الرئيسية شذرات الفتاوى الأسئلة والاستفتاءات المقالات الأبحاث والدراسات المحاضرات البيانات مشروع الميثاق الوطني اللقاءات الإعلامية السيرة الذاتية الصور
 

المقالات

الرد على استدلال الشيعة بحديث الثقلين على الإمامة



يستدِل مُنظرو التشيع على ما يُسمّونه الإمامة الدينية أو الفكرية لأهل البيت بحديث الثقلين ، و يعتبرونه المثال الرئيسي للنص النبوي على هذه الإمامة . و الحقيقة أن هذا الإستدلال غير صحيح ، لأن حديث الثقلين مضطرب المتن ، حيث لم يُروَ على وجه واحد محدد ، و إنما روي بوجوه عدة و في بعضها ما يغاير البعض الآخر من حيث المضمون و المدلول ، فروي تارة على وجه ، و تارة أخرى على وجه آخر مغاير . و القاعدة العلمية في الحديث المضطرب تقضي بعدم صحة الإستدلال به على وجه اختلف فيه النقل لمتن الحديث و مضمونه . توضيح ذلك : - إن هذا الحديث روي تارة على الشكل التالي الذي ورد في صحيح مسلم عن زيد بن أرقم عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب و أنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى و النور فخذوا بكتاب الله و استمسكوا به فحثَّ على كتاب الله و رغَّبَ فيه ، ثم قال : و أهل بيتي أُذَكركم الله في أهل بيتي أُذَكركم الله في أهل بيتي . و الحديث بهذا الشكل لا دلالة فيه على إمامة أهل البيت و لزوم اتباعهم و الرجوع اليهم بوصفهم أئمة على الناس ، و إنما يدل على التوصية بهم ، فيُفهَم منه وجوب مودتهم و احترامهم و الإحسان اليهم . و روي الحديث بشكل آخر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إني أوشك أن أُدعى فأُجيب و إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض و عترتي أهل بيتي و إن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما . و الحديث بهذا المتن لا يصح أن يُستَدَلَ به على إمامة العترة ، فلا ظهور له في ذلك ، و لا يتعيَّن منه هذا المعنى ، و إنما الظاهر منه بدون تكلف في الفهم هو التوصية بالكتاب و العترة . و حُسن خلافته صلى الله عليه و سلم في الكتاب هو العمل به ، و حُسنُ خلافته في العترة مودتها و احترامها و الإحسان إليها ، فهو المعنى المنساق عرفا من خلافة الرجل في أهله . و لكن المستدِل بهذا المتن يستنبِط من قوله صلى الله عليه و سلم ( لن يفترقا ) ، معنى الإمامة ، باعتبار أن الإلتقاء بين الكتاب و العترة و عدم انفصال العترة عن الكتاب يعني عصمة العترة ، و إلا لو لم تكن معصومة فسيحصل التباعد و الإنفصال . و عصمة العترة يجعلها المرجعية الوحيدة الصالحة للإتباع لصوابيتها على طول الخط . و الغريب في هذه الفقرة هو أن العترة لا تطلق إطلاقا حقيقيا إلا على الأدنين من ولده و أقاربه لاسيما و أنه صلى الله عليه و سلم أوضح ذلك حسب نص الحديث بقوله : أهل بيتي . و عليه فعدم افتراق العترة عن الكتاب إلى يوم القيامة ليس له مصداق ، لأن الأدنين سيُتوفَون و بالوفاة ينفصل المتوفى عن الكتاب ، لأن الكتاب حاضر موجود بين الناس ، بينما أهل البيت الأدنون نسبا سينتقلون إلى عالم الآخرة و لن يكونوا موجودين حاضرين بين الناس ، و ينقطع أيضاً إرتباطهم كأشخاص بالكتاب ، بينما العبارة في متن الحديث تقول : ( لن يفترقا ) و لن تفيد الإستقبال . و روي الحديث بوجه ثالث أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر كتاب الله و عترتي أهل بيتي . و هذا الوجه هو الذي فيه دلالة على مرجعية العترة و إمامتها ، حيث يُفهم من الحديث الإرجاع إلى الكتاب و إليها ، و قد صرح الحديث بأن التمسك بالكتاب و العترة عاصم من الضلال . و قد سجّل بعض أهل الفضل ملاحظة وجيهة في المقام ، و هي أن الحديث لم أهمل ذكر السنة نهائيا فلم يقل مثلا : كتاب الله و سنتي و عترتي . فكيف يُهمل السنة و هي الأساس الثاني بعد الكتاب ؟ . و أقول مضيفا إن مرجعية العترة سواء أ كانت في عرض السنة أو في طولها ، لا تُلغي السنة فإنها إن كانت في عرض السنة و إلى جنبها فتكون مصدرا ثالثا فكيف يُهمَل المصدر الثاني ، و إن كانت في طولها فهي متفرعة عن السنة ، فكيف يُذكر الفرع و يُهمل الأصل ؟ ، الأمر الذي يجعل في الحديث ثغرة توجب التوقف فيه على الأقل . و هذه الثغرة قائمة أيضا في الوجه الثاني الذي روي عليه الحديث . و بالرغم من كل ذلك فإنك قد وقفت على أن الحديث لم يُروَ على وجه واحد ، و إنما روي بأكثر من وجه ، و الوجه الأول فيه كما تقدم لا يدل على الإمامة و إنما على المودة و الإحترام ، و بما أن الروايات بوجودها المختلفة تتحدث عن واقعة واحدة ، جزما أو احتمالا ، لذا بمقتضى القاعدة المتقدمة في التعامل مع الحديث المضطرب هو عدم صحة الإستدلال به من الوجه الذي يختلف مضمونا و دلالة عن الوجه الآخر الذي روي عليه الحديث ، فالنتيجة هي عدم صحة الإستدلال بالحديث من الوجه الدال على الإمامة . أضف على ذلك ، أن الحديث بوجهه الدال على الإمامة مضافا إلى الإشكال الذي ذكرناه على متنه ، أي الثغرة في المتن نفسه في الوجه الثاني و في الوجه الثالث من رواياته ، فرواياته بهذين الوجهين لم ترد بطرق صحيحة . و هذا بحث آخر فيه تفاصيل نتركها إلى مقال آخر إن شاء الله تعالى . و من الله السداد و به الإعتصام .
 

السابق

 

Twitter Facebook قناة الشيخ حسين المؤيد في اليوتيوب google + البريد الالكتروني
[email protected]

جميع الحقوق © محفوظة للمنتدى العلمي
مكتب سماحة الإمام الشيخ حسين المؤيد

www.almoaiyad.com