المقدم : سماحة الشيخ كيف تقرأ التدهور الأمني
الكبير في العراق وخاصة ما حصل أخيراً في مدينة
الصدر وقصف الأحياء المدنية وهل ترى الاختلاف في
هذه العملية من حيث أنها لم تكن انتحارية بل
بسيارات مفخخة أية دلالات معينة؟
سماحة الشيخ: بسم
الله الرحمن الرحيم... لاشك في أن المشهد العراقي
هو مشهد سوداوي قاتم والعراق يندفع في أزمته
الكارثية إلى حافة الهاوية. هذه القضايا التي تحصل
والتداعيات التي لم تكن مفاجئة بالنسبة لنا نحن
كنا نتوقع مثل هذه التداعيات لان القاعدة المنطقية
تقول: المقدمات الفاسدة تؤدي إلى نهايات فاسدة
وهذه التداعيات التي نشهدها ما هي إلا مفاعيل
للأسباب الرئيسية للازمة...
المقدم : سماحة الشيخ : أية مفاعيل تتحدث عنها
..هناك من يرى أن المشكلة هي سياسية وليست أمنية
وهذا ما قاله أخيراً المالكي محملاً ساسة العراق
مشكلة التدهور الأمني بالتالي المشكلة سياسية
وليست أمنية..
سماحة الشيخ: منذ
البداية كنا نقول أن المشكلة سياسية.هم الذين
كانوا يقولون أنها أمنية منذ البداية كنا نقول أن
من الخطأ التركيز على النتائج دون دراسة الأسباب.
أسباب التداعيات الأمنية هي سياسية بالدرجة الأولى
ومن اجل معالجة التداعيات الأمنية لابد من معالجة
الأسباب التي أدت إلى مثل هذه التداعيات. أن
الأسباب الرئيسية كما ذكرناها في لقاءات سابقة هي
الاحتلال والبناء الخاطئ للعملية السياسية الذي
ادخل الطائفية السياسية بشكل غير مسبوق إلى
العراق. السبب الثالث هو التدخلات الأجنبية
المعاكسة لمصلحة الشعب العراقي والمعاكسة للمصلحة
العربية.. باعتقادي هذه هي الأسباب الرئيسة للازمة
الكارثية في العراق ولابد لإنقاذ العراق من هذه
الأزمة معالجة تلكم الأسباب.
المقدم : هذا الصراع السياسي هل ترى له أبعادا
دينية .. آسف... أقصد أبعادا مذهبية في الصراع
الطائفي الذي يمكن أن نتحدث عنه فيما بعد؟
سماحة الشيخ :
الصراع أساساً هو صراع سياسي ودوافعه سياسية ولكنه
مقنع بأقنعة مذهبية وتوظف الورقة الطائفية لصالح
تلك الدوافع السياسية.
المقدم : سماحة الشيخ: إحدى الصحف السياسية اليوم
نقلً عنها قولها: بغداد تستسلم للحرب الأهلية..
ترون الواقع بهذا السوء؟
سماحة الشيخ : لاشك
في أن الواقع الحالي واقع غير طبيعي وفي الحقيقة
فاق كل التصورات وهو بعيد عن سيكولوجية الفرد
العراقي وسيكولوجية المجتمع العراقي ولكن إذا كان
المقصود بالحرب الأهلية بأنها حرب الشعب العراقي
هذا ما نرفضه.. أن الشعب العراقي أوعى من أن ينجر
لحرب بين مكوناته وإنما هي حرب تقوم بها جهات
سياسية و مخابراتية وعصابات في داخل العراق.
المقدم : إذا هو صراع أحزاب أو نخب سياسية ولكنه
كما قلت خلف أقنعة دينية.. في هذه الحالة ما هو
دور المرجعيات الدينية في منع استغلال المشاعر
الدينية في تأجيج مثل هذه الصراعات؟
سماحة الشيخ : لاشك
في أن المرجعيات الدينية يجب أن تقوم بدور كبير
وتقع عليها مسؤوليات ضخمة.. من أهم الأدوار التي
يجب أن تلعبها المرجعيات الدينية هو تسويق ثقافة
الوحدة والعمل على وحدة العراقي وان تسود أجواء
المودة بين مكونات الشعب العراقي والعمل على أبعاد
الاستفزازات المذهبية والطائفية.. لابد للمرجعيات
من أن تنهض بعبء المشروع الوطني العراقي الذي يخرج
المواطن العراقي من تحت المظلات الطائفية والاثنية
والانضواء تحت المظلة الوطنية العراقية الجامعة..
فلابد للمرجعيات الدينية أن تتبنى الخيار الوطني
وان تطرح المشروع الوطني العراقي ولابد من العمل
على تصحيح العملية السياسية لان خطأ منهجياً هناك
يقوم على أساس تسيير العملية السياسية بوضعها
الحالي مع أجراء عمليات ترقيعية مع أننا نتصور أن
إنقاذ العراق يمر عبر تغيير العملية السياسية
باتجاه تبني المشروع الوطني العراقي الذي يستنبط
الثوابت الوطنية التي لا يختلف عليها اثنان من
العراقيين والإمعان في جر الناس لهذا الجو لن يؤدي
إلى أي جهة ايجابية....العملية السياسية الحالية
غير قادرة على الاستمرار ولا يمكن من خلالها إنقاذ
الوضع ولا يمكن إنقاذ الوضع الأمني في العراق...
وضع العراق يحتاج إلى تغيير سياسي.
المقدم : سماحة الشيخ: يعني انك قلت أن على
المرجعيات الدينية أن تجيش الشعب تحت مظلة المشروع
الوطني لكن كيف تقيم ما هو حاصل حتى الآن؟ كيف
تقيم الدور الذي تقوم به المرجعيات داخل العراق
الآن؟
سماحة الشيخ : في
الحقيقة هناك نوعان من المرجعيات الدينية في
العراق الآن ... هناك نوع يغطي العملية السياسية
الحالية بغض النظر عن دوافعه في مساندة الحكومة
الحالية.. وهناك فريق أخر رفض العملية السياسية
الحالية ونحن كنا في طليعة الناس الرافضين للعملية
السياسية وقلنا منذ البداية أن بناء العملية
السياسية يجب أن يكون على أساس المشروع الوطني
العراقي وان نبتعد عن الطائفية السياسية في القضية
السياسية.
المقدم : إحدى النقاط التي ذكرتها سماحة الشيخ قبل
قليل بان الحل هو بخروج المحتل كما تصفونه..
وبالمقابل هناك من يقول لكم أن من يخرج من الأرض
ربما يدخل من الشباك على أساس بأن نفوذه سيبقى
وبان قراراته ستبقى من الداخل؟
سماحة الشيخ : لا...
نحن في الحقيقة نتبنى طرحاً أخر وسنعلن قريباً عن
مشروع الميثاق الوطني العراقي الذي يتضمن برنامجاً
سياسياً وطنياً تجتمع عليه كل القوى والشخصيات
الوطنية.. هذا البرنامج السياسي يضم في ما يضم من
مفردات نقاط مهمة منها: أننا لا نسعى فقط إلى
أخراج الوجود العسكري للمحتل إنما نعمل على تحرير
القرار السياسي العراقي من الهيمنة الأجنبية سواء
كانت دولية أم إقليمية معاكسة لمصلحة الشعب
العراقي وللمصلحة العربية ونعمل على تحرير إرادة
الشعب العراقي وبالتالي إذا كانت هذه المفردة
قائمة لا يمكن للمحتل أن يدخل من النافذة مع
تفهمنا للمصالح الدولية التي يجب أن تؤمن من خلال
الحوار أولا والتفاهم ومن خلال تأمين مصالح العراق
ومصالح الشعب العراقي..أن لا تكون هذه المصالح على
حساب مصلحة الشعب العراقي.
المقدم: تحدثت سماحة الشيخ عن ضرورة التفكير في
تغيير العملية السياسية.. في هذا الإطار ما هو
موقفكم من تصريحات الشيخ حارث الضاري التي طلب
فيها من الدول العربية سحب الاعتراف من الحكومة
العراقية قائلا أنها لا تمثل الشعب العراقي؟
سماحة الشيخ : هذه
التصريحات نحن نتفق معها لأننا نتفق على إن
العملية السياسية الحالية غير صالحة لإنقاذ العراق
ولا يمكن أن يندمج فيها كل المواطنين العراقيين
لبناء دولة حديثة في العراق وللوقوف أمام تمزيق أو
محاولات تمزيق النسيج الاجتماعي العراقي وبالتالي
نحن نتفق في أن الحل يتم عبر بناء عملية سياسية
جديدة .
المقدمة : وهذا البناء لهذه العملية السياسية
الجديدة هل يندرج تحت إطاره أو عنوانه ربما زيارة
المالكي اليوم أو زيارة الطالباني إلى إيران
وبالتالي أشارة استفهام كبيرة حول الدور الإيراني
في العراق برأيك؟
سماحة الشيخ : لا
اعتقد ذلك لان العملية السياسية الجديدة يجب أن
تبنى بيد القوى الوطنية التي وقفت مع الخيار
الوطني منذ البداية و لا يمكن أن يكون من هو جزء
من المشكلة جزءاً من الحل.
المقدمة : هل ترون إيران جزءاً من المشكلة أم ترون
طالباني جزءاً من المشكلة ؟
سماحة الشيخ :
الطرفان هما جزءاً من المشكلة ... نحن نعتقد أن
الدور الإيراني دور سلبي للغاية وانه ما لم يتم
الوقوف أمام التدخل الإيراني في العراق لا يمكن
تحقيق الأمن والاستقرار في العراق ولا يمكن بناء
دولة حديثة على أساس المشروع الوطني العراقي لأن
بناء دولة حديثة على أساس المشروع الوطني العراقي
هو أمر يراه النظام الإيراني مضرا بمصالحه في
المنطقة.
المقدم : نعم لكن في أطار النفوذ الذي يعترف به
الجميع لإيران في العراق.. ما مدى قدرة إيران في
رأيك على لعب دور ايجابي في استقرار الأوضاع في
العراق وكيف تنظر إلى دعوة الرئيس نجاد في هذا
الإطار إلى أمريكا حيث أبدى استعداده للتعاون معها
مقابل تخليها عن منطق القوة كما قال؟
سماحة الشيخ : هذه
الدعوة تنطلق من أطار وزاوية المصالح القومية
الإيرانية ولا تنطلق من زاوية تأمين مصلحة الشعب
العراقي والصياغة التي طرحها أحمدي نجاد هي أساساً
تدل على هذا التوجه في السياسة الإيرانية فهو يدعو
إلى التعاون مع الأمريكان وكان المفروض أن تكون
الدعوة لمساعدة الشعب العراقي لو كان النظام
الإيراني جادا في مساعدة الشعب العراقي.. ولكننا
نعتقد انه يسعى لتأمين مصالحه القومية في المنطقة
ومن هنا نحن لا ننظر إلى مثل هذه الدعوات بإيجابية
ونحن نعتقد أن مصير العراق ومستقبل الشعب العراقي
لابد أن يتقرر وطنياً بعيداً عن الصفقات السياسية
التي تجري على مستوى دولي وإقليمي .
المقدمة : شكراً جزيلا لك سماحة الشيخ حسين
المؤيد كنت ضيفنا في فقرة ضيف المنتصف من عمان.