت مع أنهم خرجوا معتمرين و لم تكن موازين القوى المادية عدة و عددا بينهم و بين المشركين متكافئة ، و لكنهم بايعوا على الموت بيعة صادقة ، فأكرِم و أعظِم بهذا الموقف دليلا قويا على عمق إيمانهم و صدق عقيدتهم و استعدادهم للتضحية بالنفس و من كانت هذه حالته كيف لا يكون منقادا لنبيه و طوع أمره و نهيه . و هذا سيد الصحابة أبو بكر الصديق رضي الله عنه و أرضاه يسجل في الحديبية من هذه المواقف أعظمها من أبرزها رده على سفير قريش الذي قال للنبيّ صلى الله عليه و سلم : إني لأرى أشوابا من الناس خليقا أن يفروا عنك و يدعوك ، فنهره أبو بكر رضي الله عنه بشدة و قال له : أ نحن نفر عنه و ندعه؟ ، و كذلك تسليمه المطلق للنبيّ صلى الله عليه و سلم ، فقد ذكر ابن هشام في سيرته أن عمر بن الخطاب أتى أبا بكر قبل كتابة وثيقة الصلح فقال : يا أبا بكر أليس برسول الله قال بلى قال ألسنا المسلمين ؟ قال بلى قال أليسوا المشركين ؟ قال بلى قال فعلام نعطي الدنية في ديننا ؟ فقال أبو بكر : يا عمر إلزم غرزه فإني أشهد أنه رسول الله فقال عمر و أنا أشهد أنه رسول الله . فانظر الى عمق انقياد أبي بكر الصديق رضي الله عنه للنبيّ صلى الله عليه و سلم . و بهذا الصدد أود أن أوضح نقطة اختلط فيها الأمر على كثيرين و استغلها الرافضة للتشنيع على سيدنا عمر رضي الله عنه فقد ادعي أن عمر اعترض على النبيّ صلى الله عليه و سلم و عارضه و رفض صلح الحديبية ، و هذا مخالف للواقع ، ذلك أن النبيّ صلى الله عليه و سلم كان يتيح لصحابته لا سيما الخواص منهم أن يبدوا آرائهم في القضايا العامة و حين كانت قريش تفاوض النبيّ صلى الله عليه و سلم في الحديبية و تضع شروطها فإن جملة من الصحابة و منهم سيدنا عمر رأوا في هذه الشروط إجحافا و ظنوا كما يوحي ظاهر الحال حينئذ أن في هذا الصلح إزراء بالمسلمين و أنه غير مناسب فصرح عمر رضي الله عنه بذلك غيرة و نصحا ، و قد كان يحتمل أن النبيّ صلى الله عليه و سلم قد قبل بشروط قريش اجتهادا فذكر عمر رأيه و ناقش ، لكنه بعد أن علم أن قبول النبيّ صلى الله عليه و سلم بوثيقة الصلح مستند الى الوحي سلّم و امتثل لقرار النبيّ عليه الصلاة و السلام و كان يقول رضي الله عنه : ما زلت أتصدق و أصوم و أصلي و أعتق مخافة كلامي الذي تكلمت به حتى رجوت أن يكون خيرا . و هذا يدل على روح التسليم لله و رسوله في نفس عمر . ٣- الثناء العظيم الذي أثنى به الله تعالى على الصحابة من المهاجرين و الأنصار الذين بايعوا بيعة الشجرة حتى أنها سميت بيعة الرضوان لنزول الوحي برضى الله تعالى عنهم . قال تعالى : ( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم و أثابهم فتحا قريبا) و قد صرح الله تعالى بالرضى عنهم و شهد لهم بصدق الإيمان و العهد بقوله ( فعلم ما في قلوبهم ) فهذه تزكية واضحة لهم . و أما قول مُنظّري التشيع المذهبي بأن الآية الكريمة قد ذكرت المؤمنين و لم تذكر كل من بايع النبيّ صلى الله عليه و سلم فلا تدل على تزكية كل من بايع ، فهو مردود بالآية نفسها و ما بعدها من جهة أن إنزال السكينة قد شمل كل من بايع فيدل على أن عنوان المؤمنين المذكور في الآية الكريمة هو وصف لكل من بايع ، و من جهة انتقال الخطاب في الآية التي تلتها الى أصحاب بيعة الشجرة فقال تعالى : ( وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه و كف أيدي الناس عنكم و لتكون آية للمؤمنين و يهديكم صراطا مستقيما ) و هذا الخطاب شامل لكل أصحاب بيعة الشجرة و على رأسهم أبو بكر و عمر حيث أن وعد الله تعالى بالمغانم الكثيرة قد تحقق فيما تحقق في عهديهما و خلافتهما رضي الله عنهما فلا يشك ذو القلب السليم و الفهم المستقيم في شمول الرضوان و التزكية لجميع أصحاب بيعة الشجرة عند نزول الآية الكريمة و على رأسهم أبو بكر و عمر رضي الله عنهما . و كذلك ثناء الله تعالى على أصحاب بيعة الشجرة مصرحا بعدالتهم و ذلك في قوله تعالى : ( فأنزل الله سكينته على رسوله و على المؤمنين و ألزمهم كلمة التقوى و كانوا أحق بها و أهلها ) فوصفهم رضي الله عنهم بأنهم أهل التقوى أي أصحاب التقوى و هو أبلغ من تعبير ( المتقون ) فالتقوى فيهم ليست مجرد نعت و إنما هم ذووها و رجالها . و أخيرا أقول إن في توثيق القرآن الكريم لبيعة الرضوان بدقة التفصيل حتى في ذكر انعقادها تحت شجرة يدحض مزاعم الشيعة في تنصيب النبيّ صلى الله عليه و سلم لسيدنا عليّ إماما و خليفة بأمر من الله تعالى حسب دعوى الشيعة ، إذ كيف يهمل القرآن توثيق البيعة الكبرى لعليّ بالإمامة في الوقت الذي وثّق فيه بالوحي بيعة الرضوان بهذه الدقة و هي على أهميتها ليست بأهمية البيعة بالإمامة و الخلافة لو كانت هناك بيعة و تنصيب ؟ .

السابق

 

 

Twitter Facebook قناة الشيخ حسين المؤيد في اليوتيوب google + البريد الالكتروني
[email protected]

جميع الحقوق © محفوظة للمنتدى العلمي
مكتب سماحة الإمام الشيخ حسين المؤيد

www.almoaiyad.com