الرئيسية شذرات الفتاوى الأسئلة والاستفتاءات المقالات الأبحاث والدراسات المحاضرات البيانات مشروع الميثاق الوطني اللقاءات الإعلامية السيرة الذاتية الصور المقالات
إستفادات قرآنية في مكانة الصحابة رضي الله عنهم (1)
قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربُّكم أن يُكفِّر عنكم سيئاتكم و يُدخِلَكم جنات تجري من تحتها الأنهار يومَ لا يُخزي اللهُ النبيَّ و الذين آمنوا معه نورُهم يسعى بين أيديهم و بأيمانهم يقولون ربَّنا أتمِم لنا نورنا و اغفر لنا إنك على كل شيء قدير ) . لو تدبَّرنا هذه الآية الكريمة لأستفدنا منها فوز صحابة رسول الله صلى الله عليه و على آله و سلم في الآخرة ، ففي الآية الكريمة دلالة على ذلك ، فهي بعد أن دعت عموم المؤمنين إلى التوبة النصوح رجاء أن يُكفِّر الله تعالى عنهم سيئاتهم و يُدخِلَهم الجنة يوم القيامة ، صرٌَحت بأن الله تعالى في ذلك اليوم لن يُخزي النبيَّ و الذين آمنوا معه ، و تعبير ( الذين آمنوا معه ) دال على إرادة الصحابة ، فالمعية تُعطي معنى الإجتماع مع النبيِّ عليه الصلاة و السلام و هو اجتماع الصحبة و المؤازرة ، فيراد به صحابة النبيِّ عليه الصلاة و السلام الذين آمنوا و صحبوا رسول الله صلى الله عليه و سلم و آزروه ، و عبارة ( الذين آمنوا معه ) إن كانت معطوفة على كلمة ( النبيّ ) ، دلّت الآية الكريمة على أن الله تعالى يوم القيامة سوف لا يُوقِع النبيَّ و صحابتَه في الذلِّ و المهانة - و هذا يدلّ على أن يوم القيامة لغير الفائزين برحمة الله تعالى و مغفرته يوم ذلّ و مهانة - و سيكون لهم نور يسعى بين أيديهم و نور بأيمانهم حيث يُعطى كتاب كلٍّ منهم بيمينه ، و إن كانت عبارة ( الذين آمنوا معه ) مبتدأ ، فخبرها هو ( نورهم يسعى بين أيديهم و بأيمانهم ) ، و على كلا التقديرين ففي الآية الكريمة بشارة للصحابة بالفوز في الآخرة ، و الآية تدل على أن ما صدر عنهم من ذنوب - بحكم عدم عصمتهم - فهو مغفور بفضل صحبتهم للنبيّ عليه الصلاة و السلام و مؤازرتهم له على دعوته ، و ذلك لأن المستفاد من الآية الكريمة أن هذا المقام في الآخرة هو باعتبار أنهم مع رسول الله ، فدلّت على شرف هذه الصحبة و رفيع مكانتها عند الله تعالى و ثقلها في الميزان ، بحيث استوجبوا بها العفو عن الخطايا . و إذا كانت آيات أخرى قد تضمنت الوعد للصحابة بالفوز و جائت بصيغة الوعد ، فإن هذه الآية الكريمة قد تضمنت الإخبار بأمر واقع مُنجز ، فهي أعلى دلالة من الوعد الذي أعطي لهم في الدنيا بما سيكونون عليه في الآخرة ، إذ في هذه الآية الكريمة بيان و إخبار عن مكانتهم و وضعهم في الآخرة إخبارا مُنجزا . و صدر الآية لما كان خطابا لعموم المؤمنين ، جاء بصيغة مختلفة ، فقد دعاهم إلى التوبة و جعل توبتهم مرجاة للمغفرة و لم تقطع لهم بها ، و تدل الآية على أن غفران ذنوب عموم المؤمنين يكون بوسيلة التوبة ، بينما قطع للصحابة بالفوز ، و دلت الآية على أن فوزهم هو بوسيلة الصحبة ، و الفرق كبير بين الأمرين كما هو واضح . و أما ما حكته الآية من قولهم ( ربنا أتمِم لنا نورنا و اغفر لنا ) فهو دعاؤهم يوم القيامة حين الحساب و قبل دخول الجنة ، فالمراد منه أن يُتم الله تعالى لهم نورهم و يغفر لهم بدخول الجنة ، حيث أن بدخول الجنة يكون قد تم لهم من الله تعالى الرضى و الغفران ، فهم حين الحساب آمنون يسعى نورهم بين أيديهم و بأيمانهم ، و لكنهم يسألون الله تعالى أن يُتم لهم نورهم و غفرانه بإدخالهم في الجنة . و في هذه الآية الكريمة ردٌّ على المتنطعين الذين لا همَّ لهم إلا التكلم في مطاعن الصحابة ، في الوقت الذي حسمت فيه هذه الآية القضية و جعلت الحديث عن المطاعن حرثا في ماء ، فهذه المطاعن بعضها غير ثابت ، و بعضها محمول على التأوُّل ، و ما كان منها ذنبا فهو مغفور بوسيلة الصحبة ، و الآية الكريمة إذ قطعت للصحابة بالفوز في الآخرة ، فقد قطعت بذلك لسان كل طاعن .
البريد الالكتروني
[email protected]جميع الحقوق © محفوظة للمنتدى العلمي
مكتب سماحة الإمام الشيخ حسين المؤيد