حسين المؤيد: لا أؤمن بصحة
قيام ميليشيات في أي بلد
حاوره :نشوان حسين

• المقدم :السلام عليكم
ورحمة الله وبركاته مشاهدينا الكرام أهلا بكم في
هذا اللقاء الذي يجمعنا وإياكم بسماحة المرجع
الديني آية الله الشيخ حسين المؤيد مرحبا بكم شيخ.
• الشيخ:أهلا وسهلا بكم.
• المقدم : انتم جئتم الى
العاصمة الأردنية عمان اثر دعوة وجهت الى جنابكم
لحضور مؤتمر الوفاق والاتفاق العراقي الإسلامي
كانت هناك بعض الجهات الدينية تريد طرح بعض
المشاريع المعينة الوطنية , هل كان لديكم مشروع
معين تودون طرحه ؟ وما هي ابرز النقاط الرئيسة في
هذا المشروع ؟
• الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم , نحن
جئنا الى عمان بدعوة كريمة باسم جلالة الملك
العاهل الأردني لحضور مؤتمر الوفاق والاتفاق
العراقي الإسلامي هذا المؤتمر تقوم الفكرة فيه على
أساس جمع القيادات الدينية الإسلامية العراقية من
اجل تنفيس الاحتقان الطائفي والعمل على إنهاء
دوامة العنف والاحتراب الذي يأخذ طابع طائفي
والوصول إلى تفاهم مشترك بين القيادات والمحاور
الدينية ليكون ذلك مقدمة لتفاهم سياسي اشمل وأوسع
هذا المؤتمر إذاً مرحلته الأولى هي وفاق ديني يراد
منه ان يخرج بنتائج واضحة ومحددة تقوم على أساس ان
الإسلام بشهادة لا اله الا الله وان محمد رسول
الله هو المظلة التي ينضوي تحتها كل من يشهد هاتين
الشهادتين وانه لا يجوز تكفير أي مسلم يشهد هاتين
الشهادتين مضافا الى ذلك العمل على أساس التعامل
مع التعددية المذهبية بوجهها الايجابي فالتعددية
المذهبية بنفسها عامل من عوامل الإثراء الفكري
والفقهي أما إذا عاملنا التعددية المذهبية بوجهها
السلبي بمعنى ان تتحول هذه التعددية والالتزام
المذهبي إلى تعنصر للمذهب والى طائفية مذهبية فهذا
هو الجانب السلبي للقضية , المؤتمر يريد ان يكرس
ويؤكد ويؤصل الوجه الايجابي لهذه التعددية وان
يحذف القراءة السلبية الخاطئة لهذه التعددية ومن
الممكن ان يكون هذا الاجتماع فرصة لطرح الرؤى
الوطنية بما يرتبط بالعملية السياسية في العراق
وبما يتصل بإنقاذ الشعب العراقي من الواقع الذي
يعيشه في الحال الحاضر .
• المقدم:هل تعتقدون سماحة
الشيخ ان في العراق طائفية مذهبية ام طائفية
سياسية؟
• الشيخ : النوعان موجودان الآن في العراق
للأسف الشديد , بدأ الوضع بالطائفية السياسية
ولكنه تحول أيضا وأوجد طائفية مذهبية وتخندق طائفي
وشحن طائفي للشعب وأوجد اصطفافا طائفيا .
• المقدم : اذا الطائفية
السياسية هي السبب ؟
• الشيخ: باعتقادي إنها هي السبب الأساسي
في إيجاد الطائفية المذهبية , نموذج التعايش في
العراق بين الأطياف والأديان والمذاهب هو نموذج
فريد وموغل في القدم التاريخي , التاريخ العراقي
العريق في الحقيقة يمثل حالة فريدة في تعايش الشعب
العراقي ولعل الكثير لا يدري ان اول اطروحة طرحت
للتعايش الديني في العالم انطلقت من العراق في
ايام حمورابي حينما أراد ان ينشيء إمبراطورية
عراقية كبرى وجد ان تحقيق الوحد السياسية في
العراق رهن بتحقيق الوحدة الدينية فانشأ مجمعا
اسماه مجمع الالهة جمع فيه الهة سومر واكد وبابل
بنى هذا المجمع على أساس القبول بالتنوع لحفظ
الوحدة ولهذا انطلقت اول مبادرة لحوار الأديان
وللتعايش بين الاديان من العراق , هذا في ذلك
الوقت فكيف والشعب العراقي الان شعب أكثريته مسلمة
و القواسم المشتركة الجامعة بين المسلمين أقوى
وامتن واصح وادعى ان تجمع الشعب العراقي تحت مظلة
واحدة .
• المقدم : يعني انا اسمع
من جنابك الان تتحدث عن حمورابي وعندما يتحدث رجل
دين عن حمورابي كمثال عن حالة دينية فهذه إشارة عن
فكر ديني يختلف أجدها عند سماحة الشيخ حسين المؤيد
هل انتم تسبحون عكس التيار؟ هل لديكم فكر جديد
تودون طرحه في العراق بشكل خاص ؟
• الشيخ : نعم نحن لدينا مشاريع وآفاق كنا
منذ سنوات طوال نتحرك في هذه الآفاق والآن العراق
اعتقد يصلح ان يكون منطلقاً لهذه المشاريع سواءاً
ما يرتبط بالوحدة الإسلامية والتقريب ما بين
المذاهب , حوار الأديان , حوار الثقافات, المشروع
النهضوي العربي مراجعة وغربلة وتنقية التراث , هذه
كلها أمور نتبناها ونحث الخطى تجاه تحقيق أهدافها
النبيلة ونحن نعلن في الوقت نفسه ان الهوية
العراقية الآن هوية إسلامية واقصد هوية إسلامية أي
البعد الحضاري في الدين الإسلامي فالدين الإسلامي
والتعاليم الإسلامية لها بعدان : بُعد يرتبط
بالتزام الإنسان المسلم بهذه التعاليم , وبُعد
ثاني في حضارية نفس هذه التعاليم , البعد الحضاري
للإسلام هو بُعد إنساني أوسع مساحة من بُعد
الالتزام الديني بالإسلام , أنا في الوقت نفسه
الذي اعتز به بالهوية الإسلامية وافتخر بهذه
الهوية وأؤكد على هذا الانتماء للدين الإسلامي لا
أرى انه من الصحيح أن نقطع أنفسنا عن تاريخنا فيما
قبل الإسلام والتجارب التي خاضها الشعب العراقي في
تلك المراحل التاريخية خاصة إذا كان لها وجوه
ايجابية وأثار ايجابية .
• المقدم : سماحة الشيخ هل
تعتقدون ان للفتاوى الدينية الصادرة من غير العراق
سواء من الدول العربية او الدول الإسلامية الأخرى و بالتحديد الدولة الجارة إيران هل كان لها
اثر واضح على الواقع العراقي بعد دخول القوات
الأجنبية؟
• الشيخ : لا يمكن إنكار مثل هذا الأثر.
• المقدم :هل تعتقدون أن
لإيران دور فاعل في العراق في هذه المرحلة ؟
• الشيخ:لعل إيران اللاعب الأكثر حظوة في
الشارع العراقي , ولكن الدور الإيراني ليس دورا
ايجابيا ولا يمكن أن اصف الدور الإيراني بأنه دور
ايجابي .
• المقدم : ما هي السلبيات
برأيكم؟
• الشيخ : في اعتقادي إن الإيرانيين لهم
مشروعهم القومي الإيراني وان هذا المشروع يتخذ من
الدين والمذهب أدوات لتسويقه فإيران ليس لها مشروع
إسلامي عام وليس لها مشروع مذهبي عام أيضا وإنما
لها مصالح قومية وعلى أساس هذه المصالح بني
مشروعها القومي هذا المشروع القومي لا يلتقي مع
مصالحنا كعراقيين او مع مصالحنا كعرب , وعلى هذا
الأساس لا يمكن ان اصف الدور الإيراني في العراق
او في المنطقة بأنه دور ايجابي بينما الدول
العربية التي نحثها على ان تلعب دورا مهما في
الشأن العراقي لصالح الشعب العراقي هذه الدول حتى
لو انطلقت من مصالحها القُطرية إلا ان ارتباط
مصالحها القطرية بالوضع العربي العام يجعلني لا
أستطيع ان اصف الدور العربي بأنه دور سلبي .
• المقدم : هذا الكلام
حقيقة سماحة الشيخ يجعل تصريح الرئيس المصري حسني
مبارك يطرق خاطري بقوة في هذه اللحظات في مسالة
ولاء بعض العراقيين الى جهات غير عراقية وانتم
الان تتحدثون بلهجة مختلفة تماما , هل تؤمنون بمثل
هذه التصريحات ؟
• الشيخ : ما ذَكرته الآن لا يرتبط بولاء
الشيعة ولمن ولائهم وإنما يتصل بالدور الذي يريد
ان يلعبه الإيرانيون , أما هل سيتجاوب الشيعة مع
هذا الدور ؟ انا اعتقد ان الشيعة إستراتيجيا
خيارهم خيار عربي ووطني وليس الانسجام مع المشروع
الإيراني .
• المقدم : نترك مسالة
الجماهير ونتحدث عن الجهات السياسية .
• الشيخ : نعم هناك قوى سياسية تتقاطع
مصالحها مع مصالح النظام الايراني وبالتالي هي
تحاول ان تستفيد من هذا النظام ودعمه سواء السياسي
او الإعلامي او المالي , ولكن هذا الأمر يقتصر على
قوى ولا نستطيع ان نجعل هذا الامر ظاهرة تعمم على
أبناء الشعوب في العالم العربي الإسلامي .
• المقدم : سماحة الشيخ
بحسب ما لدينا من معلومات انتم ليس لديكم أي
ارتباط سياسي ؟
• الشيخ : يعني ليس لدي ارتباط سياسي
بتنظيم او حزب ولكن انا اعتقد ان النشاط السياسي
هو وظيفة من وظائف المرجعية الدينية .
• المقدم : بهذه المنسبة هل
تعتقدون ان للمرجعية الدينية في العراق اثر؟ وما
نوع هذا الأثر في العراق ؟
• الشيخ :لا شك في ان البصمة الرئيسة في
الواقع السياسي هي بصمة المرجعية في الحال الحاضر
ام هل ان المنهج الذي ارتأته المرجعية في التعامل
والتعاطي مع الشأن السياسي العراقي هل هو منهج
صحيح ؟ في اعتقادي انا لدي العديد من الملاحظات
والتحفظات على هذا المنهج .
• المقدم : مثلاً؟
• الشيخ : في الحقيقة هذا موضوع واسع
ويحتاج الى لقاء أوسع من هذا اللقاء ولكن هناك
تحفظات وأنا اعتقد ان المرجعية بالثقل الذي تمتلكه
والرصيد الجماهيري الذي تمتلكه كان بإمكانها ان
تقوم بدور أهم وأوسع وأجدى للشعب العراقي , وعلى
أي حال هذا اختلاف في الرؤى والاجتهادات .
• المقدم : كيف ترون دور
الميليشيات المسلحة المنتمية الى هذه الطائفة او
تلك في العراق ودورها هل كان يخدم العملية السياسية ؟ وهل خدم مصلحة العراق في هذه الفترة أم
لا ؟
• الشيخ: انا من الناحية المنهجية وفي تصوري
السياسي لا أؤمن بصحة قيام ميليشيات في أي بلد من
البلدان , واعتقد ان الميليشيات تؤدي الى مفسدة
اكبر من أي مصلحة ممكن ان تتوخاها هذه الميليشيات
وهي ظاهرة سلبية لا ينفسح لها المجال الا في غياب
دور الدولة وضعفها وتسيبها وانا أؤمن ان الاستقرار
الأمني والسياسي يجب ان تتولاه أجهزة الدولة ولكن
لابد ان تكون هذه الأجهزة منبثقة عن الجماهير
ومعبرة عن الجماهير .
• المقدم: أيضا بحسب ما لدي
من معلومات انه لديكم ملاحظات كثيرة على الدستور
العراقي وأيضا على العملية السياسية ككل في العراق
؟
• الشيخ: نعم انا اعتقد ان العملية
السياسية بنيت على خطأ ولهذا انا قلت في الامس
ايضا مع كبار المسئولين في الأردن ان هناك خطا
منهجي في السياسة الإقليمية على اقل تقدير هذا
الخطأ ينطلق من تصور ان إنقاذ الشعب العراقي يتم
عبر تسيير هذه العملية السياسية بوضعها الحالي في
حين أني اعتقد ان هذا نوع من الهروب الى الأمان من
الناحية المنهجية إنقاذ الشعب العراقي يقوم عبر
تصحيح العملية السياسية , هذه العملية السياسية
بنيت على خطأ , جدار تبنيه على قاعدة هشة وكلما
على الجدار كلما يكون الجدار معرضا للإنهدام فبدلا
من ان ينهدم ثم يعاد بناءه ثم ينهدم ثم يعاد بناءه
فمن الأفضل ان نقوم بعملية جذرية شاملة وهي ان
نقوم ببناء قاعدة متينة كي يقام عليها جدار متين ,
انا اعتقد ان العملية السياسية بنيت بشكل خاطيء
ونحن نؤمن أساسا بضرورة اعتماد المواطَنة العراقية
في التعاطي مع أي شأن من الشؤون العراقية واعتماد
الكفاءة والنزاهة كمعيار لتولي المناصب السياسية
والإدارية ونرفض إقامة العملية السياسية على أساس
المحاصصات الطائفية والاثنية ونؤمن بضرورة ان يكون
الحكم للمؤسسات التي هي جهات اعتبارية لا يمكن ان
تتلون بلون طائفي نحن نؤمن بان الحكم لا يصح ان
يكون لا لفرد لا لحزب ولا لجهة ولا لتيار ونؤمن ان
جوهر الديمقراطية ليس هو مجرد التعددية وانما هو
المشاركة الشعبية الحقيقية في صنع القرار والتأثير
على صانعي القرار ولهذا نحن نرى ان العملية
السياسية أقيمت على أساس محاصصات وتوافقات لا تمثل
حالة شعبية عامة وإنما هي توافقات بين قوى وكتل
سياسية تدعي التمثيل الشعبي .
• المقدم: يعني كيف تدعي
هذا التمثيل ؟ فقد كان هنالك عملية انتخابية .
• الشيخ : هذه العملية الانتخابية هناك
ملاحظات عليها وأنا اعتقد ان الرأي الذي أدلى به
الشعب مع كل احترامي وتقديري لكل الشعب العراقي
ومع إيماني ومراهنتي على الشعب العراقي , انا
اعتقد ان هذه الأصوات أعطيت في ظل أجواء معينة ولو
ان الظروف كانت غير هذه الظروف ولو ان الأجواء
كانت غير هذه الأجواء ولو ان الفرصة تركت للمواطن
العراقي كي يتفهم البرامج السياسية في جو من
الاستقرار ومناخ طبيعي وسليم لتغيرت هذه الأصوات
ولتغيرت هذه النتائج .
• المقدم: هنالك الكثير من
المفردات الجديدة التي وردت على الشارع العراقي
وحتى على الشارع السياسي العراقي ومن أبرزها
التمثيل السني والتمثيل الشيعي والتمثيل الكردي .
• الشيخ: وهذا معناه إيجاد اصطفاف طائفي
داخل المجتمع العراقي وهذا هو الشيء الذي نراه
مكمن الخطر الذي يتماها مع المشروع والإستراتيجية
الدولية الجديدة التي تقوم على أساس التفتيت
الطائفي , معاهدة سايكس بيكو أفلحت في إيجاد
تقسيمات جيو سياسية في العالم العربي ولكنها لم
تستطع ان تقضي على الانتماء العربي الواحد ولم
تستطع ان تقضي على الهوية الثقافية الواحدة لشعوب
العالم العربي , اليوم العالم العربي والعالم
الإسلامي يتعرض لمؤامرة اخطر واكبر بكثير وهو تحدي
تمزيق النسيج الاجتماعي لهذه الشعوب والتفتيت
الثقافي من خلال الدق على الوتر الطائفي والاثني ,
ولهذا هذه الاصطفافات تأتي في سياق ينسجم مع تلك
المشاريع ونحن لا نؤيد مثل هذه الاصطفافات ونعتقد
بضرورة خروج أبناء الشعب العراقي من تحت المظلات
الطائفية و الإثنية ليدخلوا تحت المظلة الوطنية
العامة الشاملة .
• المقدم : حقيقة جنابك فتحت الكثير من آفاق
الحوار ولكن يؤسفني بان الوقت قصير جدا وربما
سنفلح إنشاء الله في إجراء حوار آخر مع آية الله
سماحة الشيخ حسين المؤيد بأذن الله , أشكرك شكراً
جزيلاً على هذا اللقاء ونلتقي مرة أخرى إنشاء الله
, وأشكركم مشاهدينا الكرام وألقاكم على خير ,
السلام عليكم ورحمة الله