الشيخ حسين
المؤيد: ينبغي ان نفشل المحاولات الرامية إلى ان
تفقد الأمة ثقتها بنفسها وبقيمها وبتراثها
وبقدرتها على النهوض
*نحن
نمتلك كل مقومات نهضتنا إذا ما لملمنا جراحنا
وأحسنا إصلاح أوضاعنا
*لا
نوافق
على بقاء الاحتلال جملة وتفصيلا ولا
نوافق على
تأخير جدولة انسحاب المحتل
* بغداد-العرب
اليوم - فاضل البدراني
قال الشيخ
حسين المؤيد: ان الحديث عن النهضة العربية
الإسلامية وعن المشروع النهضوي العربي الإسلامي
والملابسات التي تعيشها الساحة العربية والإسلامية
بل الملابسات التي تعيشها الساحة الدولية ككل,
ربما يبدو أشبه بأحلام اليقظة.
وأضاف: إن كل ما يكتنفنا من أوضاع
وملابسات يسد علينا قدرا كبيرا من المنافذ التي
يمكن أن يرى منها بصيص الأمل ويصيبنا بقدر كبير من
الإحباط الذي قد يسلبنا حتى الشجاعة المعنوية
للحديث عن مشروع نهضوي عربي إسلامي, بل قد يظهر
المتحدث عن هذه القضية بمظهر من يهرب من الواقع
إلى الأمام, وقد يوصم حديثه بأنه تخدير للحس
وتزييف للوعد واحتيال على الحقيقة لان أوضاعنا
الداخلية في كل أبعادها والتحديات الخارجية التي
تواجهها امتنا العربية والإسلامية تطوقنا بكل هذه
المعاني سالفة الذكر.
وأضاف: إننا مع ذلك يجب أن لا
نخضع
لابتزاز الواقع ويجب ان نفشل المحاولات الرامية
إلى أن تفقد الأمة ثقتها بنفسها وبقيمها وبتراثها
وبقدراتها على النهوض. كما يجب أن لا نستجيب
للمحاولات التي تهدف إلى قتل النزوع الحضاري في
داخلنا والى أمانة حس المسؤولية التاريخية لحاضرنا
ولمستقبل أجيالنا فينا.
وقال: ينبغي ان نتحدث عن المشروع
النهضوي العربي بكل شجاعة وبسالة لاسيما وإننا
نمتلك المقومات الأساسية لهذه النهضة في ما إذا
لملمنا جراحنا وأحسنا إصلاح أوضاعنا وآمنا بقدرتنا
قبل كل شيء على تحقيق نهضة حضارية شاملة.
وتابع يقول: لقد تبلور في النصف
الثاني من القرن التاسع عشر مشروع نهضوي للرواد
الأوائل للجيل الطليعي الذي كان الرائد للمشروع
النهضوي كالسيد جمال الدين الأفغاني والسيد عبد
الرحمن الكواكبي والشيخ محمد عبدوه وغيرهم من
العلماء والمفكرين والسياسيين المخلصين.
وكان هذا المشروع في بداياته يهدف
إلى إيقاظ الأمة من سباتها الذي أوجده في الحقيقة
عصر الانحطاط منذ سقوط الكيان الحضاري للأمة
العربية والإسلامية. فكان النهضويون الأوائل
يستهدفون إخراج الأمة من سباتها من اجل أن يحققوا
للأمة التقدم والرقي والوحدة, فكان المشروع
النهضوي يبدأ من إيقاظ الأمة ليضع الأمة على طريق
الوحدة والتقدم من اجل أن تستعيد الأمة أمجادها
التليدة وان تكون لنفسها مستقبلا زاهرا وتستعيد
إمكانياتها الكامنة في أن يكون لها إسهامها
الايجابي الحقيقي في صياغة مستقبل الإنسانية .
وأضاف الشيخ المؤيد: إن هذا
المشروع واجه مشكلة الاستعمار الذي كان جاثما على
قطعة شاسعة او قطع شاسعة من الأرض العربية
والإسلامية, ولهذا بدأ المشروع النهضوي نضاله ضد
المستعمر من اجل تخليص الأمة من هذا الاستعمار
وتأسيس الكيان السياسي المستقل لهذه الأمة.
موضحا ان هناك قطاعا من المفكرين
والسياسيين العرب يذهبون إلى أن المشروع النهضوي
الذي بدأ على يد أولئك الرواد قد انتهى الى طريق
مسدود لأنه لم يحقق الأهداف المتوخاة منه, فلم
تتحقق الوحدة ولم يتحقق التقدم الحضاري, ولا
نزال
نفتقر في تقنياتنا إلى الأجانب.
وأكد ان هذه الفكرة هي خطأ كبير
معربا عن اعتقاده بأن المشروع النهضوي العربي
الإسلامي قد حقق انجازات مهمة جدا.
وتابع يقول: على الصعيد السياسي
كانت الأمة ترزح تحت نير الاستعمار فاستطاع
المشروع النهضوي ان يحرر الأمة من الاستعمار وان
يخرج الاستعمار من بلادنا ويؤسس الدولة الوطنية
مهما كانت لنا من تحفظات على استقلالية القرار في
الدول الوطنية التي تأسست بفعل ما تبناه المشروع
النهضوي من أفكار وطرق عملية لانجاز هذه الأفكار.
فتأسست الدولة الوطنية واستغلت بلادنا من
الاستعمار بمعنى تحررت من الاستعمار المباشر كذلك
العمل السياسي كان عملا نخبويا وكان محتكرا
لإقطاعيات سياسية بينما المشروع النهضوي سيس
الجماهير وانزل العمل السياسي إلى الشارع وجعل
الأمة كلها معنية بالشأن السياسي وتسهم بهذا الشأن
بنحو او بآخر.
وكذلك على مستوى تفاعل الأمة مع
القيم الايجابية العالمية حيث المشروع النهضوي جعل
الأمة تتفاعل مع هذه القيم مع انه لم يكن هناك أي
نوع من أنواع التفاعل مع هذه القيم إبان سبات
الأمة.
وأضاف : أما على الصعيد الثقافي
فكانت الأمة تغط في أمية مطبقة وفي جهل وتخلف وكان
مستوى التعليم متدنيا جدا في القرن (19) وفي
بدايات القرن العشرين, استطاع المشروع النهضوي أن
يغير هذا الواقع وان يحول الأمة إلى امة متعلمة
وأصبحت الأمة تعج بالعقول المفكرة التي يستفيد من
بعضها الغرب في تحريك عجلته العلمية والأسرة لم
تكن معنية بتعليم أولادها في السابق إلا الشيء
البسيط الذي لا
يتجاوز مقدارا من القراءة والكتابة
بينما الأسر تؤمن اليوم بأنها إذا لم تزج بأبنائها
في التعليم تكون قد أجرمت بحقهم.
وقال : إن المشروع النهضوي خطى
خطوات مهمة ولكن المشكلة التي عانى منها هذا
المشروع هي التحدي الخارجي المستمر الذي كان يعيق
حركة الأمة نحو النهضة بمختلف السبل.
وتابع: إننا إذا أردنا أن ننظر إلى
المشروع الحداثي الأوروبي نظرة المقارن من حيث
خطواته وبين المشروع النهضوي العربي, نجد أن
المشروع الحداثي الأوروبي بدأ منذ فترة مبكرة وبعض
المفكرين يعتقدون إن المشروع الحداثي الأوروبي بدأ
منذ فترة مبكرة في القرن الخامس عشر والسادس عشر.
وأنا اعتقد إن أوروبا بدأت نهضتها منذ القرن
الثالث عشر, فكان تأسيس جامعة السوربون في باريس
عام 1253 بدايات أولى قد سبقتها بعض الإرهاصات
لكنها كانت بدايات لتضع أوروبا على طريق النهضة.
وأضاف: إن أوروبا إذن بدأت مشروعها
الحداثي منذ القرن الثالث عشر واستغرقت قرونا من
الزمن مرت فيها أوروبا بمجموعة من التفاعلات على
الصعيد الثقافي والسياسي والديني والاجتماعي إلى
أن استطاعت أوروبا أن تصل إلى ما وصلت إليه اليوم
من حضارة متمدنة بينما المشروع الحداثي العربي لم
يمر عليه الا قرن ونصف من الزمان فلا يمكن ان نقطع
أشواط النهضة عبر حرق المراحل وإنما لابد أن نمر
وتمر مجتمعاتنا بمجموعة من التفاعلات في كل
الأصعدة وهذا أمر طبيعي ويدخل ضمن سياق القانون
الطبيعي لحركة المجتمعات لكي تصل إلى ما يمكن ان
تصل إليه من أهداف.
وتابع يقول: ان المشروع الحداثي
الأوروبي منذ أن بدأ والى أن وصل إلى أهدافه لم
يواجه تحديات خارجية تعيقه وتعيق نموه وتعيق حركته
نحو النهضة والحضارة بينما مشروعنا النهضوي العربي
منذ بدايته كان يواجه هذه التحديات لأنه بدأ
والغرب والقوى الأجنبية الطامعة فينا وفي ثرواتنا
كانت قد وصلت إلى أعلى درجات القوة والسيطرة
والقدرة وكانت تعمل ول
تزال على إعاقة المسيرة
النهضوية لهذه الأمة. فزرعت الكيان المغتصب في قلب
امتنا ليعيقنا عن النهضة وكذلك كانت تستعمل كل
أوراق الضغط. وما ان تقدمت امتنا خطوات إلى الأمام
حتى نجد هذه القوى الخارجية تسعى لإعادتنا إلى
المربع الأول.
وأكد الشيخ مؤيد ان العرب يجب أن
لا
يصيبهم اليأس والإحباط وإنما يجب أن يتواصل
مشروعهم النهضوي واعتقد إننا نحتاج في مواصلتنا
للمشروع النهضوي إلى تحقيق أمرين أساسيين.
الأمر الأول ان تتصدى محاور دينية
وفكرية وسياسية لتنضج المشروع النهضوي وإدامته
وقيادة الأمة نحو النهضة الشاملة.
والأمر الثاني نحن بحاجة إلى أن
نقدم للأمة برنامجا عمليا يرسم لها اتجاهات
المسيرة النهضوية وان يخرج مفكرونا وسياسيونا مما
يمكن أن يصطلح عليه ب¯ (الجدل البيزنطي) ليقدموا
للأمة برنامجا عمليا للنهضة تتحرك الأمة طبقا لهذا
البرنامج وحينما نقارن بين وضع المشروع النهضوي
اليوم وما كان عليه في بداياته الأولى, ففي
البدايات الأولى كان الرواد الأوائل يستهدفون
إيقاظ الأمة من السبات وقد تم لهم ذلك, اليوم ليست
الأمة في سبات وإنما نحن نحتاج اليوم إلى تحرير
إرادة الأمة والى وضع الأمة على المسار الصحيح,
فشعوبنا ولله الحمد شعوب واعية وشعوب مسيسة
ومتطلعة وطموحة لكننا يجب أن نسعى إلى تحرير إرادة
هذه الشعوب والى ان نرسم لها المسارات الصحيحة
التي تقودها نحو النهضة.
وقال: يجب على الغرب أن يفهمنا لا
كخطر إسلامي وإنما أن يفهمنا كأمة تتكون من مئات
الملايين تتطلع إلى نهضة حضارية حقيقية تمكنها من
أن تسهم إسهاما ايجابيا في صياغة العقل البشري وفي
رسم مستقبل الإنسانية. وإذا لم يفهمنا الغرب بهذا
المعنى فستبقى العلاقة بيننا وبين الغرب متشنجة.
وتابع يقول: ان شعوبنا ليست شعوبا
صداميه وإنما شعوبنا تسعى إلى الحوار وتريد الحوار
وأنا اعتقد ان هناك ضرورات للحوار العربي الغربي.
فمن جهة, الغرب له مصالح حيوية في
بلادنا, ومن جهة ثانية نحن نحتاج الى تقنيات الغرب
والى التطور الحضاري الموجود في الغرب.
إذن هناك علاقة بين الحاجات
والمصالح. هذه العلاقة اما ان تدار من خلال الحوار
وأما أن تدار من خلال الصراع, مشيرا إلى إن
إدارتها من خلال الصراع يكلف الغرب كثيرا ونحن نجد
أن الضغط الغربي وصل إلى درجة بحيث خلق ردود أفعال
أصبح الغرب بنفسه يتعرض لتحدياتها في داخله.
وقال: إن إدارة جدلية الحاجات
والمصالح من خلال الصراع هذه ليست مردوداتها سلبية
علينا فقط وإنما مردوداتها ستكون سلبية على الغرب
أيضا, فلابد أن يفكر الغرب وصناع القرار في الغرب
بطريقة عقلانية لإدارة هذه الجدلية.
فلابد ان تدار من خلال الحوار ومن
خلال العلاقات المتوازنة التي تقوم على احترام
هوية كل من الطرفين وعلى أساس التكامل الحضاري
وعلى أساس المصالح المشتركة المتبادلة.
وأضاف: إننا كأمة من اجل أن نقطع
أشواطا جديدة في النهضة علينا أيضا أن نقوم بإصلاح
أوضاعنا السلبية طبقا بمقاساتنا لا بمقاسات الغرب
وإنما طبقا لمقتضيات أوضاع مجتمعاتنا وطبقا
لهويتنا التي نعتز بالانتماء إليها. وإذا لم نقم
بذلك فلن نكون بمأمن عن اي مردودات سلبية تحاول
إخراج هذه الأمة من دائرة التاريخ.
وبشأن تشكيل جبهة وطنية عراقية قال
الشيخ المؤيد:
نحن في الحقيقة منذ فترة طويلة ومن
خلال دراسة دقيقة للوضع الذي يعيشه شعبنا في
العراق, كنا قد اقترحنا تشكيل جبهة وطنية موحدة
تضم جميع القوى والشخصيات التي تؤمن بالمشروع
الوطني والتي تعمل على أساس الثوابت الوطنية التي
ل
يمكن التنازل عنها لتكون الجبهة البديل الموضوعي
الذي يقدم نفسه إلى الشعب العراقي عن الواقع
السياسي الموجود حاليا والذي نعتبره إفرازا من
إفرازات الاحتلال.
وأضاف : لقد كانت هناك تكتلات
وكانت هناك تحالفات وقد ذكرت في مقابلة صحفية بعد
الاحتلال مباشرة إن الساحة السياسية في العراق هي
الآن رمال متحركة وإننا نحتاج إلى وقت إلى أن تتضح
المعالم الحقيقية للخارطة السياسية للقوى التي
تعمل في داخل العراق ولكي تتبلور الأحجام الحقيقية
لهذه القوى. فلهذا نحن وجدنا خلال هاتين السنتين
تشكل أحزاب وتجمعات وتكتلات كثيرة لعلها ناهزت
المائة او زادت على المائة. ول
تعتبر هذه الحالة
حالة طبيعية لو كان الواقع السياسي مستقرا وطبيعيا
مشيرا إلى انه شيئا فشيئا بدأت تبرز الحاجة إلى
قيام جبهة تضم هذه القوى .
وقال: لقد دعونا إلى تشكيل جبهة
تتجاوز السلبيات والمطبات التي وقعت فيها بعض
التكتلات والتجمعات السياسية. وان تشترك في هذه
الجبهة مجمل القوى والشخصيات التي يمكن أن يكون
دورها مؤثرا في تغيير الواقع السياسي في العراق
باتجاه تأسيس الوضع الوطني الصحيح مؤكدا إن من
الأهداف الأساسية الواضحة لنا هي إنهاء الاحتلال
أولا فنحن ل
نوافق على بقاء الاحتلال جملة وتفصيلا
ولا نوافق على تأخير جدولة انسحاب هذا المحتل
وإنما لابد من التعجيل بهذه الجدولة.
وقال: إننا نعتبر المبررات التي
يذكرها الممسكون بالسلطة لتأخير جدولة الانسحاب
مبررات واهية ول
تقوم على أساس موضوعي.
إذن نحن نهدف إلى إنهاء الاحتلال
بشكل كامل, نهدف إلى تحرير القرار العراقي فليس
سعينا فقط إلى إنهاء الوجود العسكري للمحتل وإنما
نسعى أيضا إلى تحرير القرار العراقي من قيود
الاحتلال ومن آثار الاحتلال. كما نسعى إلى تأسيس
دولة وطنية تقوم فيها الأوضاع على أساس المواطنة
الصالحة وعلى أساس الكفاءة والنزاهة وليس على أساس
المحاصصات الطائفية والاثنية.
ومن المبادئ الأساسية التي نصر
عليها وحدة العراق أرضا وشعبا ونرفض أي مشروع يمكن
أن يؤثر حتى مستقبليا على وحدة التراب العراقي أو
على تماسك ووحدة المجتمع العراقي.
http://www.alarabalyawm.net/?type=snews&&isdate=2005-08-07&&newsid=8103&§id
=