الرئيسية شذرات الفتاوى الأسئلة والاستفتاءات المقالات الأبحاث والدراسات المحاضرات البيانات مشروع الميثاق الوطني اللقاءات الإعلامية السيرة الذاتية الصور المحاضرات
دور النهضة الإسلامية بعد عصر الحداثة (*)إن نجاح أية نهضة يتوقف على قدرتها على إعادة الحياة إلى المجتمع، فالمجتمع الذي تعتريه عوامل الموت والركود لا يمكن أن تتحقق له نهضة إلا إذا تمت تصفية عوامل الركود والموت واستبدلت بعوامل الحياة والحركة، وهذه سنّة عامّة وقانون لا يتخلف في أي زمان ومكان، فلا تستطيع أية نهضة لها بعدها وتجذرها في المجتمع أن تنجح إلا إذا استطاعت أن تكنس عوامل الموت والركود في المجتمع وتستبدل مكانها عوامل الحركة والحياة. وهذا ما صنعه الإسلام حينما بزغ في جزيرة العرب، فإن مجتمع الجاهلية آنذاك كان مجتمعاً ميتاً بمعايير النهضة والتحضر، كانت تنتابه عوامل الموت والركود, كلّ ما يؤدي إلى إرتكاس المجتمع وانتكاسته كان موجوداً في ذلك الوقت، وحينما جاء الإسلام واستهدف إيجاد نهضة في ذلك المجتمع أجرى من خلال ثقافته القرآنية والنبوية عملية انقلابية تغييرية شاملة بدأ بها بالإنسان نفسه وامتدت هذه العملية إلى القيم الموجودة في ذلك المجتمع، فقام الإسلام وبجهود النبي عليه الصلاة والسلام والصفوة من حوارييه وصحابته باستبدال قيم الركود والموت، قيم الجاهلية الجهلاء في ذلك المجتمع بقيم الحضارة الإسلامية، بالقيم التي على أساسها تبنى الحضارة.
ولا شك في أن صنع الحضارة وبنائها يتوقف على بناء الإنسان وصنعه، لأن الإنسان هو الأساس في صنع الحضارة، أية حضارة، وعلى يده يتم البناء ويشاد الصرح. ولهذا بدأ الإسلام بالإنسان فغير نفسية ذلك الإنسان وقلب أفكارهُ بأن انتزع منه القيم الفاسدة والرخيصة، وانتزع منه العادات التي تجره إلى التخلف، التي تجره إلى الوراء واستبدلها بعوامل الحركة والحياة فأعطى لهذا المجتمع روحاً جديدة تحركت في بدنه، وبهذه الروح الجديدة انطلق إنسان الجزيرة، ذلك الإنسان الذي كان يصنع إلهه من التمر ويقدم له فروض العبادة، فإذا جاع أكله، وذلك الإنسان الذي يئد البنت ويعتبرها عاراً على الأسرة والمجتمع، وذلك الإنسان الذي لا يدفعه دافع نحو التقدم والرقي، وإنما يعيش حياة روتينية رتيبة بقيم الجاهلية، انطلق ذلك الإنسان بعد أن أعطاه الإسلام روحاً جديدة وفكراً تغييرياً جديداً، إنطلق ليبني مجتمع الجزيرة، ومن خلال مجتمع الجزيرة انطلق ليفتح آفاق الدنيا وينشر فيها العلم والمعرفة والتقدم ويحمل إليها نور الإسلام ليخرجها من ظلمات الجاهلية التي هي فيها. واستطاع هذا الإنسان أن يستقطب كلّ المجتمعات التي دخلها الإسلام، حتى تلك المجتمعات التي دخلها بالجيش والعسكر لكنها سرعان ما استجابت للإسلام في دعوته حينما انفتحت عليه فكراً وروحاً فوجدت فيه العطاء الذي يكون بلسماً لجراحها وبالتالي تفاعلت مع هذا الدين العظيم، ومن خلال تفاعلها مع هذا الدين تأسست منارات حضارية في مختلف البقاع إلى أن وصل الإسلام إلى الأندلس وأقام في الأندلس حضارة كبرى كان لها الدور البارز والأساسي في نهضة أوروبا الحديثة. وقد اعترف بعض المفكرين الغربيين بأن أكبر نكسة عانت منها أوروبا هي الحرب التي قامت ضد الإسلام في الأندلس من الأوربيين أنفسهم وأدت إلى ضياع ذلك الكيان الإسلامي في الأندلس، فقد اعتبر بعض المفكرين الغربيين المنصفين هذا الحدث نكسة لأوروبا نفسها لأن الإسلام لو امتد في أوروبا في ذلك الوقت ولو استمر الفتح الإسلامي عبر الأندلس ليخترق فرنسا ثم يذهب إلى بقاع أوروبا كلها، لتحولت أوروبا جميعها إلى منارة للإشعاع الحضاري الإسلامي منذ ذلك الوقت، بينما كانت تغط في سبات عميق وكانت تغط في ظلمات التخلف، ففي الوقت الذي كان المسلمون يبرعون فيه في فنون العمارة التي اعتبرت معلماً حضارياً لحضارتهم كان الناس يعيشون على ضفاف نهر (الراين والسين)، كانوا يعيشون في الأكواخ في ذلك الوقت.
فإذن الإسلام استطاع أن يستبدل عوامل الموت والركود في المجتمع بعوامل الحركة والحياة، هذا الاستبدال هو الذي حقق للنهضة الإسلامية نجاحاً باهراً وهو الأمر الذي لا بد أن يستمر في نهضتنا الحديثة نحن كعرب ومسلمين، فإن مشروعنا النهضوي لا يمكنه أن يتقدم ويتطور ولا يمكنه أن يؤتي أكله وأن ينجح إلا إذا استطعنا أن نكنس من مجتمعاتنا العربية والإسلامية عوامل الركود والموت وأن نستبدل هذه العوامل بعوامل الحركة والحياة التي تعطي لمجتمعاتنا دفعة جديدة تُيّسر لها انطلاقتها النهضوية نحو بناء حضارة إنسانية يشيدها الإنسان المسلم.
هناك فلسفات وأيديولوجيات في الغرب تنظر إلى ما بعد الحداثة الأوروبية بنحو ينتزع منه أن الحداثة الأوروبية هي القمة فيما وصلت إليه البشرية في قوس صعودها وتطورها، وأن عصر ما بعد الحداثة الأوروبية لن يكون عصر صعود حضاري للمجتمعات البشرية برمتها، وإنما هو عصر انتكاسة بحيث تبدأ هذه المجتمعات في سيرها النزولي باعتبار أن كلّ حضارة غالباً ما يكون لها سير صعودي حتى تصل إلى أوجها الحضاري ثم بعد ذلك تبدأ بتنازل وبعدّ تنازلي تدريجي في قوس النزول، فهؤلاء اعتبروا ما وصلت إليه الحضارة الغربية القمة فيما بلغته الإنسانية من تطور بالشكل الذي لا يمكن أن تندفع هذه الإنسانية إلى ما هو أرقى من عصر الحداثة الأوروبية، بمعنى أنها وصلت إلى السقف النهائي للتطور، وإذا وصلت إلى السقف النهائي وإلى الأوج فسوف تبدأ في عصر ما بعد الحداثة الأوربية في العد التنازلي وبالتالي سوف يفقد المجتمع البشري الإنجازات الحضارية التي وصلت إلى قمتها تدريجاً. ولكننا نعتقد أن هذه الرؤية هي أقرب إلى الغرور والأنانية منها إلى تحليل الواقع، بل نعتقد أن مرحلة ما بعد الحداثة الأوروبية يمكن أن تكون مرحلة أكثر تطوراً بالشكل الذي لو أعددنا أنفسنا كمسلمين للمرحلة القادمة سوف يكون لنا الدور الريادي الحاسم في بناء عصر ما بعد الحداثة الأوروبية، فكما أن الاتحاد السوفيتي كان مرشحاً للسقوط وسقط بالفعل، فإن القسم الغربي لهذه الحضارة لأن الاتحاد السوفيتي كان يمثل الوجه الشرقي إذا صح التعبير للحضارة الغربية، الوجه الآخر الذي يبتني على أساس الرأسمالية والليبرالية، هذا الوجه كحضارة مرشح للسقوط أيضاً، مرشح للانهيار والتداعي، وقد تأتي أحداث تتلاحق وتطفو على السطح لتعجل بالسقوط الحضاري الأوروبي والأمريكي، فلا بد لنا كمسلمين أن نهيء أنفسنا لكي نكون الوريث الشرعي إذا صح التعبير، والبديل الحضاري لما بعد عصر الحداثة الأوروبية وهذا دور يمكننا أن نقوم به. صحيح أن التفوق العلمي والفاصل الذي يفصلنا عن التقنية الأوروبية هو فاصل كبير، ولكن هذه الحضارة الحديثة تفتقد إلى المحتوى الإنساني لها، وهو الذي سيعجل بسقوطها، فهذه الحضارة لن تسقط على أساس خواء علمي، بل العلم آخذ بالتطور والتقدم بحسب معطيات هذه الحضارة ولكنها سوف تكون مرشحة للسقوط بلحاظ القيم التي تبنتها وبلحاظ النمطية الثقافية التي تتمسك بها. فالوجه الإنساني الذي يملكه المسلمون وتملكه الثقافة الإسلامية يرشح المسلمين للعب دور حاسم في مرحلة ما بعد الحداثة الأوروبية، والفكر بحسب طبيعته فكر لا يمكن أن يتجمد، فكر الإنسانية ليس فكراً يمكن أن يتجمد عند نقطة معيّنة أو يقف عند سقف مُعيّن، وإنما الفكر الإنساني دائماً يتجه نحو التطور والإبداع والكمال في كلّ وجوه المعرفة وفي كلّ جوانب الحياة. ولهذا لا يصح أن نعتبر عصر الحداثة الأوروبية هو عصر القمة فيما وصل إليه المجتمع البشري من حضارة، لأن الفكر البشري له قابلية تطوير نفسه وله قابلية الديمومة والاتجاه نحو الأفضل والأحسن والأكمل وهذا سير صعودي لن ينتهي بحسابات تطور الفكر البشري والإنساني. ولهذا نجد أن المجتمع بتاريخه الطويل لم يشهد لحظة تجمد فيها فكر البشر أو وقفت فيها حضاراته عند سقف معين وإنما وجدنا أن سقوط الحضارات تاريخياً يعقبه نشوء حضارات بديلة، كما أن سقوط كيان حضاري لايستلزم توقف الفكر وجموده فضلاً عن انتكاسته، لأن الإنسانية في طبعها وفي فطرتها تتجه نحو التطوير والكمال ولهذا دائماً يكون الفكر البشري في حركة دؤوبة لبناء الحياة ولصنع الحضارة فلا يمكن أن نتصور أن عصر الحداثة هو آخر ما وصل إليه وما يصل إليه فكر البشر، وما يعقب عصر الحداثة لن يكون إلا انتكاسة في قوس النزول، وإنما نعتقد أن الفكر البشري حتى بغض النظر عن إدخال العنصر الديني فيه قادر على تطوير نفسه، فحينما انتهى الغرب مثلاً إلى الديمقراطية كأطروحة سياسية للحكم وإدارة الأنظمة في المجتمع فإن الديمقراطية تعبر عن مرحلة متطورة في الفكر البشري لم تكن قد شهدتها تلك المجتمعات الأوروبية سابقاً، ولكن قدرة الإنسان على تطوير نفسه وفكره، هذه القدرة هي التي مكنته من أن يأتي بأطروحة الديمقراطية، ولكن هل أن هذه الأطروحة هي آخر ما يمكن أن يصل إليه الفكر البشري؟ الجواب بالسلب بطبيعة الحال، بل يمكن أن يصل الإنسان من خلال تجارب الواقع إلى تطوير للديمقراطية نفسها بالشكل الذي يحصل فيها تغيير عما هي عليه الآن في أسلوبها ونمطيتها، أو قد يتفتق العقل البشري عن بدائل أفضل كأطروحات سياسية لحكم المجتمعات. العقل والفكر في تطور مستمر، والواقع يفرز أفكاراً أجد وأرقى دائماً فلا يصح أن نتصور أن عصر الحداثة الأوروبية هو آخر ما يصل إليه المجتمع الإنساني وإنما سوف يتطور.
إذن يجب أن نتهيأ للعب دور محوري حضاري في العالم. كيف نتمكن من ذلك؟
الخطوة الأولى هي أن نحقق لأنفسنا النهضة، بمعنى أن نزيح عوامل الركود والموت وأن نستبدل عوامل الركود والموت بعوامل الحركة والحياة، إذا حصل هذا الأمر فإننا سوف نحقق لأنفسنا نهضة تمكننا من لعب ذلك الدور الكبير على الساحة الدولية. والحقيقة إن على الغرب أن يتفهمنا لا كخطر إسلامي، وإنما كنهضة تعبر عن تطلعات مئات الملايين من البشر الذين يريدون الإسهام الإيجابي والفعال في صياغة العقل البشري ومستقبل الإنسانية، مستقبل العالم المبني على القيم. هذا الخواء في القيم وهذا الخواء الروحي الذي يعاني منه المجتمع البشري لا توجد أمة أقدر على معالجته من أمة المسلمين بما تمتلكه من ثقافة إسلامية لها بعدها الإنساني.
إن ما تعانيه أمتنا من سلبيات نعيشها في كلّ سوح الحياة لا يسلب دورها الحضاري ولا يسلب منها مسؤوليتها في بناء العالم، هذا العالم الذي يئن تحت وطأة المشاكل الكثيرة التي نجم بعضها أو الكثير منها عن الحضارة الغربية نفسها التي ذكرنا في محاضرة سابقة أنها اعتمدت على الجزء المعرفي البشري وافتقدت للثقافة النمطية الدينية وبالتالي كانت حضارة ناقصة، هذا النقصان وانعدام التوازن أدى إلى سلبيات، أدى إلى مردودات سلبية انعكست على الجماعة البشرية كلها، وبالتالي نحن وإن كنا نعاني من سلبياتنا كأمة ولكن هذه المعاناة لا تعفينا من مسؤولياتنا في أن يكون لنا دور في هذا العالم.
إن نكوصنا عن أدائنا لهذا الدور وعن قيامنا بهذه المسؤولية لا يعد خيانة لنا، لقيمنا، لهويتنا فحسب، وإنما يعد جريمة بحق الإنسانية لأن هذه الإنسانية تتطلع إلى المنقذ ولا يمكن أن يكون المنقذ لها هو الوجه الحضاري الغربي، لأنه هو الوجه الناقص الذي أدى إلى تلك المردودات السلبية. إنقاذ المجتمع البشري من تلك المردودات السلبية يتوقف على الدور الذي يمكن أن نلعبه كأمة إسلامية في هذا العالم، ولهذا فإن نكوصنا عن أداء هذا الدور ليس مجرد خيانة لأنفسنا فقط، وإنما هو جريمة بحق الإنسانية كلها وهي التي تتطلع إلى المنقذ، والتي أوجب علينا ديننا أن نلعب دور المنقذ لها، لأن ديننا هو الذي أعطانا هذا الدور حينما جعلنا أمة وسطا يكون الرسول فيها علينا شهيداً، ونكون فيها شهداء على الناس، فديننا هو الذي أعطانا هذا الدور. إذن إحساسنا الكبير بهذه المسؤولية يجب أن يدفعنا لإصلاح أوضاعنا السلبية وللتغلب على المعوقات التي تقف حجر عثرة بيننا وبين تقدمنا.
إن أمتنا إذا نكصت عن دورها، لن تبقى في مأمن عن المردودات السلبية المستقبلية، لا فقط المردودات السلبية الماضية والتي بقيت آثارها، وإنما تلك المردودات السلبية المستقبلية في عصر العولمة في وقت أصبح فيه العالم كله قرية واحدة وأصبح كلّ إنسان في معرض غزو ثقافي من ثقافات مختلفة قد يكون بعضها قوياً وقد يكون بعضها ضعيفاً، ولكن اليوم وسائل الاتصال الحديثة، شبكات الإنترنت مكنت أي ثقافة في العالم من أن تخترق أي بيت في العالم، ولهذا لن نكون في مأمن عن المردودات السلبية، لا للثقافات القوية فقط، وإنما حتى للثقافات الضعيفة التي قد تصل إلينا عبر وسائل الاتصال الحديثة. سواءً أكانت ثقافات قوية أو ثقافات ضعيفة، وراء هذه الثقافات هناك نفوذ سياسي لدول وهناك نفوذ اقتصادي لدول وهناك أمم أخرى تحيط بنا لها مطامع فيما نملكه من ثروات وطاقات وموقع، واليوم إنما تتمكن دولة كالولايات المتحدة الأمريكية في أن تبسط هيمنتها على العالم، إنما تتمكن من ذلك بحكم وضعها الاقتصادي القوي، هذا الوضع الاقتصادي القوي يمكنها من لعب هذا الدور، بينما الأمة التي يكون اقتصادها ضعيفاً وخاوياً لا يمكن أن تبسط هيمنتها لا بحق ولا بباطل على العالم. نحن كأمة إسلامية نمتلك من الثروة ومن القدرة الاقتصادية التي فينا إذا أحسنا التعامل معها ما يؤهلنا للعب هذا الدور، ولهذا تحاك علينا المؤامرات لكي لا نتمكن من أن نستفيد من ثرواتنا لأنفسنا أولاً ولغيرنا ثانياً، وهذه مؤامرة مستمرة طويلة الأمد وسوف تبقى مستقبلياً إذا لم تقف أمة المسلمين بوجهها كأمة، إذا لم نقف بوجه ذلك فسوف نمنع من أن نستفيد من ثرواتنا نحن، وحتى التطوير الذي يريده الغرب لمجتمعاتنا ثقافياً فإن الغرب يريد أن يستعمل ثرواتنا في هذا التطوير بمعنى أن الغرب لا يجد نفسه مستعداً لأن يطور شعوبنا ثقافياً بتمويل غربي، بأموال غربية، وإنما يريد أن يتم هذا التطوير الثقافي لصالحه بأموالنا نحن، بحيث ثرواتنا تتجه نحو الأطروحة التي ترسم من قبل الغرب، لا نحو الأطروحة التي نرسمها نحن لأنفسنا والتي تمكننا من لعب دور أساسي في العالم.
إن الحفاظ على هويتنا وعلى قيمنا وعلى أصالتنا لا يعني العزلة عما يدور في العالم، لا يعني الانطواء على التطورات التي تحصل في العالم، وإنما يجب أن نندفع، يعني حرصنا للحفاظ على الهوية يجب أن يجعلنا مندفعين نحو الدخول في الحلبة ولعب دور على الساحة بكل ثقة، بحيث نساهم مساهمة إيجابية في البناء الحضاري القادم. فالبناء الحضاري المعاصر، بناء أقيم بشكل لم يكن لنا دور إيجابي فيه، ولكن عصر ما بعد بالحداثة إذا صح التعبير أو الوضع القادم فيما إذا إنهار ذلك المعسكر الغربي من الحضارة الأوروبية، إذا انتهى ذلك المعسكر فإن العالم كله سوف يتجه إلينا في البداية قبل أن يتجه إلى الصين أو يتجه إلى اليابان، لأن أي سقوط حضاري مستقبلي سببه هو الفشل في النمطية الثقافية للحياة، هذه النمطية الثقافية لن يجدها العالم لدى الصينيين ولن يجدها لدى اليابانيين وإنما سوف يجدها عندنا فسوف يتجه إلينا فإن لم نقدم له تلك الأطروحة تجاوزنا وهمشنا وأخرجنا عن دائرة التاريخ.
والحمد لله رب العالمين.
____________
(*) محاضرة ألقيت على جمع من المثقفين في بغداد بتاريخ 15/12/1424هـ.
البريد الالكتروني
[email protected]جميع الحقوق © محفوظة للمنتدى العلمي
مكتب سماحة الإمام الشيخ حسين المؤيد