الرئيسية شذرات الفتاوى الأسئلة والاستفتاءات المقالات الأبحاث والدراسات المحاضرات البيانات مشروع الميثاق الوطني اللقاءات الإعلامية السيرة الذاتية الصور
 

المحاضرات

معالم نهضوية

المقدمة:


أحدث الغزو الأمريكي الغاشم للعراق سنة 2003 والذي أفضى إلى إحتلال العراق صدمة كبيرة للشعور الوطني والقومي والديني. ولم تقتصر آثاره على الجانب السياسي سواءً فيما يتصل بصياغة الوضع السياسي في العراق بعد الاحتلال، أو فيما يتصل بما روجت له الإدارة الأمريكية - التي تحركت بفعل مجموعة ممن أطلق عليهم «المحافظون الجدد» - من إثارة ما سمي بالفوضى الخلاقة وصياغة شرق أوسط جديد يستهدف الهويات الوطنية والقومية والإسلامية لحساب انتماءات طائفية وعرقية ودينية يؤدي إحياؤها إلى تمزيق النسيج الاجتماعي للشعوب وضرب وحدة أوطانها وبنيانها، وإنما امتدت آثار الغزو والاحتلال لتطاول الأفكار والتصورات في اتجاهات شتى أهمني وأهمّ غيري من نخب المجتمع العراقي والعربي على المستوى الديني والسياسي والفكري منها نقطتان أساسيتان:
الأولى: مواجهة التحدي الثقافي، والدفاع عن الهوية الحضارية لنا كعراقيين وكعرب وكمسلمين، وتحصين المجتمع من الهزيمة النفسية والاستلاب الفكري بفعل طغيان الخطاب الطائفي، وبفعل الموجة التي أحدثها الاحتلال الأمريكي وصدى هيمنته السياسية وقوته العسكرية.
الثانية: تعرية النموذج الحضاري الغربي والكشف عن زيف مصداقيته في بعده القيمي والإنساني، وزيف مصداقية ما يسمى بالرسالة الحضارية لأمريكا والتي ما فتئت الولايات المتحدة الأمريكية تروج لها سواءً في صراعها مع المعسكر الشرقي إبان الحرب الباردة مع الاتحاد السوفييتي، أو بعد خروجها منتصرة من تلك الحرب ساعية لصياغة وقيادة نظام عالمي جديد.
وقد أدركتُ منذ الوهلة الأولى أنني وقد وقفت في الواجهة مع طليعة المناهضين للأحتلال الأمريكي للعراق والمعارضين للمشروع الذي أفرزه الاحتلال والذي يقوم على الطائفية السياسية - التي تحدث آثاراً تخريبية في البنية المجتمعية -، والديمقراطية التوافقية العاجزة - بحكم ما برهنت عليه التجربة - عن بناء الدولة والمجتمع، وأمام مخاطر تقسيم العراق وطغيان الموجة الطائفية وآثار صدمة الاحتلال بما تفسحه من مجال لا لتمرير مشاريع سياسية مضرة فحسب، وإنما بما تفتحه أيضاً من ثغراث في المنظومة الفكرية للمجتمع فتعمل على زعزعة ثوابت رصينة، وتطفو بفعلها أيضاً إلى السطح تصورات انفعالية ومرحلية قد يقدر لها أن تأخذ مديات خطيرة، أقول أدركت أنني أمام مهمة ليست يسيرة، وأن الواجب يحتّم عليّ بحكم مكانتي الدينية والعلمية العمل على التوعية الفكرية والسياسية فكانت لي أوجه من النشاط منها إلقاء المحاضرات على نخبة من المثقفين المتطلعين إلى فكر يغطي النقطتين الرئيستين اللتين سلف ذكرهما في هذه المقدمة، فكانت سلسلة من المحاضرات ضمّ هذا الكتاب القسم الأكبر منها.
وقد رأينا أن ندرج في هذا الكتاب مقالتين نشرناهما في تلك الفترة في صحيفة الزمان العراقية وهما يعبران عن وجه آخر من نشاطنا الفكري فيه ما يتصل بالتجديد الفقهي من خلال مقالتنا «لكي يجتمع المسلمون على يوم واحد» والتي تدور حول إمكانية اعتماد الحساب الفلكي في إثبات الشهور القمرية نعالج بذلك المشاكل الناتجة من حصر الإثبات بالرؤية بالعين المجردة، وفيه ما يتصل بالقضية المركزية للعرب والمسلمين وهي القضية الفلسطينية والتي هي إحدى الخلفيات التي قام عليها الغزو الأمريكي للعراق، فتناولنا مكانة القدس والمسجد الأقصى في مقالة بمناسبة ذكرى الإسراء والمعراج.
كما تضمن الكتاب مشاركة قمنا بها في أعمال المؤتمر العشرين للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية المنعقد في القاهرة والتي جائت بعنوان «المنظومة الفكرية والمعيارية للأمن المجتمعي»، وهو موضوع مهم وحيوي، ومضمون المشاركة له إرتباط بقضية الأمن المجتمعي التي يحتاجها المجتمع العراقي والذي اكتوى بعد احتلال العراق بنار الإرهاب وعانى ولا يزال يعاني من أزمة أمنية طعنته في الصميم.
إنني أجد الواجب الأخلاقي يحتّم عليّ أن أتقدم بالشكر والتقدير للصديق العزيز الأستاذ غسان الخالدي صاحب دار ومكتبة التراث الأدبي للنشر، فقد كان له الدور الفاعل والحاسم في طبع هذا الكتاب تشجيعاً ومساهمة اهتماماً منه بنشر فكر النهضة العربية والإسلامية وتوعية الأمة لما فيه خير حاضرها ومستقبلها.
إنّ هذا الكتاب يقرأ من زاوية مضامينه، كما يقرأ من زاوية الظرف التاريخي الذي اعتمل فيه فكر الكتاب، وأعتقد أن في قرائته من كلتا الزاويتين تتجلى قيمته كعطاء، ويتجسد عطاؤه كقيمة، وبالله التوفيق.
 

لبنان
الشيخ حسين المؤيد
5/11/1432هـ 3/10/2011م

السابق

 

 

Twitter Facebook قناة الشيخ حسين المؤيد في اليوتيوب google + البريد الالكتروني
[email protected]

جميع الحقوق © محفوظة للمنتدى العلمي
مكتب سماحة الإمام الشيخ حسين المؤيد

www.almoaiyad.com