المقدم: منهم من اكتفى
بالصمت مستسلما للأمر الواقع ومنهم من ركب الموجة
ودخل الخيمة واستقل القطار وأكل من المائدة ومنهم
من تحفظ ومنهم من رفض. ولكن منهم من اختار خندق
المقاومة فتخندق مع المقاومين ليقاوم بالقلم
والفكر والمعتقد والفتوى. ومن بين أولئك سماحة
الشيخ حسين المؤيد. مرحباً
بك سماحة الشيخ .
سماحة الشيخ:- أهلاً وسهلاً بكم .
المقدم:- شيخ.. قيل الكثير
عن المقاومة والاحتلال حتى قيل فيها أكثر مما قال
مالك في الخمر فهل أتضح الأمر الآن.
سماحة الشيخ:- أعتقد أن الأمر واضح منذ
البداية. المقاومة هي حق طبيعي وهي حق مشروع
تكفلته شرائع السماء والقوانين الدولية والأعراف
التي جرى عليها الناس في الدفاع عن أنفسهم ومواجهة
التحديات التي تفد أليهم.
المقدم :- أذن لم الخلط؟
سماحة الشيخ :- هناك مصالح أدت بالبعض
إلى اختيار طريق أخر. الانقسام السياسي الذي حصل
في العراق صور تصويراً خاطئا.صور على أساس أن هذا
الانقسام هو بين منهجين. بين منهج اختار المقاومة
العسكرية ومنهج اختار المقاومة السياسية. وأنا
أعتقد أن هذا التصوير خاطئ ومظلل. فواقع الانقسام
السياسي في العراق يقوم على أساس وجود فريقين فريق
أختار طريق مواجهة الاحتلال والرفض لمشروعه بكافة
الوسائل والطرق المجدية والمشروعة سواء أكانت
عسكرية أو سياسية. وفريق آخر رأى في الظرف الطارئ
والوضع الوافد. رأى فيه فرصة للحصول على مصالح
ومكاسب سياسية فئوية أو شخصية أو جهوية.
المقدم:- هناك مقولة سوقها
ربما الأمريكان أو غيرهم سوقوها. تقول أن الأغلبية
من الشعب العراقي ودعني أسمي الأشياء بأسمائها
وأنا ضد هذه التسميات. الأغلبية الشيعية ترى في
الواقع السياسي الجديد مناسب لها وأقلية تقاوم هذا
الواقع هل هذا التقسيم صحيح ؟
سماحة الشيخ :- لا هذا التقسيم ليس
صحيحاً وهو يدخل في سياق التوجهات التي أريد
تسويقها إلى المجتمع العراقي واستغلت عناصر...
المقدم :- أين يكمن التشويه
في هذه المقولة؟
سماحة الشيخ :- التشويه يكمن في أن هذا
الانقسام السياسي الذي أشرنا إليه لم يكن انقساماً
طائفياً. يعني الفريق الذي اختار المقاومة
السياسية والعسكرية لم يكن يمثل طائفة بعينها كما
أن الفريق الذي اختار استغلال الوضع الطارئ لم يكن
ينحصر بطائفة معينة وإنما نجد في الفريق الأول
مزيجاً من مختلف مكونات الشعب العراقي ونجد في
الفريق الثاني قوى سياسية ودينية امتزج فيها أيضاً
الطابع الطائفي بكل تلاوينه.
المقدم:- أذن إضفاء صفة
الطائفية على المقاومة ماذا يعني؟
سماحة الشيخ:- لا يصح إضفاء صفة
الطائفية وهذا الأمر مغاير للواقع الذي على الأرض
فهناك مقاومون من كل مكونات الشعب العراقي.
المقدم:- ما الذي يريده
الأمريكان من رجال الدين العراقيين؟
سماحة الشيخ:- هذا السؤال يجب أن يوجه
إلى الأمريكان أنفسهم ولكن أعتقد أن الأمريكان لهم
مشروع في المنطقة وكان العراق منطلقاً لهذا
المشروع وهم يريدون للحالة الدينية أن تنسجم مع
هذا المشروع.
المقدم:- يعني أصيغ السؤال
بطريقة أخرى، هل وجد الأمريكان من بعض رجال الدين
أدوات لتنفيذ مشروعهم في العراق؟
سماحة الشيخ:- لا نستطيع أن ننفي ذلك.
المقدم :- ولكن نستطيع أن
نثبت أيضاً.
سماحة الشيخ :- من الممكن جداً.
المقدم :- طيب المحاصصة
التي جاء بها الأمريكان وهي بدعة ربما جديدة على
المجتمع العراقي كيف أنعكس تأثيرها على ما يجري في
العراق من دم مسفوح ومن تفخيخ ومن خراب ومن تقتيل
ومن تفتيت؟
سماحة الشيخ :- في الحقيقة أن الأزمة
الكارثية التي يمر بها العراق ويندفع جراءها
باتجاه الهاوية ناشئة من ثلاثة أسباب رئيسة. أحد
أهم هذه الأسباب هو الاحتلال والتداعيات التي
أوجدها الاحتلال. من جملة هذه التداعيات هندسة
عملية سياسية بنمط معين وعلى مقاسات معينة وبعيدا
عن إرادة الشعب العراقي وفي ظرف طارئ وغير مستقر.
والسبب الثاني الرئيس للأزمة هو البناء الخاطئ
للعملية السياسية الذي غيب المشروع الوطني العراقي
وأدخل الطائفية السياسية بشكل غير مسبوق إلى
المجتمع العراقي. الأمر الذي أوجد اصطفافات طائفية
واثنية في داخل المجتمع العراقي وجعل السلطة
متركزة بيد مجموعة من القوى التي استعدت لمماشاة
هذا المشروع. ولهذا نحن نعتقد أن أية معالجة
للأزمة الكارثية في العراق لا يمكن أن تنجح إلا من
خلال معالجة الأسباب الرئيسة التي أدت إلى هذه
الأزمة ومن أهم هذه الأسباب الطائفية السياسية.
هذه الطائفية التي تسعى للبننة العراق. هذه
الطائفية التي يئن إلى الآن لبنان تحت وطأتها وخاض
حربا أهلية طويلة...
المقدم :- من ابتدع
الطائفية في العراق، إذا كان الأمريكان قد زرعوها
وسوقوها في العراق .لكنها وجدت لها بيئة خصبة. من
أين جاءت هذه البيئة؟
سماحة الشيخ :- هناك قوى دينية وسياسية
ترى من مصلحتها أن تكون العملية السياسية قائمة
على الطائفية السياسية وهناك مناخ استغل للعمل على
شحن المواطن العراقي شحنا طائفياً واثنينا وتصعيد
وتيرة الطائفية في داخل هذا المواطن وفي كيان هذا
المواطن ومحاولة تسويق ثقافة طائفية لتحقيق المآرب
السياسية .واستغلت الحالات السابقة والمعاناة
السابقة ووظفت تلك المعاناة توظيفاً
طائفياً. والخطأ الجوهري في القضية إذا أردنا أن
ننظر من وجهة نظر سياسية انه لا يمكن أن نعالج
مشكلة طائفية سابقة عبر طائفية جديدة وإنما البديل
العملي والصحيح والموضوعي لأية حالة طائفية سابقة
هو المشروع الوطني العراقي والتأكيد على المواطنة
العراقية كأساس بعيداً عن الانتماءات الطائفية
والاثنية والدينية.
المقدم :- شيخنا. هناك من
يقول أن مقاتلة الاحتلال أو مقاومة الاحتلال في
العراق تحتاج إلى فتوى من مراجع دينية فماذا تقول
في ذلك؟
سماحة الشيخ :- من الناحية العامة حق
الدفاع حق مشروع لا يحتاج إلى اذن خاص. وبما أن
العراق تعرض إلى هجوم والى احتلال فمقاومة هذا
الاحتلال وصد هذا الهجوم وكنس الوجود العسكري
للمحتل لا يحتاج إلى إذن شرعي خاص. ولكن بلورة
الموقف وتقنين حالات المقاومة التفصيلية من حيث
العمل التفصيلي وشرعية الأعمال التفصيلية التي
تقوم بها هذه هي التي تحتاج إلى فتوى. أما المبدأ
لا يحتاج إلى فتوى.
المقدم :- طيب الذين
يتذرعون بعدم وجود فتوى من يتحمل ذلك. المراجع
الذين لم يصدروا فتوى ام المواطن العراقي المكلف
بأن يقاوم ولا يقاوم هو الذي يتحمل ذلك؟
سماحة الشيخ :- أعتقد أن المؤسسة
الدينية تتحمل قسطاً كبيراً من المسؤولية ولكن
حينما ننظر للقضية سياسيا...
المقدم :- أين تكمن
المسؤولية؟
سماحة الشيخ :- تكمن المسؤولية في أنه
كان يجب أن تعمل بالشكل الذي يحقق للشعب العراقي
المصلحة الوطنية ولاشك في أن ما جرى من أحداث
سياسية ومن واقع سياسي ومن وضع في داخل المجتمع
العراقي لا يحقق مصلحة للشعب العراقي. ولهذا نحن
نختلف منهجياً مع تصورات المرجعية حول الوضع
ونختلف أيضاً منهجياً في تقديرنا للمصلحة الوطنية
للشعب العراقي والمجتمع العراقي ولا نعتقد بان
المسلكية التي أتبعت مسلكية صحيحة وتصب لصالح
العراقيين.
المقدم:- شيخ باعتقادك من
الذي يقف وراء قتل العراقيين بهذه الطريقة الشنيعة
في الشارع العراقي؟
سماحة الشيخ:- هذا الموضوع لا يمكن أن
يؤخذ من زاوية واحدة لأن الجهات التي لها مصلحة
فيما يجري الآن جهات متعددة وليست جهة واحدة. هناك
مخابرات دولية تعمل على إذكاء الفتنة في داخل
المجتمع العراقي. هناك جهات إقليمية تعمل على ذلك
أيضاً. وهناك قوى سياسية ترى من مصلحتها الدفع
بهذا الاتجاه. وهناك قوى تعمل على تحويل تقسيم
العراق إلى واقع وبالتالي تريد أن تصل بالمجتمع
العراقي إلى مرحلة يشعر فيها العراقي انه لا
يستطيع أن يتعايش مع ابن وطنه الذي قد يختلف معه
في المذهب. في الانتماء المذهبي أو الانتماء
الديني أو في الانتماء العرقي من اجل الوصول إلى
مرحلة التقسيم. كل هذه الجهات تعمل على ذلك. مضافا
الى وجود حالات من التطرف. مضافا إلى وجود عصابات.
هناك عصابات مجرمة تريد أن تحصل على مكاسب
اقتصادية ومالية في هذا الاتجاه. فالقضية ليست ذات
بعد واحد. لابد أن ينظر إليها من مختلف الزوايا.
المقدم :- الا ترى ان تحميل
دول الجوار. يعني تبعات ما يجري في العراق أمر
مبالغ فيه ؟
سماحة الشيخ :- يجب أن نميز عند الحديث
عن دول الجوار بين الدول العربية وبعض الدول
الأخرى. وعلى سبيل التحديد نحن نعتقد أن الدور
الذي لعبته و تلعبه إيران في المنطقة وفي العراق
هو دور خطير وسلبي للغاية ولا يمكن أن يلتقي مع
المصلحة الوطنية العراقية ولا مع المصلحة العربية
.
المقدم:- ولكن إيران لها
امتدادات مذهبية في العراق . ما الضير في أن تدعم
وأن تسعف وأن تقدم العون للشيعة في العراق ؟
سماحة الشيخ :- إيران النظام في إيران
ليس له مشروع إسلامي عام وليس له مشروع مذهبي عام
وإنما له مشروع قومي إيراني يتخذ من الإسلام
والمذهب أدوات لبسط النفوذ والهيمنة وبالتالي فأن
المشروع الإيراني ينطلق من مصالح سياسية قومية
إيرانية وهذهِ المصالح لا تلتقي حتى مع المصلحة
المذهبية للطائفة الشيعية في العراق.
المقدم :- هل تريد أن تقول
أن إيران تضر بشيعة العراق ؟
سماحة الشيخ :- نعم تضر بشيعة العراق .
المقدم :- كيف؟ يعني أين
وجه الضرر؟
سماحة الشيخ :- وجه الضرر في عدة
زوايا. الزاوية الأولى إنها تريد أن تعطي انطباعاً
على إنها الكيان الذي يمثل الشيعة في العالم
وبالتالي تتخذ من المشترك المذهبي وسيلة لتنفيذ
طموحاتها السياسية التي لا تقوم على أساس مذهبي.
وهذا سيزج بغير الإيرانيين ممن ينتمي للمذهب في
قضايا تبعده عن مصالحة المذهبية والوطنية.
المقدم :- لكن شيخ بالمقابل
جميع الدول العربية التي ينتمي العراق إليها
قومياً والتي تشكل امتدادا قوميا للعراق تخلت عن
العراق بل كانت بوابات لدخول قوات الغزو الأمريكي.
لكن إيران الآن تعلن جهارا نهارا انها مع المقاومة
العراقية .
سماحة الشيخ :- لا نستطيع أن نعمم … لا
نستطيع أن نعمم. نحن يجب أن لا ننخدع بالإعلام
والشعارات الإعلامية ...
المقدم :- الأمريكان قالوا
إنهم وجدوا متفجرات دخلت من إيران لتدمير الدبابات
الأمريكية ؟
سماحة الشيخ :- نعم ولكن إيران تعمل
طبق سياسة مزدوجة والكل يعلم انه لولا التعاون
الإيراني لما استطاع الغزو الأمريكي أن يلتقم
العراق بهذهِ السهولة .
المقدم :- يعني أن هناك
مساهمات سرية ؟
سماحة الشيخ :- هناك اتفاقات جرت.
وهذهِ المسألة صرح بها مسؤولون إيرانيون على درجة
عالية وعلى مستوى رفيع وذكروا انه لولا التعاون
الإيراني سواء في أفغانستان أوفي العراق لما
استطاع الأمريكان أن يحققوا ما حققوه. إيران تعمل
بسياسة مزدوجة. التقت المصلحة الإستراتيجية
الإيرانية مع المصلحة التكتيكية الأمريكية في
العراق والضحية كان هو العراق والشعب
العراقي والمنطقة. ولهذا نحن نعتقد ان من أسباب
ألازمة التي اشرنا إليها هو هذا التدخل. هذا النوع
من التدخل. وما لم يوضع حد لهذا التدخل سوف تبقى
ألازمة مستمرة .
المقدم:- شيخ حسين هناك من
يتهمكم بأنكم تحدثون شقاً أو شرخاً في الصف الشيعي
من خلال اصطفافكم مع قوى أخرى ترى رموز شيعية إنها
لا تعمل لصالح الشيعة ؟
سماحة الشيخ:- أنا منهجي الذي عملت
عليه طيلة حياتي وعملت عليه عن قناعة واستمر فيه
إلى النفس الأخير هو أني لا أرضى لنفسي أن أتقوقع
في دائرة مذهبية ولا أوافق على اصطفافات طائفية.
في العراق لا يوجد هناك حل إلا أن نكون في صف وطني
واحد وبالتالي إنا لا أفكر في صف طائفي بمقدار ما
أفكر في الصف الوطني و أريد لنفسي دائماً أن أكون
مع الصف الوطني
واعتقد...
المقدم:- هل تغلب شيئا ...
مثلا ؟
سماحة الشيخ:- إنا اغلب المصلحة
الوطنية التي لا تنفصل عن المصلحة الدينية
والمذهبية .في الحقيقة الاصطفافات الطائفية لا
تحقق حتى للطائفة مصالحها وإنما الذي يحقق للجميع
المصالح الأساسية هو الاصطفاف الوطني فقط .
المقدم:- شيخ الآن هناك
دعاوى و أصوات ترتفع في هذهِ المرحلة لتطبيق
الفدرالية. باعتقادك ما هو الهدف ؟ ولماذا
الفدرالية الآن ؟ وما هو الموقف الديني ؟ يعني من
وجهة نظر دينية ما هو الموقف من الفدرالية وهل
هناك تحفظات ؟
سماحة الشيخ:- من وجهة نظر دينية.
الإسلام كشريعة خالدة وتواكب الزمن و تساير تطورات
العصر. لا يوجد في الإسلام شكل محدد للتنظيمات
الإدارية للدولة وإنما تركت هذهِ القضية مفتوحة
طبقاً لما تقتضيه المصلحة الزمانية والمكانية. لكن
هناك إطارا عاماً. هذا الإطار يستبطن مبادئ أساسية
يجب على كل تنظيم إداري أن لا يخرج عن تلك
المبادئ. و يمكن أن نلخص هذه
المبادئ بالنقاط التالية:- النقطة الأولى مبدأ
الحفاظ على وحدة المجتمع المسلم هذا هو مبدأ أساس
فأي تنظيم أداري إذا كان في فترة زمنية معينة أو
في بقعة مكانية معينة أو في ظرف معين. إذا كان
يؤدي إلى الإخلال بوحدة المجتمع فسوف يكون هذا
التنظيم مرفوضاً. النقطة الثانية حفظ الدور
الأساسي للسلطة والقيادة في المجتمع فالإسلام يؤكد
على ضرورة حفظ منزلة القيادة ونفوذ هذهِ القيادة
في مجتمعاتها. أي تنظيم إداري يؤدي إلى تراجع
مكانة القيادة التي هي مكانة أساسية في الإسلام
سوف يكون مرفوضاً. الشيء الثالث ضمان تطبيق
القوانين الإسلامية في أي تنظيم إداري. وعليه فان
أي تنظيم إداري يخل بالتوازن في تطبيق هذه
القوانين سوف يكون مرفوضاً. الأمر الآخر يجب أن
يكون في ذلك التنظيم الإداري مصلحة غير مزاحمة
بمفسدة لا يرتضيها الشرع. النقطة الخامسة أي تنظيم
إداري إذا كان يؤدي إلى تدخل أجنبي في شؤون
المجتمع المسلم فهو مرفوض. فإذا هناك خمسة مبادئ
أساسية تشكل الإطار. هذه المبادئ إذا كان مشروع
الفدرالية يصطدم معها فان هذا المشروع سوف يكون
مرفوضاً إسلاميا بل إنا اعتقد أن هذه المبادئ ليست
هي مبادئ دينية بحتة وإنما تشكل أيضا البعد
الحضاري للشريعة الإسلامية بمعنى أن هذه المبادئ
يمكن أن تكون مبادئ سياسية عامة لأي مشروع سياسي
فأي مشروع سياسي إذا أراد أن يطبق الفدرالية
واصطدمت الفدرالية بهذه المبادئ العامة يعني بوحدة
المجتمع في المكان الذي يراد للفدرالية أن تطبق
فيه أو بنفوذ السلطة المركزية أو انه يؤدي إلى
تدخل أجنبي من دولة أخرى أو انه لا يكون مستبطنا
لمصلحة غير مزاحمة بمفسدة فهذا سوف يكون مرفوضاً
في أي دولة حتى لو لم تكن تتبنى الإسلام.
المقدم: إذن الى ماذا نخلص
من ذلك؟
سماحة الشيخ: نخلص إلى انه إذا درسنا
مشروع الفدرالية في الجو والمناخ الداخلي للعراق
والجو والمناخ الإقليمي والجو والمناخ الدولي سنجد
أن تطبيق مشروع الفدرالية سيصطدم مع كل هذه
المبادئ التي ذكرناها لان هذا المشروع يراد له أن
يقام في العراق على أسس اثنية وطائفية وهذا يعني
انه سيخل بوحدة المجتمع العراقي .
المقدم: اذن لماذا تتهافت
عليه قوى سياسية ودينية وحتى رجال دين؟
سماحة الشيخ: لتحقيق مصالحها السياسية
ولتحقيق مكاسب سياسية لها. وهناك بعض القوى
الإقليمية التي تدفع بهذا الاتجاه من اجل إضعاف
العراق وتمزيق النسيج الاجتماعي العراقي ومن اجل
أن تضمن نفوذها على بقع معينة في داخل المجتمع
العراقي سواء في الشمال أوفي الجنوب فالتدخل
الأجنبي لا ينحصر في جنوب العراق فقط وإنما هناك
تدخلات أجنبية موجودة في شمال العراق وهناك دفع
لأبناء الشمال في أن يبتعدوا عن إخوانهم العرب من
أبناء الشعب العراقي وهناك إحصائيات تشير الا أن
اللغة الانكليزية أصبحت هي اللغة الثانية بعد
اللغة الكردية الأم في شمال العراق بينما المفروض
أن ابن الشمال يهتم باللغة العربية باعتبار انها
العنصر المشترك الذي يجمعه مع العرب في إطار
العراق الواحد. ولهذا نحن نعتقد أن الفدرالية مضرة
بالعراق ومحققة لمصالح خارجة عن مصلحة الشعب
العراقي. ومن هنا وقفنا ضد مشروع الفدرالية منذ
اليوم الأول وندعوا أبناء الشعب العراقي .أن
يكونوا أكثر وعيا وإدراكا وان يغلبوا المصلحة
الوطنية على المصالح الفئوية وعلى والمصالح
الاثنية والطائفية ، نحن ندعو إلى عراق واحد
ونعتقد أن البديل عن الدكتاتورية ليس هو الفدرالية
كما يقولون ويسوقون وإنما البديل عن الدكتاتورية
هو حكم المؤسسات. الحكم الدستوري الذي يضمن حكم
المؤسسة بعيدا عن تفرد شخص أو حزب او جهة او تيار.
المقدم :طيب هناك من يرد
عليك ويقول ان الدستور تضمّن أو الفدرالية كانت قد
تضمنها الدستور بنحو واضح؟
سماحة الشيخ: نحن لا نعتقد بسلامة هذا
الدستور ووقفنا منذ البداية موقفا رافضا لهذا
الدستور ونعتقد أن هذا الدستور هو جزء من المشكلة
وليس جزءا من الحل وإما الاستفتاء...
المقدم : شيخ هل تشكك
بالاستفتاء؟
سماحة الشيخ : نعم انا اشكك بالاستفتاء
وهناك أرقام. نحن لدينا أرقام عن تزوير حصل ولدينا
أرقام عن أن النتائج التي أعلنت للاستفتاء لا تمثل
حتى حقيقة الاستفتاء الذي جرى. وعلى فرض ذلك نحن
نعتقد أن هذا الاستفتاء طرح في ظرف لم يتهيأ
للمواطن العراقي أن يكون انطباعاً عميقا.
المقدم: سيادة الشيخ هل
تعتقد أن هناك بعض التظليل؟
سماحة الشيخ: نعم الثقافة .. والتجربة
السياسية الحديثة للشعب العراقي هي تجربة لم تبلغ
إلى الآن مرحلة النضج وهذا ليس طعنا في الشعب
العراقي. الشعب العراقي شعب ذكي لعله من أذكى شعوب
المنطقة والشعب العراقي يمتلك من الوعي والبصيرة
والطاقات والمؤهلات ما يمكن أن يشكل طليعة حضارية
وان يشكل نموذجيا رسالياً لكل العالم. ولكن المناخ
والظرف السياسي الذي عاش
فيه الشعب العراقي
عقودا طويلة لم يسمح للتجربة السياسية الحديثة
للشعب العراقي أن تنمو وان تتفاعل.
المقدم : هل أنت مع إلغاء
الدستور أو تغييره؟
سماحة الشيخ : أنا مع إلغاء الدستور
وكتابة دستور جديد بأيد عراقية وبعيداً عن هيمنة
المحتل وان يكون هذا الدستور مجسداً لحالة الوفاق
الوطني للأمة العراقية لان دستور أي بلد لا يمكن
أن يكون إطارا للدولة والمجتمع في ذلك البلد إلا
إذا كان مجسداً لحالة الوفاق الوطني لأمة ذلك
البلد وبالتالي يجب للدستور العراقي لكي يكون
إطارا حقيقياً وصحيحاً للدولة والمجتمع يجب أن
يجسد حالة الوفاق الوطني للأمة العراقية وهذا ما يفتقدهُ الدستور
الحالي.
المقدم : قلت أنت ان يجب أن
يكتب من قبل أبناء البلد. هل ترى أن الدستور لم
يكتب من قبل أبناء البلد؟
سماحة الشيخ : أنا اعتقد أن الدستور
كتب من خلال قوى سياسية لها حسها وانتماؤها
الطائفي والاثني قبل أن يكون لها انتماؤها الوطني
العام وبالتالي اعتقد أن هذا الدستور لا يمكن أن
ينعزل عن هيمنة المحتل وعن رضا المحتل. ولهذا لا
أرى أن هذا الدستور يجسد حالة الوفاق الوطني للأمة
العراقية.
المقدم : إلى ماذا تعزو
حالة التدهور المستمرة التي يمر بها العراق بعد كل
محطة من محطات العملية السياسية يزداد الأمر سوءاً
وتدهوراً؟
سماحة الشيخ : هذه هي المفاعيل
الطبيعية التي تتحقق من أسباب الأزمة التي اشرنا
إليها ، هذه المفاعيل لم تأت اعتباطاً وإنما جاءت
من خلال الأسباب الرئيسة للازمة والتي أدت إلى هذه
النتائج وبالتالي لا يمكن أن نقصر النظر على الوضع
الأمني فقط ونعتبر الحالة الأمنية في العراق هي
السبب في الكارثة. هذه الحالة الأمنية مرتبطة
بالأسباب الرئيسة للازمة وما لم تعالج تلك الأسباب
الرئيسة لن يشهد العراق لا استقرارا امنياً ولا
استقراراً سياسياً وإنما الأوضاع تتفاقم وهي مرشحة
لحالات اخطر وأسوأ مما هي عليه الآن فيما لو استمر
الوضع.
المقدم: باعتقادك أن
الحكومة الحالية اعجز من أن تضع حداً للدم والقتل
والتفخيخ والانفلات؟
سماحة الشيخ: نعم أنا اعتقد أنها عاجزة
لأسباب متعددة . منها أنها حكومة تحكم في ظل عملية
سياسية خاطئة. هذه العملية السياسية بنيت بناء
خاطئا وبالتالي نحن ندعوا وكنا ندعوا ولا نزال إلى
تصحيح العملية السياسية وقلنا في أكثر من مكان وفي
لقاءاتنا مع قادة ومسؤولين عرب أيضا قلنا أن هناك
خطأ منهجياً يقوم على تصور أن إنقاذ العراق يمر
عبر تسيير العملية السياسية الحالية بينما إنقاذ
العراق يمر عبر تصحيح العملية السياسية وليس تسيير
هذه العملية.
المقدم: شيخ كيف تصف الصراع
الشيعي- الشيعي هناك دم شيعي سفح في مدن الجنوب
بسلاح شيعي.
سماحة الشيخ: هذا الصراع لا يتخذ صفة
طائفية بمقدار ما هو معلول لصراع أرادات سياسية
والتضاد في المصالح السياسية لقوى تنتمي إلى طائفة
واحدة.
المقدم: طيب شيخ الآن
الحكومة تتحدث عن حل المليشيات باعتبار ان هذا
الحل هو المفتاح الذي ترى الحكومة انه سيفضي إلى
الأمان والاستقرار. هل تعتقد أن هذا الحل ممكن؟
سماحة الشيخ: أساسا وجود المليشيات هو
خطأ كبير جداً والميليشيات لا يمكن أن تنمو إلا في
ظل غياب الدولة وضياع الدور القوي للدولة
والميليشيات هي عنصر قلق في اي مجتمع من المجتمعات
وهي أداة لهيمنة القوى السياسية التي تتبعها هذه
المليشيات وبالتالي وجود المليشيات يجعل الوضع
العام في المجتمع والدولة وضعاً هشاً ومن هنا كنا
ضد قيام المليشيات وضد استمرار المليشيات وضد
تمكين المليشيات.
المقدم: هل تعتقد ان
الحكومة جادة في حلها؟
سماحة الشيخ: النوايا أنا غير مطلع
عليها ولكن أنا اعتقد في ظل المناخ الموجود وفي ظل
التوازنات التي شكلت هذه الحكومة. من الصعب جداً
أن تستطيع هذه الحكومة تجاوز مشكلة المليشيات.
المقدم: إذن الميليشيات
باقية باعتقادك ومعها يبقى القتل ؟
سماحة الشيخ: إذا بقي الوضع على ما هو
عليه الآن. ولكن إذا انهار هذا الوضع السياسي وقام
وضع سياسي.
المقدم: وهو مرشح لأية
صورة؟
سماحة الشيخ: باعتقادي انه مرشح
للانهيار إذا استمر...
المقدم: كحكومة أم كواقع ؟
سماحة الشيخ: كحكومة وبالتالي كواقع
سياسي في داخل العراق ولكن ما هو البديل إذا لم
يكن هناك بديل وطني قوي فالأمور قد تتجه باتجاه
الفوضى والفوضى سوف تجر مخاطر جديدة على المجتمع
العراقي. ولهذا نحن نعتقد ان على القوى الوطنية أن
تعمل على التوحد في إطار سياسي موحد وان تتوحد على
برنامج سياسي لكي تهيء نفسها لتكون البديل الوطني
الموضوعي الذي ينقذ العراق من هذه الأزمة.
المقدم: من هي هذه القوى؟
سماحة الشيخ: وعلى هذا الأساس نحن
طرحنا مشروعا باسم مشروع الميثاق الوطني العراقي و
يتضمن هذا المشروع برنامجاً سياسياً وطنياً يعالج
النقاط التي أدت إلى الأزمة في العراق ونعتقد أن
هذا البرنامج يمكن أن تتوحد عليه كل الكيانات
والشخصيات والقوى السياسية والدينية الوطنية لكي
يتم العمل على تسويق هذا البرنامج إلى المجتمع
العراقي وإقناع المواطن العراقي بهذا البرنامج
الذي يخرجه من تحت المظلات الطائفية والاثنية
لينضوي تحت المظلة الوطنية العراقية الجامعة.
المقدم: طيب هذا المشروع هل
هو البديل لمشروع المصالحة الوطنية الذي طرحته
الحكومة؟
سماحة الشيخ: نعم لأنني اعتقد أن مشروع
المصالحة الذي طرحته الحكومة لم يؤد إلى نتائج
صحيحة.
المقدم: لماذا؟
سماحة الشيخ: أولا هذا المشروع جاء
متأخراً. أنا شخصياً كنت في طليعة الداعين إلى
المصالحة الوطنية. وتحديداً في خطبة الجمعة التي
ألقيتها في السادس من شوال سنة 1424 للهجرة. صرحت
بهذه القضية ودعوت إلى مصالحة وطنية تقوم على أساس
الثوابت الوطنية والمشتركات الوطنية وكانت هذه
القوى التي بدأت اليوم تدعو إلى المصالحة الوطنية
كانت تقف على الضد من دعواتنا وكانوا ينددون بهذه
الدعوات في كل مكان. ولكنني اعتقد أنهم الآن
أصبحوا مضطرين لرفع شعار المصالحة الوطنية بحكم
تعثر مشروع الاحتلال وعجز هذه القوى عن إدارة
الأوضاع في البلاد.
المقدم:يعني الحكومة مضطرة
دعت إلى المصالحة؟
سماحة الشيخ: هذا تصوري لأنه لو كان
لها موقف قوي ولو استطاعت أن تسيطر على الوضع في
العراق لما اهتمت بهذه القضية بالشكل الذي تهتم به
الآن .أنا اعتقد أن أية مصالحة وطنية كان يجب أن
تقوم قبل قيام العملية السياسية وليس بعد قيام
عملية سياسية هي مرفوضة من قطاع كبير في المجتمع
العراقي. فإذا المصالحة كان يجب أن تقوم قبل قيام
العملية السياسية. هذا أولا من اجل أن تقوم عملية
سياسية يتفق عليها الجميع ويندمج فيها كل
المواطنين في العراق. بينما العملية السياسية
الحالية لم يندمج فيها إلا عدد من القوى السياسية
التي زجت بأبناء الشعب العراقي فيه. ثانياً مشروع
المصالحة يجب أن يكون سليماً في الشكل وفي
المضمون. في الشكل يجب أن ينطلق من حوار حقيقي.
والحوار أنا اعتقد أن الحوار يمكن تنويعه إلى
نوعين: هناك حوار يبني المجتمع وهناك حوار يهدم
المجتمع. الحوار الذي يبني المجتمع إذا كان حوارا
للوصول إلى تفاهم مشترك ولكن إذا كان الحوار حوارا
من أجل فرض رأي على الآخر فهذا الحوار يهدم
المجتمع بل هو في الحقيقة صراع يلبس ثوب الحوار.
كأنك تتصارع مع الآخر لتفرض عليه رأيك لكن بصيغة
الحوار. مشروع المصالحة الذي يجري الآن هو من
النوع الثاني لأنه يطلب من الآخرين إنهاء المعارضة
والاندماج في العملية السياسية ولو كان الآخرون
راضين بهذه العملية السياسية لما رفعوا بوجهها
السلاح ولما عارضوها. هذا من حيث الشكل ومن حيث
المضمون يجب أن لا تستبعد القوى الأساسية التي هي
طرف أساسي في الصراع .هذا المشروع الى الآن لا
يريد أن يميز بين المقاومة وبين العمليات
الإجرامية. هذا المشروع إلى الآن يريد أن يستبعد
جزءا أساسيا في الصراع من المشروع. ولهذا لا اعتقد
أن مثل هذا المشروع سوف يكون مرشحا لتحقيق نتائج
لصالح الشعب العراقي.. سيتعثر.
المقدم: طيب هل تعتقد أن
هناك قوى حقيقية ومؤثرة في المقاومة فتحت خطوط
حوار مع الحكومة العراقية؟
سماحة الشيخ: لا اعتقد ذلك..
المقدم: إذن لماذا تسوق
الحكومة العراقية ذلك من رئيس الجمهورية الى... ؟
سماحة الشيخ: لأنها في أزمة وتريد أن
تحدث صدعاً في صفوف المقاومة عبر هذه الدعاوى من
أن جزءا من المقاومة بدء ينساق مع العملية
السياسية. ولأنها في أزمة تريد أن تقول أن مثل هذا
المشروع له من الصفة التي تؤهله لكي يكون مشروعاً
يجذب الآخرين.
المقدم: شيخ إلى أين يسير
العراق في ظل هذه الظروف؟
سماحة الشيخ: يسير إلى الهاوية ويسير
إلى منزلق خطير جداً.
المقدم: والإنقاذ من ينقذ
العراق؟
سماحة الشيخ: الإنقاذ هو المشروع
الوطني العراقي.
المقدم: ما هي ملامح هذا
المشروع؟
سماحة الشيخ: ملامح هذا المشروع إنهاء
الاحتلال.
المقدم: والبديل ؟ يعني
عندما يخرج الاحتلال... الاحتلال موجود والقتل على
أشده.
سماحة الشيخ: لا ينهى بهذه السطحية.
نقول أساسا منذ البداية كان يفترض أن لا تقوم
حكومة على أساس تمثيل سياسي. لان العراق ساحة
سياسية رمالها متحركة وإحجام القوى السياسية في
العراق لم تتبلور بعد والتجربة السياسية داخل
المجتمع العراقي بحاجة إلى تنمية وتصعيد وتنضيج.
ولهذا كان يفترض منذ البداية أن تتشكل حكومة
تكنوقراطية لا تقوم على أساس تمثيل سياسي هذه
الحكومة تعمل على بسط الاستقرار والأمن في البلد
وتأمين الخدمات للمواطن العراقي وتهيئة المناخ
السياسي لانتخابات يستطيع المواطن العراقي في ظرف
مستقر وفي مناخ سياسي هادئ ومن خلال ثقافة سياسية
ووعي سياسي ومن خلال برامج سياسية تقدم إليه
يستطيع ان يختار البرنامج السياسي الذي يعتقد ان
له فيه مصلحة وطنية. كان هذا هو المفروض ولكن لم
يتحقق ذلك لأن المحتل بنى عملية سياسية على مقاسات
معينة وتماشت معه قوى سياسية حاولت ان تدعي انها
هي التي تمثل مكونات الشعب العراقي مع انها لا
تملك مثل هذا التمثيل لا من حيث الحجم ولا من حيث
المساحة. ولهذا نحن نعتقد انه لابد من أن تعود
القضية إلى نقطة الصفر. يعني يخرج الاحتلال وتأتي
قوات من الأمم المتحدة تضبط الأمن ويجري هناك
اتفاق مع المقاومة والقوى السياسية الوطنية على
التهدئة لحين ما تتشكل حكومة تكنوقراطية لا تقوم
على أساس تمثيل سياسي وإنما هدفها إعادة الاستقرار
إلى البلد وتهيئة المناخ الصحيح والوطني لعملية
سياسية تقوم على أساس المشروع الوطني العراقي الذي
يرفض الطائفية السياسية يرفض المحاصصات السياسية
ويعتمد المواطنة العراقية بغض النظر عن الانتماءات
الأخرى كأساس في التعاطي ويتخذ من النزاهة
والكفاءة معيارا لتولي المناصب السياسية والإدارية
بعيدا عن الانتماءات الدينية والمذهبية والعرقية
ويكتب دستور يجسد حالة الوفاق الوطني للأمة
العراقية وتقوم حينئذ مؤسسات الدولة على أساس حديث
وعلى أساس وطني صحيح ويندمج كل المواطنين في
العملية السياسية لأنها عملية وطنية تجمعهم جميعا
تحت المظلة الوطنية الجامعة . واعتقد ان المواطن
العراقي بعد ما جرب كل المحاولات التي جرت منذ
الاحتلال والى الآن وبعد ما وجد أن عملية المحاصصة
وأن الجر إلى الانتماءات الطائفية والاثنية لم
يحقق له إلا الفشل والدمار والتراجع على كل
الأصعدة أصبح اقرب إلى الاستماع إلى الصوت الوطني
واقرب إلى القبول بالمشروع الوطني العراقي كبديل
ولكن يجب العمل أكثر فأكثر على تسويق المشروع
الوطني العراقي وإقناع المواطن العراقي بذلك لان
رهاننا ليس على الخارج. رهاننا هو على الشعب
العراقي وأنا شخصياً لي ثقة عالية بأبناء العراق
ولي ثقة كبيرة جداً بالمخزون الوطني والعروبي
والديني العراقي وعلى قناعة بأن نموذج التعايش
العراقي الفريد والموغل في القدم لا يمكن أن يتحطم
بهذه السهولة ومن خلال ظرف
طارئ ولا يزال هذا المخزون الوطني مستعصيا على كل
المشاريع التمزيقية والتقسيمية وأعتقد ان هذا
المخزون الوطني هو الذي يمكن ان يراهن عليه لإنقاذ
العراق .
المقدم: شيخ التناقض
والفرقة بين رجال الدين ينعكس بنحو سلبي على
المجتمع على طريقة النسغ الصاعد والنسغ النازل؟
انتم رجال دين لماذا لا تتفقون ؟ لماذا لا تتم
جلسات ومكاشفات ومصالحات بين الرموز الدينية؟ بين
الطوائف الأخرى؟ لماذا لا تشجعون على ذلك؟
سماحة الشيخ:هذا الأمر من حيث المبدأ
هو سليم وهذا هو المنهج الذي يجب أن يتبع. ولكنني
أعتقد ان الأوضاع وصلت الى مستوى ما عادت مثل هذه
اللقاءات كافية لتحقيق ذلك .
المقدم:حتى لو لم تكن
كافية لكنها قد تهدئ من غلواء النفوس.
سماحة الشيخ: لا أعتقد لأن اللقاء
بهدف اللقاء لا يؤدي إلى النتيجة. اللقاءات يجب أن
تقوم على أسس وان تكون للقاءات أهداف. والحوار اذا
لم تكن له أهداف واضحة وإذا لم ينطلق...
المقدم: الا تعتقد إن
العراق بحاجة إلى مؤتمر للحوار الديني ؟
سماحة الشيخ : لا... لأن المؤتمرات
كمؤتمرات وبمجرد ان تكون مؤتمرات تصدر عنها بيانات
إعلامية وسياسية لا تكفي.
المقدم: ليس بيانات فقط
بل مكاشفات بين الرموز الدينية.
سماحة الشيخ: هذه المكاشفات الآن هناك
صراع إرادات وهناك صراع مصالح ومعنى ذلك إننا نريد
أن نفترض أن تتخلى كل القوى السياسية عن مصالحها
الخاصة وهذه فرضية مثالية. ولهذا نحن لا نراهن على
هذا بمقدار ما نراهن على إقناع المواطن العراقي
بأنه لا بد من تبني بديل وطني ينقذ البلاد وينقذ
المجتمع من هذه الأزمة الكارثية التي تدفع به نحو
الهاوية .
المقدم: من يمثل هذا
البديل هل هي الأحزاب العلمانية؟ هل الأحزاب. الآن
في الساحة العراقية لا توجد أحزاب حقيقية
مؤثرة.هناك أحزاب او قوى تعمل في الظل في المقاومة
لا يعرف المواطن عن ملامحها شيئا وهناك أحزاب تعمل
على الساحة. ملامحها العامة تقول إنها أحزاب
متخندقة في الطوائف .أين البديل؟
سماحة الشيخ: لا.. في الحقيقة هناك قوى
دينية وسياسية وهناك شخصيات دينية وسياسية تؤمن
بالمشروع الوطني العراقي وتتكتل على أساس الثوابت
الوطنية والدينية مع الشعب العراقي .صحيح أنه في
ظل الاحتلال والمشروع السياسي الحالي هذه القوى لم
تجد المساحة الواسعة لحركتها ولكن بعد تفاقم
الأزمة وكما قلنا بعد ان صار المواطن العراقي أقرب
إلى الاستماع للمشروع الوطني
العراقي. أصبحت المساحة تتسع شيئا فشيئا لهذه
القوى ولا يعني ذلك ان هذه القوى من ناحية النضج
السياسي أو إن الجو العام الذي يفترض نمو المجتمع
باتجاه يسمح له أو يسمح لكل القوى السياسية فيه أن
تتنازل عن مصالحها الفئوية لتحتكم للقانون. هذا
الأمر لم يتحقق بعد ولكن لا يؤدي ذلك إلى الإحباط
لأن التجربة السياسية في العراق بإمكانها ان
تتجاوز هذه العقبات وبإمكانها ان تنمو فيما اذا
توفرت لها البيئة الصالحة والمناخ المناسب ونحن
نعتقد ان كل هذه المآسي هي تشكل أيضا تجربة تدفع
بالمجتمع العراقي نحو النضج السياسي.
المقدم: لو كانت فتوى
منك ستفعل فعلها في المجتمع العراقي وان العراقيين
جميعاً يستجيبون لها .
سماحة الشيخ:لن أتأخر في ذلك.
المقدم: أية فتوى ستصدر؟
سماحة الشيخ: سأصدر فتوى تجمع
العراقيين تحت المظلة الوطنية الواحدة وسأدعو
العراقيين إلى الأخذ بالخيار الوطني ورفض الطائفية
السياسية ورفض المحاصصات الاثنية والطائفية.
المقدم: وكيف يتعاملون
مع الاحتلال؟
سماحة الشيخ: يجب إخراج الاحتلال بكل
السبل المشروعة والحكيمة والمجدية.
المقدم: المرجع الديني
الكبير آية الله الشيخ حسين المؤيد شكراً لحضورك
شكرا لأريحيتك . شكرا لوضوحك وصراحتك. شكرا لك على
هذا اللقاء باسم البغدادية.
سماحة الشيخ: أشكركم على إتاحة الفرصة
لي لمخاطبة أبناء شعبي العزيز وهو يعيش في أجواء
المحنة التي أتمنى أن ينتشل منها...