الرئيسية شذرات الفتاوى الأسئلة والاستفتاءات المقالات الأبحاث والدراسات المحاضرات البيانات مشروع الميثاق الوطني اللقاءات الإعلامية السيرة الذاتية الصور
 

اللقاءات الإعلامية

نص المقابلة التي أجريت مع سماحة الإمام آية الله الشيخ حسين المؤيد

مع صحيفة السبيل الإسلامية السياسية التي تصدر في عمان بتاريخ 1/11/2005

والمنشورة في موقع الصحيفة في هذا الرابــــط

 

أخر تحديث:-
بتاريخ:
 01/11/2005
الساعة 5:19:22 صباحا 
بتوقيت غرينتش
الساعة 07:19:22 صباحا بتوقيت عمان

المرجع الديني العراقي حسين المؤيد لـ«السبيل»:

هناك قوى استغلت الديماغوجية الدينية في أوساط الشيعة لتأمين مصالحها وشحن الناس طائفياً واثنيا

حاوره: أمجد العبسي

يفسر المرجع الديني العراقي آية الله حسين المؤيد في حوارنا الذي أجريناه معه في «السبيل»، الكثير من الالتباسات التي اكتنفت الرأي العام الشيعي في العراق، وخصوصا فيما يتعلق بالاحتلال الأمريكي والعملية السياسية التي تجري تحته.

فهو يرجع المسؤولية في ذلك الى «الكبت الديني» الذي عاشته الطائفة الشيعية في العراق، الأمر الذي ولد حسا دينيا عاليا يرافقه ضعفا ثقافيا كبيرا، والذي ساعد أيضا، من وجهة نظره، القوى الغريبة المحتلة للعراق في استغلال ذلك لمصالحها الشخصية والحزبية.

وللمؤيد ايضا وجهات نظر واضحة فيما يتعلق بـ«التدخل الإيراني» في العراق، والدستور الحالي والمصالحة العربية التي «يقدرها كثيرا». وفيما يلي نص المقابلة:

السبيل: هنالك التباسات عديدة تحيط بمواقف بعض الأطراف الشيعية في العراق من قضايا مهمة مثل الاحتلال والفيدرالية وغيرها مما هو مختلف عليه بين الأطراف العراقية، بماذا تفسرون ذلك؟

- بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة واتم التسليم على سيدنا قائد البشرية الصالحة ورسول الأمة الشاهدة ابي القاسم المصطفى الأمين وعلى آله الأطهار وصحبه الأبرار.

في البداية اشكركم على اجراء هذا اللقاء الذي ارجو ان تكون له تأثيراته وثمراته.

الشعب العراقي تاريخياً هو شعب واحد له هوية واحدة، وتركزت فيه عبر الاجيال المتعاقبة قيم وثقافة تقوم على اساس الثوابت الدينية والوطنية، وعلى اساس القواسم المشتركة، ولم تؤثر الخصوصيات المذهبية والعرقية التي عاشتها تصنيفات الشعب العراقي في الاطار العام الذي جمع هذا الشعب وجعل منه وحدة واحدة، ولهذا نحن نعتقد ان الظواهر غير الطبيعية التي يعيشها المجتمع العراقي في هذه الفترة طارئة على هذا المجتمع وهويته والقيم التي تربت عليها اجيال هذا المجتمع.

وهذه الظواهر في الحقيقة ما هي الا زبد اربته الملابسات التي عاشها هذا المجتمع في ظل الوضع السابق والضغط على الحالة الدينية في العراق، الذي لا اريد ان ادخل في تحليل اسبابه، ولكن الضغط وربما الاضطهاد خلق معادلة فيها تناسب عكسي بين العاطفة الدينية والثقافة الدينية فهناك عاطفة دينية متأججة وثقافة دينية متدنية. فالاضطهاد اجج العواطف الدينية لأن الدين اصبح في نظر الناس محارباً ومضطهداً ومظلوماً والشعب العراقي من ابرز خصوصياته التعاطف مع المظلوم والمظلومية.

ونفس هذا الاضطهاد عزل المجتمع عن مصادر الفكر الديني الصحيحة، فالكتاب الاسلامي ممنوع، والخطيب الاسلامي يخشى ان يتحدث بكل ما يريد، والناس تخشى الوصول الى العالم الديني وهو ايضاً يخشى التواصل مع الناس، وهذا ادى الى تدن كبير في مستوى الثقافة الدينية لدى عموم المجتمع العراقي الا من شذ وندر.

هذا التناسب العكسي أوجد ما اصطلح عليه بـ«الديماغوجية» الدينية التي اضيفت الى «الديماغوجية» السياسية، والتي استغلتها قوى ومحاور سياسية دخلت على الخط من اجل تأمين مصالحها من خلال توظيف العواطف الدينية المتأججة، فشحنوا الناس شحناً طائفياً واثنيا،ً وهذا الشحن هو الذي ادى الى بروز ظواهر طارئة على قيم المجتمع العراقي وعلى هوية هذا المجتمع العراقي وثقافته واعرافه.

السبيل: ولكن أين هي القيم التي تتحدث عنها الآن؟

- من المعروف ان الحس الوطني في المجتمع العراقي حس عال، والعراق يتميز ضمن المجموعة العربية بارتفاع الحس الوطني لدى شعبه، ولكن هذه الظروف الطارئة ادت الى نوع من الغبش وعدم وضوح الرؤية لدى الناس، واصبح من العسير على الكثير من الناس ان يفرق بين ما هو وطني وما هو غير وطني في ظل تدني المستوى الثقافي العام والملابسات التي عاشها المجتمع واستغلال قوى سياسية ودينية لهذا الوضع.

فالشعب العراقي بشكل عام هو ضد الاحتلال، ولكن لكي يترجم هذه الضدية الى مشروع سياسي وعمل جماهيري والى ثقافة يتبناها الشارع العراقي لا بد له من توجيه.

وفي ظل سيطرة قوى سياسية ودينية معينة لا ترى من مصلحتها ان تعمل في هذا الاتجاه، اصبح الشعب العراقي يفتقد الى القيادة الوطنية التي توجهه توجيهاً وطنياً، وهذا هو الذي ادى الى ما سجلتموه على هذا المجتمع.

ولكننا نعتقد ان هذا الظرف طارئ ونراهن على المخزون الثقافي والتاريخي الذي يمتلكه العقل العراقي، والذي تتشبع به روح المواطن العراقي، ونعتقد ان هذا المواطن سيعود شيئاً فشيئاً الى الروح الوطنية وذلك من خلال اخفاق هذه القوى لأنها لا تعمل الا على تأمين مصالحها.

السبيل: ما فرص عودة هذه الروح التي تتحدث عنها وهل هي ممكنة أم غير ممكنة؟

- قد تتأخر شيئاً ما، لأن هذه العودة تعتمد على مجموعة من العناصر، منها قدرة المحاور الوطنية العراقية على اقناع الشعب بالمشروع الوطني، واخفاق القوى السياسية الممسكة بالسلطة في تقديم ما يصبو اليه الشعب، وكذلك افتضاح مشروع المحتل شيئاً فشيئاً لأن الناس لم تكن لها رؤية واضحة عن اهداف ودوافع الاحتلال.

هذا كله يؤثر في عودة الروح الوطنية الاصيلة للشعب، فالناس الآن بحاجة الى وضوح الرؤية وبحاجة الى توجيه، حتى يترجم هذا الوضوح الى موقف سياسي يتناسب مع مصلحة الشعب.

السبيل: ما المسؤولية المترتبة على عاتق القوى المناهضة للاحتلال، وخاصة القوى السنية العربية؟

- في الحقيقة ان ذلك يتطلب من كل القوى الوطنية.. اهل السنة يتطلب منهم التأكيد على موقف وطني يبتعد عن الحالة الطائفية اولاً، والتمسك بوحدة الشعب العراقي والابتعاد عن التقسيمات المذهبية والطائفية، ورفض اي عنف يجري ازاء الابرياء من شرائح الشعب العراقي لأنه يعطي ردود افعال سلبية لا تصب في مصلحة المشروع الوطني، وان يشعر الشيعة في العراق بمودة صادقة من اهل السنة ومتبادلة من الطرفين، وكذلك التأكيد على الثوابت الوطنية كل ذلك سيؤثر تأثيراً بالغاً في عودة الحالة الطبيعية الى المجتمع العراقي.

السبيل: كيف تقيمون الموقف العربي من الشيعة العراقيين، وما المطلوب من العرب تحديدا؟

- في الحقيقة نعتقد اعتقاداً يقوم على اسس موضوعية ان العالم العربي هو العمق الاستراتيجي لكل العراقيين وبكافة طوائفهم وشرائحهم. وحينما نتكلم عن موقف عربي نتكلم عن موقف الشعب العربي وموقف الانظمة العربية.

فالمطلوب من الانظمة العربية ان تقف الى جانب العراقيين بغض النظر عن انتماءاتهم المذهبية، وان يشعر الشيعة في العراق بأن العالم العربي هو الى صفهم كعرب ولا يصنفهم طائفياً، وان يتبلور موقف عربي واضح في نصرة الشعب العراقي ازاء المحنة التي يمر بها في هذا الظرف العصيب.

وانا اعتقد شخصياً بأن الورقة الشيعية في العراق يجب ان تكون ورقة عربية، لأنها ان لم تصبغ بالصبغة العربية فستجير لمصلحة قومية اخرى.

السبيل: اذن كيف تنظرون الى مبادرة المصالحة العراقية؟

- انظر اليها بقدر كبير من الأهمية واعتقد انها ضرورية للغاية، حتى وان جاءت متأخرة، وهناك من اعترض على صيغة المصالحة وانا لست مع هذا الاعتراض، ولكن لو جارينا المعترضين فانه بالامكان ان نحول المشروع من صيغة مصالحة وطنية الى صيغة تفاهم وطني، لأن التفاهم امر يحتاجه الشعب العراقي.

السبيل: ما تقييمكم لمن يشترط عدم اشراك ما يسميه هو بـ«القوى الارهابية» في المصالحة القادمة؟

- من حيث المبدأ، من يصدق على فعله وصف الارهاب يكون مجرماً بحق الشعب العراقي والمجرم لا يمكن ان يجلس في صف الانسان النظيف، فحينما نتحدث عن المبدأ سيكون المبدأ واضح وهو لا مكان للارهابي في صفوف الشعب العراقي.

ولكن ما نخشى منه هو ان يستغل هذا الوصف لتلبيسه على ناس لا يمارسون الارهاب، وانما يمارسون مقاومة المحتل فيستبعد المقاوم تحت يافطة الارهاب وهذا ما نخشاه. واساساً اي وضع مشابه للوضع العراقي اذا اريد له ان يؤدي الى استقرار سياسي لا بد من حصول تفاهم وطني لكل القوى العراقية.

ونحن اذا نظرنا الى التجربة التاريخية الفردية الذي قام بها نبينا الأعظم محمد عليه الصلاة والسلام، نجد انه حينما دخل مكة فاتحاً على الرغم من كل الاساليب التي استخدمها المشركون ضد النبي والمسلمون نادى في الناس وقال: «اليوم يوم المرحمة، ومن دخل بيت ابي سفيان فهو آمن»، بل ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يكتف بذلك، وعين ابو سفيان عاملاً على الصدقات في نجران، وبالتالي اشركه في العملية السياسية مع انه كان قبل ذلك رأس الكفر والشرك في مكة.

هذه التجربة ادت الى ان يسود الاستقرار السياسي في مكة واصبح مجتمع الجزيرة في ظل قيادة الرسول صلى الله عليه وسلم مجتمعاً مستقراً وآمناً، لا بد ان يكون للقوى السياسية حالة استيعابية، وهذا لا يعني اننا نبرر للمشركين ولكن نتكلم عن الحالة العامة الاستيعابية التي تجمع ولا تفرق.

السبيل: في ملف ما يسمى التدخل الايراني في العراق، هناك اتهامات كثيرة لايران في انها تعمل على اعادة الاحلام الصفوية في العراق، وهناك من يرى في ذلك مجرد مبالغات وان ايران ليست بحاجة لهذا التدخل في ظل التهديدات الدولية التي تواجهها، أين انتم من ذلك؟

- حين ننظر الى المشروع الايراني من الزاوية الاستراتيجية نجد انه مشروع قومي وليس مشروعاً دينياً او مذهبياً، كما انه يقوم على اساس ان تكون ايران هي القوة الاقليمية الكبرى في المنطقة. والجغرافيا الايرانية اساساً تجعل ايران تعيش نوعاً ما من العزلة فمن ناحية هناك البحر ومن ناحية هناك الجبال، والجغرافيا لها دور في كبير في صنع التاريخ.

هذه العزلة الجغرافية جعلت الحكومات المتعاقبة في ايران تفكر دائماً في منافذ للخروج منها، ولهذا نجد ان الخط الثابت في الاستراتيجية الايرانية يسعى دائماً لفتح مواقع نفوذ خارج ايران، لأنه ينطلق فيما ينطلق من هذا النوع من هذه العزلة الجغرافية.

السبيل: لكن هذا حق طبيعي لها؟

- لا، سنأتي لهذا، وكيف يكون في مساحة حقاً طبيعياً وفي مساحة اخرى لا يكون حقاً طبيعياً.

بعد ان تبنت ايران المذهب الشيعي بشكل رسمي في القرن العاشر الهجري اصبحت تعيش عزلة ثانية عن العالم الاسلامي، الذي يختلف معها في المذهب، فاضافت الى عزلتها الجغرافية عزلة مذهبية، وهذه ايضاً تدفعها لأن تجد موطئ قدم ونفوذاً في خارج دائرتها السياسية والجغرافية.

وحينما نأتي الى العراق نجد ان الخط الطويل بين ايران والعراق في مساحات كبيرة منه يمثل منفذاً جغرافياً لها، لأنه لا يوجد ما يعزل، طبيعيا،ً ايران عن العراق، وهناك سهل ممتد في غالب المناطق الحدودية، وهذا يجعل ايران تفكر بشكل جدي في ان تنطلق من خلال هذه النقطة باعتبارها منفذا جغرافياً سهلاً، كما ان وجود اكثرية شيعية في العراق يمنحها ديناميكية للتحرك نحو الشعب العراقي باعتباره يشترك معها في المذهب، فهي اذاً تحتاج الى اللعب بالورقة العراقية جغرافياً وسياسياً وثقافيا. ولهذا نجد، تلقائياً، ان الخط الاستراتيجي الثابت لدى ايران هو التدخل في الشأن العراقي والذي لم تختلف فيه حكومة من الحكومات التي تعاقبت على السلطة في ايران سواء كان قبل الصفويين او بعدهم.

السبيل: تحدثت عن المساحات المحرمة والمساحات المباحة في التدخل الايراني في العراق، كيف توضحون ذلك؟

- المساحة المحرمة حينما يحاول النظام في ايران ان يجعل الورقة الشيعية في العراق ورقة ايرانية فالتشيع في العراق تشيع اصيل، بينما في ايران، التشيع طارئ، نتيجة لظروف معينة.

والشيعة في العراق قديمون قبل ان تتشيع ايران بقرون كثيرة، واذا انتقل اليها فقد انتقل من الشيعة العرب في العراق ولبنان. وكذلك التعامل من منطلق وزاويا قومية تتناقض مع المصلحة القومية للعرب والعراقيين. فالتعامل الايراني مع العراقيين لا يقوم على اسس دينية وانما يقوم على اساس المصلحة القومية لايران والنظام فيها، وحينما تتدخل ايران في الشأن العراقي من هذا المنطلق يقع تضاد مع المصلحة الوطنية العراقية والقومية العربية.

السبيل: كيف ترون مستقبل البلاد في ظل الدستور الحالي؟

- قبل التصويت على الدستور كانت لي مقابلة مع فضائية «ANB» وصرحت بشكل واضح وقلت ان التصويت بـ«نعم» على هذه المسودة لن يجلب الاستقرار للعراق، واذا كان هناك من يتصور ان الجواب بـ«نعم» سيكون خطوة باتجاه الاستقرار فهو مخطئ.

لذلك ان هذا الدستور بصياغته الحالية لا يمكن بحالة من الاحوال ان يسهم باستقرار البلد، والدستور اساساً يجب ان يكون وثيقة للوفاق الوطني في اي بلد من البلدان.

صحيح ان الدستور من الصعب ان يتحقق عليه اجماع وطني كامل، ولكن ذلك لا يعني ان مشروعية وصحة هذا المشروع وقدرته على اقرار الوفاق الوطني تتحقق اذا فاز هذا الدستور باصوات تفوق النصف بقليل، يعني ان تكون هناك اكثرية ساحقة تؤمن بهذا الدستور.

اما حين تكون نسبة كبيرة من الشعب العراقي ترفض هذا الدستور سواء من خلال مقاطعتها له او من خلال التصويت بـ«لا» فلا يمكن بحال من الاحوال ان يتحول الى وثيقة وفاق وطني تسهم في جلب الاستقرار السياسي والأمني للبلد.

 السابق

Twitter Facebook قناة الشيخ حسين المؤيد في اليوتيوب google + البريد الالكتروني
[email protected]

جميع الحقوق © محفوظة للمنتدى العلمي
مكتب سماحة الإمام الشيخ حسين المؤيد

www.almoaiyad.com