الرئيسية شذرات الفتاوى الأسئلة والاستفتاءات المقالات الأبحاث والدراسات المحاضرات البيانات مشروع الميثاق الوطني اللقاءات الإعلامية السيرة الذاتية الصور
 

المقالات

مناقشة كلام المرجع الشيعي محمد باقر الصدر حول الصحابة (1)


في كتابه ( بحث حول الولاية ) يوجِّه المرجع الشيعي محمد باقر الصدر اتهاما خطيرا للصحابة رضي الله تعالى عنهم ، فيزعم أن الجيل المعاصر للرسول عليه الصلاة و السلام - و هو جيل المهاجرين و الأنصار - لم يكن يملك تصورات واضحة محددة حتى في مجال القضايا الدينية التي كان يمارسها النبيّ مئات المرات و على مرأى و مَسمَع من الصحابة . و يضرب لذلك مثالا بالصلاة على الميت ، و يقول إنها عبادة مارسها النبيّ عليه الصلاة و السلام مئات المرات ، و أدّاها في مشهد عام من المشيعين و المصلين ، و يقول : ( و بالرغم من ذلك يبدو أن الصحابة كانوا لا يجدون ضرورة لضبط صورة هذه العبادة ما دام النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم يؤديها و ما داموا يتابعون فيها النبيّ فصلا بعد فصل ، و لهذا وقع الإختلاف بينهم بعد وفاة النبيّ في عدد التكبيرات في صلاة الميت ) . أقول : هذا الكلام المجافي للحقيقة ، إن لم نُدخله في باب الإفتراء على الصحابة ، فلا محمل له غير بلادة الفهم التي دفع إليها التسرع و التعصب المذهبي . لقد كان للصحابة رضي الله تعالى عنهم تصور عن تفاصيل تجهيز الميت و ما يتصل بذلك ، بما في ذلك الأعمال المندوبة ، و السنن المطلوبة ، فرووها و أخذها المسلمون منهم ، فكيف لا يكون لهم تصور عن كيفية الصلاة على الميت و هي صلاة واجبة ، و كيف يصح أن يقال إنهم اعتمدوا على متابعتهم للنبيّ عليه الصلاة و السلام و لم يجدوا ضرورة لضبط الكيفية ، و هم مأمورون بالتفقه في الدين ، و قد كانوا مهتمين بالتفقه و ضبط أحكام الدين ، وهم الذين رووا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم سنته و حفظوا كتاب الله تعالى و ضبطوه ، و قد كان فيهم جماعة من الفقهاء ، و كيف لا يضبطون قضية سهلة كالصلاة على الميت ، و لا يجدون ضرورة لضبطها و هي محل ابتلاء بعد أن اتسعت رقعة الإسلام في زمن النبيّ ، و كان النبيّ صلى الله عليه و سلم يرسل أعدادا منهم لتعليم الناس أحكام الدين لاسيما تلك التي يحتاجونها لكثرة الإبتلاء بها و على رأسها الصلاة على الميت ، فليس من المنطقي و لا مما تقتضيه طبيعة الأشياء أن يهمل الصحابة ضبط ذلك معولين على متابعتهم للنبيّ عليه الصلاة و السلام . و أما الرواية التي ساقها لتكون شاهدا له على زعمه ، فيبدو أنه لم يقرأها بدقة و لم يقرأ سائر ما ورد في هذا الشأن ، فلم تر عينه إلا عبارة ( قبض رسول الله و الناس مختلفون في التكبير على الجنازة ) ففسَّر ذلك بفهم خاطيء و هو أنهم لم يكونوا يعرفون عدد التكبيرات و وقع بينهم الترديد بين سبع تكبيرات أو خمس أو أربع ، مع أن القضية ليست كذلك ، و إنما الواقع هو أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يكن يكبر على الجنائز على حد واحد ، و إنما كان يكبر على بعض الموتى سبع تكبيرات و على بعضهم خمسا و على بعضهم أربعا ، و ربما كبر على بعض صحابته أكثر ، و قد ضبط كل مارأى فمن رآه يكبر سبعا ضبط السبع ، و من رآه يكبر أربعا ضبط الأربع ، فكانوا دقيقين في ضبطهم ، و لم يقع بينهم اختلاف في العدد ، و إنما كانوا يعملون بالمندوحة ، و بقي ذلك إلى شطر من خلافة سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه فخشي بنظرته الثاقبة أن يقع الوهم للجيل اللاحق و يختلف الناس ، لذا أراد أن يحدد التكبيرات بعدد ثابت كي لا يقع اللبس و الإختلاف لمن لم يشهد عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم . فأين ذلك من دعوى عدم ضبط الصحابة لكيفية الصلاة على الميت ؟ .
 

السابق

 

Twitter Facebook قناة الشيخ حسين المؤيد في اليوتيوب google + البريد الالكتروني
[email protected]

جميع الحقوق © محفوظة للمنتدى العلمي
مكتب سماحة الإمام الشيخ حسين المؤيد

www.almoaiyad.com