الفيدرالية المطروحة قناع لمضمون التقسيم في العراق وهي مرحلة
لتقسيمه شكلا ومضمونا
(20/11/2007)
العرب اليوم - أسعد العزوني


أكد رئيس التيار الوطني العراقي آية الله حسن المؤيد أن العراق يعيش حاليا أزمة
كارثية وأن استمرارها سيقود الى الأسوأ.
وقال في حوار خاص مع "العرب اليوم" أن مجالس الصحوة التى تم تشكيلها مؤخرا لمحاربة
القاعدة, لا يعني قبول الشعب العراقي بواقع الاحتلال.
وفي سياق آخر, أوضح الشيخ المؤيد أن هناك خطة دولية لتقسيم العراق, وأن الاحتلال
الأمريكي يقوم بتنفيذها, بيد أنه بشر بفشل الاحتلال في مسعاه لأن الشعب العراقي
بكافة مكوناته يرفض التقسيم.
وفيما يلي نص الحوار
العراق في أزمة
* ما هي قراءتكم للوضع الحالي في العراق المحتل؟
- لا يزال العراق يعاني من تداعيات الاحتلال والعملية السياسية الخاطئة فيه,
والتدخل الأجنبي السافر المعاكس لمصالح الشعب العراقي بخاصة والمصالح العربية بشكل
عام.
وعلى الرغم من محاولات تزيين صورة الوضع في العراق, تارة عبر دعوى التحسن الأمني,
وتارة أخرى عبر دعوى نجاح ما أسموه بمشروع المصالحة الوطنية, وثالثة عبر دعوى أن
الحكومة العراقية بدأت تسيطر على الوضع الخدمي وتتجه به نحو التحسن, وأستطيع
التأكيد هنا أنه ورغم كل هذ ه الادعاءات, الا أن العراق يعيش أزمة كارثية, وأنه في
حال استمرار الوضع العراقي على التوازنات الموجودة حاليا في العراق, فإنني أعتقد
أنه لن يتجه نحو الأحسن, وإنما ستستمر معاناة الشعب العراقي وقد تحصل تداعيات أخرى
تضيف عناصر جديدة على الأزمة الكارثية في العراق.
وبخصوص الادعاء بان هناك تحسنا أمنيا فان ذلك أكاديميا ومهنيا وبالمعايير الأمنية
لا يمكن قياسه عند حفظ الأمن نسبيا عبر تواجد عسكري في الشوارع والأزقة, وهذا يعد
فرضا للأحكام العرفية, ويحفظ الأمن عادة بمقاسات أخرى وهي أن يتم تحقيقه دون ظهور
العسكر في الشوارع, عندها سيعيش المواطن حالة أمنية, ويمكن آنذاك القول بان هناك
أمنا في البلد, والتحسن الأمني الحالي ما هو الا شكل ظاهري فقط. وأؤكد هنا أن
الأزمة الأمنية هي نتيجة وليست سببا, وما لم تعالج جذورها, فانها ستبقى مستمرة رغم
كل محاولات السيطرة عليها.
مشروع المصالحة
* كيف تنظرون الى مشروع المصالحة؟
- أتساءل بداية, ما هي مظاهر هذه المصالحة التى يتحدثون عنها, ويدعون أنها موجودة
في العراق؟ انها خرافية لا أثر لها على أرض الواقع, وهل مجىء أشخاص بدوافع طائفية
ومصالح شخصية وفئوية للتعامل مع الحكومة, يعني أن فئة ما أو مكونا ما قد انضم الى
العملية السياسية ووافق على المعادلة الموجودة في العراق؟ ومن هذا المنطلق لن يتم
تحقيق مصالحة في العراق بمثل هذه المعايير.
* ما الهدف من تشكيل مجالس الصحوة؟
- ما يسمى بمجالس الصحوة لا يعني أن شرائح المجتمع العراقي قد انسجمت وتكيفت مع
الواقع الموجود, وهي في الأساس تهدف الى القضاء على تنظيم القاعدة في العراق, وأن
ذلك يحظى باجماع شعبي عراقي, لأن القاعدة مرفوضة بكل المعايير في العراق, وأن
المناطق التى تواجدت فيها القاعدة, خرجت بانطباع أنه لا بد من التخلص من هذا
التنظيم الذي أصبح ضرره أكثر من نفعه, لكنني أؤكد أن الموقف ضد القاعدة لا يعني
قبولا بالواقع السياسي وبالمعادلة السياسية المبنية على المحاصصة, ومجالس الصحوة
ليست ضد المقاومة العراقية التى لا تمت للقاعدة بصلة, وهي ليست مع المحاصصة أو
العملية السياسية بصفتها الحالية.
هناك خطأ جسيم وقعت وقد تقع فيه دول وجهات سياسية وهو أن يفهم بان المشكلة في
العراق هي تحجيم وتهميش مكون من أبناء الشعب العراقي فقط, وبناء على ذلك فان الدعوة
تتم لفسح المجال لهذا المكون للمشاركة الفاعلة في العملية السياسية, وبهذا تعتبر
العملية بأنها تجاوزت مشكلاتها وهذه قضية خطيرة جدا.
المشكلة الأساسية
* اذا أين تكمن المشكلة؟
- تكمن المشكلة الأساسية في بناء العملية السياسية التى أدخلت الطائفية السياسية
الى البلد بشكل غير مسبوق, وبنت الأمور على المحاصصة الطائفية وغيبت المشروع
الوطني, والعلاج هنا, لا يتم عبر ابقاء العملية السياسية على بنائها الخاطىء, مع
اقناع مكون بالمشاركة الفاعلة في هذا العملية, اذ لا بد من عودة المشروع الوطني
العراقي لتبني عليه عملية سياسية وطنية تحفظ وحدة الشعب العراقي ونسيجه الاجتماعي,
كما أن الموضوع ليس تهميش أو تحجيم مكون فقط وكأن المكونات الأخرى قد استوفت حقوقها
وحصلت على تمثيلها, وللتوضيح فان كافة القوى الموجودة في السلطة لا تمثل, ولا يمكن
أن يقبل بها كممثل عن مكون معين, لأنها قوى استولت على الأمور بغطاء من الاحتلال
وبمحاولة سد فراغ كان يفترض أن يسد بطريقة منهجية, ونحن نقول أن بناء مجتمع مدني
ودولة حديثة في العراق يتطلب تجاوز القوى التى أقيمت على أساس طائفي او ديني أو
اثني, لأن هذه القوى لن تبني مجتمعا مدنيا أو دولة حديثة وهي بالأساس عائق كبير في
هذا المجال, والمطلوب أن يفرز المجتمع طبقة سياسية بصورة طبيعية, بعيدة عن الأسس
الطائفية.
التقسيم
* ضمن المعطيات الحالية, هل العراق ماض في طريق التقسيم؟
- هناك محاولات جادة من قوى دولية واقليمية للدفع باتجاه التقسيم, ونعتقد أن الخطة
الموضوعة للعراق هي تقسيمه, وعليه فان الممارسات التى قامت بها قوات الاحتلال
لترتيب العملية السياسية على أنها تهدف الى الوصول بالمجتمع العراقي الى التقسيم,
وهناك كتب نشرت مؤخرا تشير الى هذه المخططات وآخرها كتاب غالبريث الأمريكي الذي يعد
عراب مشروع التقسيم في العراق والذي أسماه " نهاية العراق ".
ومن يقرأ هذا الكتاب يكتشف أن هناك مخططا لانهاء العراق كدولة ومجتمع والدفع باتجاه
كانتونات طائفية واثنية في العراق لانهاء شىء اسمه العراق, لكن مجتمعنا العراقي
ورغم حدة ما يعانيه يرفض التقسيم.
وتفيد الاستطلاعات الأخيرة التى أجرتها أطراف متعددة بان الحس الطائفي في العراق
آخذ بالتراجع, في حين يتنامى الحس الوطني بصورة ملحوظة جدا, ومن الثوابت الوطنية
الواضحة هي وحدة العراق أرضا وشعبا وفيما يرتبط بمشروع التقسيم, فهناك من ينظر له
تحت مبررات واهية, في مقدمتها ان العراق كدولة واحدة هو عملية صناعية وأن العراق تم
تجميعه على أيدي البريطانيين عقب الحرب الكونية الأولى من ثلاث ولايات عثمانية, هي
الموصل, وبغداد والبصرة.
وحقيقة الأمر أن هذا القول تزييف بشع للتاريخ ذلك أن العراق وحدة جغرافية واحدة,
منذ القدم ن وكان يعبر عنها بوادي الرافدين أو بلاد ما بين النهرين.
ان وقائع التاريخ وحقائق الجغرافيا والواقع الديمغرافي الاجتماعي, كله مع وحدة
العراق, ومع دولة عراقية واحدة, بمعنى ان كل هذه العوامل ضد تقسيم العراق.
وهناك مبرر آخر لتبرير التقسيم وهو أن وحدة العراق لم تكن ممكنة الا بالقوة وأن ثمن
العراق الموحد هو ظهور ديكتاتورية جديدة, وأن الحفاظ على وحدة العراق بالقوة سيزعزع
الاستقرار ولا شك أن هذا المبرر أو هي من خيوط العنكبوت, فوحدة العراق لم تكن ذات
يوم وليدة قوة, وانما انطلقت من حقائق الجغرافيا ووقائع التاريخ, وواقع الديمغرافيا
المجتمعية العراقية, وبالتالي فان الادعاء بان الدولة العراقية لم تظهر نتيجة
لرغبات الشعب, وعليه لم يتم الحفاظ على تماسكها الا بالقوة فان ذلك ادعاء باطل لأن
الشعب العراقي بكل مكوناته كان مع الدولة العراقية الموحدة. وأساسا فان قيام الدولة
العراقية عام 192 تم برغبة شعبية عراقية في أن تكون هناك دولة عراقية عربية يرأسها
ملك من أنجال الشريف حسين.
* أليست الفيدرالية عامل تقسيم للعراق؟
- هناك من يحاول أن يقنع مشروع التقسيم بالفيدرالية, علما أن الفيدرالية المطروحة,
ما هي الا قناع لمضمون التقسيم في العراق, والفيدرالية التى يراد تطبيقها في العراق
هي فيدرالية تقسيم العراق مضمونا وان لم تقسمه شكلا وأعتقد أنها مرحلة لتقسيمه
بالشكل والمضمون.
ولهذا فان من يطرح مشروع الفيدرالية من المنظرين لتقسيم العراق, يقول أن العراق لن
يكون بلدا واحدا الا بالاسم فقط.
اقليم كردستان
* ما سر ابراز الكيان الكردستاني ومنحه صلاحيات فتح مكاتب تمثيل بالخارج وعقد صفقات
نفطية وميزانية خاصة؟
- لهذا الأمر عاملان هما الأول : أن هذا يأتي في سياق مخطط تقسيم العراق, والثاني
يراد اتخاذ شمال العراق بؤرة للنفوذ الأجنبي, ولذلك يراد تجيير الشمال لهذا النفوذ.
* لماذا التركيز على كركوك الغنية بالنفط وما هي هوية هذه المدينة بالضبط؟
- الهوية المباشرة لكركوك هي عراقية قبل أي شىء وهي مدينة التآخي, وهي بحسب حقائق
الجغرافيا السياسية امتداد لسهل صلاح الدين وليست منطقة جبلية تابعة لشمال العراق
الجبلي الذي يعد المركز الجغرافي للأكراد وعندما تم اقتطاع كردستان سابقا من ولاية
الموصل لم تكن كركوك جزءا من ذلك سواء في معاهدة سيفر أو ما بعدها, والحديث حينها
كان عن كردستان, و لم يكن عن كركوك.
* كتيار وطني, ما توصيفكم لعراق ما بعد التحرير؟
- عراق ما بعد التحرير هو العراق الواحد الموحد الذي ينهض فيه المشروع الوطني ويبقي
تطوير مجتمع دولي وبناء دولة حديثة هي دولة المؤسسات والقانون واعتبار المواطنة هي
الأساس في التعاطي مع كل الشؤون, واتخاذ النزاهة والكفاءة معيارا لتولي المناصب
السياسية والادارية بعيدا عن الانتماءات الطائفية والدينية والاثنية وعراق ما بعد
التحرير هو الذي ستحفظ فيه كرامة الانسان وتطبق فيه ديمقراطية حقيقية ونهضة
اقتصادية شاملة تتناسب مع الثروات والكفاءات التى يمتلكها العراق والشعب العراقي,
وأن يحفظ الانتماء العربي للعراق وكذلك الهوية الحضارية للشعب العراقي وأن يلعب
العراق دورا ايجابيا قائدا اقليميا ودوليا.
السابق