الرئيسية شذرات الفتاوى الأسئلة والاستفتاءات المقالات الأبحاث والدراسات المحاضرات البيانات مشروع الميثاق الوطني اللقاءات الإعلامية السيرة الذاتية الصور البيانات
نص كلمة سماحة العلامة الفقيه الشيخ حسين المؤيد التي أرسلها لاجتماع
الدورة الثالثة للمؤتمر القومي- الإسلامي المنعقد في بيروت
بتاريخ 21 /1/2000 م – 14 شوال 1420هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم السلام على قائد البشرية الصالحة رسول الإنسانية الأكرم محمد المصطفى الأمين وعلى آله الهداة الطاهرين وصحبه البررة الميامين والتابعين لهم بإحسان والسائرين على منهجهم القويم.
السادة القائمون على المؤتمر
السادة والسيدات المشاركون في أعمال الدورة الثالثة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود في البداية أن أتقدم إليكم بأحر تحياتي،وأن أعرب عن أسفي البالغ لعدم تمكني من المشاركة معكم في حضور اجتماعات هذه الدورة لبعض العقبات التي تعذر علي تجاوزها. ولئن كنت غائبا عن جلسات هذه الدورة بقالبي فاني حاضر بقلبي وروحي وفكري أشد على أيديكم وأبارك لكم اجتماعكم هذا الذي ينعقد في مقطع من اشد المقاطع الزمانية التي تمر بها امتنا العربية والإسلامية حراجة وأبلغها حساسية الامر الذي يفرض على مفكري هذه الأمة ونخبها ومن منطلق الإحساس بالمسؤولية الجسيمة أن يتدارسوا بعمق أوضاع الأمة ويخرجوا بنتائج علمية موضوعية دقيقة ومستوعبة ويستشرفوا المستقبل ويرسموا منهاجا لاحباً للمسيرة. لقد بذلت جهود جد كبيرة من اجل تحقيق هذا اللقاء ،وتحمل معظمكم مشاق السفر والتحضير لاعمال هذه الدورة،فمن الطبيعي أن يكون المؤتمر على مستوى هذه الجهود وان يحقق الوئام الاتفاق وان يخرج بنتائج ذات ثمار عملية للامة،فان المجتمعين هم من طليعة هذه الأمة وعقولها وخبراتها وكفاءاتها. لقد سبقت هذه الدورة دورتان ،ويفترض أن لاتبدأ هذه الدورة من نقطة الصفر بل المفروض أن يجري تقييم واقعي وموضوعي لما قطعه المؤتمر من أشواط تحديد نقاط القوة للاستزادة ونقاط الضعف للتلافي.إن هذا المؤتمر فرصة تاريخية عظيمة لكل من التيار الإسلامي والتيار القومي بعد أن سادت أجواء القطيعة بل حتى الخصومة بين التيارين ليعيد الحوار والتفاهم والتنسيق إليهما على الرغم من كون ولادته متأخرة من الناحية الزمنية ، إذ كان اللازم أن يولد قبل ذلك بعقود ومنذ أن برز التياران بشكل فاعل على ساحة الأحداث. ولا يسعنا هنا إلا أن نتقدم لمؤسسي هذا المؤتمر بالامتنان والتقدير على هذه البادرة الطيبة التي تجمع رموز التيارين في إطار واحد وعلى قاعدة صلبة وفي أجواء عامرة بالنقاء ليتحقق ما يجب أن يتحقق من التفاهم والتنسيق. إن ما حدث للتيارين في هذا الإطار ليس هدنة ،وإنني لارفض تعبير الهدنة الذي ورد في كلمة بعض الاخوة في الدورة الأولى لهذا المؤتمر، وأربأ بأخوتي من كلا التيارين أن ينظروا إلى هذا الملتقى على انه يجسد هدنة ، واركز على خطورة هذا الفهم الذي يحمل في طياته الهشاشة والقلق .كما أود التأكيد على أن المناخ الجديد الذي جمع بين التيارين في أطار المؤتمر القومي – الإسلامي يجب أن لا ينطلق من قاعدة براغماتية تنظر إلى واقعية الوجود والحجم الذي يمتلكه في الأمة بالفعل أي من التيارين ،أو تريد التسلق على سلم تيار متصاعد ، وانما يجب أن يؤسس على قاعدة أصيلة لا تتلاعب بها الظروف في خطها البياني.
لقد كانت القطيعة والتشنج بين التيارين أمرا بعيداً كل البعد عن المنطق والعقلانية والموضوعية. ولو كان الحوار جاريا منذ البداية ومنطلقا من حسن النوايا ومتسماً بالجدية والواقعية والموضوعية لتجنبت الأمة الكثير من المضاعفات التي كلفتها الكثير من فكرها ومشاعرها خاصة في مواقع التيارين من حيث السلطة والمعارضة. إننا حينما ندعو إلى الحوار والتفاهم والتنسيق بين التيار القومي والتيار الإسلامي فإننا لاندعو إلى تنازلات على حساب المبادئ الصحيحة،وانما ندعو إلى التفهم والموضوعية وحسن النوايا وفسح المجال للعمل في إطار المشتركات وهي ذات مساحة واسعة على أننا نرى إن فرص الوصول إلى التلاحم لنفي الاثنينية ولنكون جميعاً إسلاميين قوميين متوفرة ومتصورة.
أيها الاخوة والأخوات
اسمحوا لي أن أضع بين أيديكم بعض الرؤى التي أكتفي بإثارتها في نقاط مركزة حرصاً على وقتكم الثمين وإدراكا مني لوقوفكم انتم عليها أيضا. إلا أنني رأيت من الضروري التذكير بها والتأكيد عليها وهي :-
1. أتمنى على المؤتمر القومي – الإسلامي أن لا يتحجم في حدود كونه ملتقى للنخبة من التيارين،وان كان اللقاء نفسه هدفا نبيلاً ،وانما على المؤتمر أن ينطلق في الأمة ليكون قوة ذات نفوذ حقيقي في الجسم العربي والإسلامي يحسب لها حسابها ويكون لها تاثيرها على الأحداث والأشخاص, يدافع عن قضايا الأمة في حركة دؤوبة ويلج لحل مشاكلها.ولذا أدعو إلى تفعيل المؤتمر من خلال برنامج معرفي وعملي.
2. إن من الضروري أن يقوم كل من التيارين بعملية تقويم ونقد ذاتي علاوة على طرح قضاياه على الآخر ليستفيد كل من الآخر فكرا وتجربة للوصول إلى التكامل والنضج. والفكر بحاجة دائما إلى تحريك حتى لو كان على مستوى التحدي، لانه لايمكن ان ينضج ويتنامى ويتكامل إلا من خلال ذلك وإلا فسوف يصاب بالرتابة والركود والتراجع،وانما تنفتح للفكر آفاق رحيبة من خلال الفكر الآخر.كما انه كثيرا ما تكون هناك حالات من سوء التفاهم تؤدي إلى التورط في أفكار ومواقف سلبية، ولابد من تجاوز هذه الحالة بالحوار البناء وفهم الآخر والانطلاق من حسن النوايا، والترفع عن الحالة التخوينية والتحجيمية. إن الوقوع في أخطاء شي طبيعي لأية تجربة فكرية أو عملية والمهم هو الاستعداد لتفهم المشكلة وتصحيح المسارات.
3. إن على المؤتمر باعتباره أمينا على مصالح الأمة أن يعمل على أن يسود جو الوئام في الأمة وعلى إسكات الأصوات التي تعلو لبث الفرقة والانقسام والخصام بكل أشكاله،ولابد من العمل على تربية العقل العربي والإسلامي على العقلانية والموضوعية وتجاوز الذات.
4. أعتقد إن هناك نقطة أساسية يجب أن لاتغيب عن التيار القومي الذي يسعى مخلصا إلى بناء كيان شامخ للامة وهي إن أي إطار سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي لايمكن أن يقدر له النجاح إلا إذا استطاع أن يدمج الأمة ضمنه ويجعلها متفاعلة معه، والامة لها هويتها التي لابد أن تؤخذ بنظر الاعتبار ،ولايمكن لأية محاولة تقفز على هوية الأمة وتركيبتها أو تتبنى مسخها وغسل أدمغة أفرادها أن تصل إلى نتيجة موفقة بل اللازم أن تنسجم مع الأمة في هويتها ومحتواها بدلا من أن تسعى لفرض الانسجام عليها 0 والانفصال عن الكيان الاستعماري يجب أن يعتمد على أساس الهوية الحضارية التي تمتلكها الأمة، وإذا كانت القومية العربية تنطلق من قاعدة إن العرب أمة لها تاريخها وحضارتها وتراثها ونسيجها الخاص فان اللازم أن يصاغ المنهج في ضوء المحتوى الحضاري لهذه الأمة والذي بنى تلكم القاعدة مادام قادرا على ذلك.
إننا نعتقد بان الإسلام هو المرجعية الأصيلة والأساسية الوحيدة التي تصلح لامتنا العربية والتي تنسجم وتركيبة الإنسان العربي وقد أثبتت التجربة التاريخية فشل اطروحات دعاة التغريب والاستلاب الحضاري.إن الإسلام نداء العقل والفطرة،وإهماله وإسقاطه من الحساب سباحة ضد تيار العقل والفطرة وهو محكوم سلفاً بالفشل .نعم اللازم على ذوي الاختصاص والذين تتوفر فيهم شروط الاستنباط أن يقوموا بمراجعة شاملة ودقيقة للتراث بعقل منفتح وفهم عميق للواقع المعاصر لتقديم الصورة الإسلامية الأصيلة التي تسترشد بها حياة الإنسان المعاصر،الصورة التي تجعله منسجما مع وجدانه في ارتباطه بالمطلق ،وقادراً على أن يخوض غمار الحياة المعاصرة بنجاح وتفوق فنشهد نموذجاً فريدا من التلاحم بين التراث والحداثة وبين الأصالة والمعاصرة ولتكون مرجعية الإسلام مرجعية للأمم التي جربت مختلف الاطروحات الوضعية وهي تشق طريقها نحو السعادة المنشودة ولازالت تشعر بظمأ شديد لتجد في الإسلام دين التكامل والتوازن منهلها العذب.
وأود أن أحذر في هذا المقام من كل المحاولات المتطفلة التي تدس انفها فيما لا اختصاص لها فيه متطاولة على ذوي الاختصاص.
إن الإطار المعرفي يقضي بضرورة الإذعان لقضية الاختصاص في فهم الدين كسائر مناحي المعرفة وكذلك في إصدار الأحكام باسمه.
وعلى سبيل المثال خرج علينا البعض بمقولة تجعل محور الاقتصاد الإسلامي هو تجاوز الفوائد الربوية في النظام المصرفي،ومن الغريب أن يأتي بعض رموز التيار القومي ليدافع عن الفائدة والربا متناسيا انه يعيش في مجتمع مسلم صاغ الإسلام فكره وعقيدته وسلوكه.
إن الاقتصاد الإسلامي يرتكز على مذهب اقتصادي عميق يخطط للحياة الاقتصادية بما ينسجم مع المعطيات العلمية للاقتصاد دون إغفال للعنصر الأخلاقي الذي لابد أن يحكم سلوك الأفراد والجماعات والذي بدونه يستحيل تحقق العدالة الاجتماعية التي ينادي بها الجميع .إن للإسلام رؤية ناضجة حول توزيع الثروة وملكية المنابع الاقتصادية ووسائل الإنتاج، وإزاء تدخل الدولة وإشرافها على سير العمليات الاقتصادية.وللإسلام أحكامه حول الضمان الاجتماعي ومسؤولية الدولة عن توفير فرص العمل وضمان العاطلين عنه وله رؤاه حول مشكلة الفقر وعلاجها بأنجح الأساليب وأعمق التشريعات وأضمنها وأقدرها وأكثرها سلامة. وان وقوع بعض المصارف غير الربوية في مطبات لايمكن أن يحمّل على النظرية الاقتصادية الإسلامية وإغفال برنامج العمل وآليات التطبيق التي اتبعتها هذه المصارف.
لقد كان الإسلام على مر التاريخ وحينما لم يسأ فهمه أو استغلاله عامل بناء و رقيّ ولم يكن يوماً كدين ورسالة عامل هدم وتخلف ،ولقد كان ولا يزال بما يملكه من زخم هائل وقدرة لا تتناهى عامل حسم وتوجيه في أقسى اللحظات التاريخية وأحرجها،وكان الحصن الأخير والوحيد الذي تلوذ إليه الأمة وهي تتعرض للنكبات والمحن والهزائم.ونحن لا ننطلق في تقرير هذه القضية على أساس خطاب مدبج أو إدعاء فارغ وانما من واقع تاريخي وفعلي.
5.فيما يتصل بالقضية المركزية أعني القضية الفلسطينية،فنحن نشهد انهيارا كانت قد سبقته تداعيات تم إغفالها أو التقليل من شانها،وكانت هناك ثغرات تسببت في أن تترى التداعيات دونما تدارك ،وهذا ما يؤكد ضرورة أن تكون هناك مراقبة مستمرة وعملية ومبرمجة للأوضاع السياسية في عالمنا العربي والإسلامي وما يحيط به كي لانقع في مثل ما وقعنا اليوم فيه فيما يرتبط بقضية فلسطين.
إن المنطق الذي يعلو اليوم حول قضية فلسطين هو المنطق الذي يفرضه واقع الانهيار وعلينا أن نعالج مشاكل الانهيار هذا ونؤسس لمرحلة ما بعد الانهيار فان هذا الانهيار سيصل إلى نقطة النهاية حينما يتأكد الجميع إن السلام المزعوم ليس سوى خدعة وسراب وشعار لان الكيان الصهيوني لن يتنازل عن ثوابته خاصة في ظل واقع ضعف الأمة وتسلط الاستكبار ومنطق النظام العالمي الجديد.والمستقبل لنا نحن الذين لا نفكر بعقلية الانهيار والتداعي وعلينا أن نعمل على أن لا يتسبب الانهيار في فرض واقع مدمر على نحو ما حصل في الأندلس التي أخرجت عن أيدينا نتيجة لفرض واقع الانهيار والتدمير والتسلط. فالتمسك بالثوابت ضروري والقبول بالحلول الوسط بدعوى الواقعية ليس من المصلحة والمنطق أبدا. فلابد أن تحتفظ الأمة بثوابتها ولا تنهزم نفسيا فالوجود الغاصب مرفوض جملة وتفصيلا ولا يمتلك مبررات الدوام والمقاومة على الخط الطويل ، وعجلة التاريخ لن تتوقف والواقع الحالي لن يسود ولن يدوم .
إن البعض ينطلق في مواقفه من حالة شعور بالندم إزاء رفض قرار التقسيم متصورا بان الموافقة عليه كانت ستضمن سلاما حقيقيا في المنطقة وتجنب المنطقة الحروب الخاسرة وانشغال العرب عن قضايا التنمية التي هم أحوج إليها ،غافلين عن أن العقلية الصهيونية لم تكن ترضخ لقرار التقسيم – لو رضخت له – الا مرحليا لتختلق فيما بعد أرضية تدخلها إلى ما تريده من التوسع وانتهاك حرمات العرب والمسلمين واستلابهم.
لابد من التركيز على انه لامجال للتطبيع مع العدو الصهيوني فالكيان الصهيوني في الأصل وجود مرفوض من حيث المبدأ ولا يقوم على أي أساس مشروع ، واريد له أن يفرض كأمر واقع وهو مالا يمكن قبوله لانه يعني التنازل عن أمور لا نملك أن نتنازل عنها قوميين كنا أو إسلاميين.كما إن الكيان الصهيوني وجود غريب في الجسم العربي والإسلامي لا ينسجم مع التركيبة النفسية والفكرية والاجتماعية للامة الأمر الذي يجعل مقولة التطبيع فارغة تماما , والوجود الصهيوني أداة فعالة للسياسة الاستكبارية التي تريد السيطرة علينا وفرض مفاهيمها وسلوكياتها باسم العولمة علاوة على انه لا ينحصر من حيث الفعالية في حدود معينة بل يعمل على الإضرار بنا في كل ما تطاله يده ويحاول زعزعة تماسكنا كعرب ومسلمين 0 ولابد من التأكيد على رفض الواقعية السياسية التي تعني الاستسلام للواقع ولو كان على حساب الإرادة والمبدأ.
إن الواقعية الصحيحة هي أن تتكيف مع الواقع دون أن تنفصل عن مبادئك على أن تعمل على تغيير الواقع لصالحك مستفيدا في كل ذلك من الرصيد الذي تملكه 0
6- إننا نرحب لا بالحوار الإسلامي – المسيحي فحسب بل بحوار الأديان لاسيما الديانات السماوية لان الناس بحاجة إلى العمل الخير في إطار المشتركات والوصول إلى نتائج إيجابية من خلال الحوار ،وأود أن أشير إلى جود عدة مستويات لهذا الحوار إذ تارة يفرض هذا الحوار بين ديانتين وأخرى يفرض حوارا سياسيا بين قطاع سياسي ينتسب للإسلام وقطاع سياسي ينتسب إلى المسيحية ، وثالثة يفرض حوارا حضاريا بين حضارة إسلامية وحضارة مسيحية ، ورابعة يفرض حوارا على المستوى الشعبي والاجتماعي والتعايشي 0 ولكل مستوى إطاره واجندته.
وان الحوار يكتسب أهمية خاصة في عالمنا العربي والإسلامي الذي تعيش فيه اقليات مسيحية وغيرها،وتضرب قوى الشر على أوتار الخصومة والحساسية لتهدم تماسك مجتمعاتنا وتشغلنا بفتن وصراعات بعيدة عن مبادئ أدياننا وأخلاقياتنا وقيمنا .
وأود أن أوكد وأنا اختم الحديث عن هذه النقطة إلى ضرورة مراجعة تراثنا ودراسة العلاقة مع اتباع الديانات الأخرى في إطارها السياسي والاجتماعي دراسة فقهية متفتحة واعية تحافظ على أصالة وعمق الاجتهاد الفقهي آخذة بنظر الاعتبار الجوانب التي لم تستوعب ، لتجلية هذه القضية الحساسة في ضوء معطيات العصر الحاضر .
7.فيما يتصل بالنشاط العربي والإسلامي في أوروبا أود أن اوكد على ما يلي:-
أ- ضرورة العمل على أن يحتفظ العرب والمسلمون المتواجدون في الغرب بهويتهم وأصالتهم وان لا يذوبوا في ذلك الواقع، دون أن يتخلوا عن وجودهم الإيجابي في تلك المناطق.
ب- على العرب والمسلمين وهم يشكلون قوة في بلاد الغرب وعلى مختلف الأصعدة أن يعملوا مستفيدين من قوتهم ونفوذهم على دعم قضايا العرب والمسلمين والتأثير على القرارات المتصلة بها وعلى شتى الصعد.
جـ – إننا كمسلمين وعرب لابد أن نكون فاعلين على صعيد التاثيرعلى الرأي العام العالمي وان لا نظل قابعين في حصوننا الدفاعية وان نستفيد من الساحات المفتوحة في بلاد الغرب لإيصال نداء الإسلام إلى تلك الشعوب المتعطشة للأطروحة المنقذة ، وان تغيير موازين القوى يتوقف في الواقع الحالي الذي لا نملك فيه التقنية العسكرية والعلمية على البعد الحضاري والثقافي المؤثر والذي يعكس صورة مشرقة لرسالتنا الإسلامية.
د – ضرورة التواصل مع الجالية العربية والإسلامية المتواجدة في الغرب وعلى مختلف المستويات والاستفادة من طاقاتها الخلاقة.
هـ – العمل على رفع العوائق والمشكلات التي تحيط بالجالية العربية والإسلامية والتي تقف أمام أدائها لرسالتها وأمام تماسكها وفاعليتها.
و – يتحتم على الفعاليات الشعبية والرسمية في عالمنا العربي والإسلامي العمل في الساحة الغربية لمصلحة قضايا الأمة ودعم مواقف الجالية في تلك الساحات.
8 – من نافلة القول التأكيد على أهمية القارة الأفريقية وبعدها الستراتيجي ،ونفوذ القوى الاستكبارية والصهيونية العالمية والدوائر المشبوهة ومدى فاعليتها ونشاطها وبالتالي فمن الضروري لنا كعرب ومسلمين العمل الدؤوب وفي إطار معرفي بحسب ما تقتضيه المصلحة الرسالية.
9 – من الضروري إثارة الاهتمام بقضية الستراتيجية العسكرية للعرب والمسلمين للدفاع أمام الأخطار المحدقة بنا، وان يكون برنامج التسليح علميا وان يتحقق تنسيق تام بين القائمين على ذلك في بلادنا العربية والإسلامية.
10 – لابد أن يكون دور السلطة في الرؤية والواقع السياسي في عالمنا العربي والإسلامي في أن تقدم للوطن والمواطن،وان يكون ذلك عنوان شرعيتها ومبرر وجودها،ولايمكن أن يتحقق ذلك إذا كان الواقع العملي قائما على أساس مصادرة الوطن ومصادرة المواطن الأمر الذي يفرز السلبية والخصومة.إن نجاح أية سلطة يتوقف على مدى قدرتها على دمج الأمة التي لابد أن تدرك إنها بتفاعلها لا تتفاعل مع السلطة بما هي سلطة بل إن تفاعلها يساهم في بناء الوطن والدولة وتحقيق مصالح الأمة نفسها.وبذلك يمكن أن نسير بخطى ثابتة في طريق التنمية السياسية والاجتماعية وان نجد الإطار الصحيح والآلية المناسبة لحل إشكالية السلطة والمعارضة في الأمة.
11- إن من الضروري التركيز على المشاكل الأساسية التي يعاني منها الإنسان في عالمنا العربي والإسلامي وتئن مجتمعاتنا تحت وطأتها وأشير بعجالة إلى قضايا الفقر والعدالة الاجتماعية والتعليم والمشاركة السياسية والتنمية والاستقرار السياسي والاجتماعي وحقوق الإنسان والاستقلال الوطني والقومي والوحدة.
أيها السادة , أيتها السيدات
إن مؤتمركم هذا ينعقد والعالم على مشارف الألفية الثالثة ندخلها ونحن لانزال على الهامش ويراد لنا أن نبقى مهمشين ، تواجهنا محاولات جادة وخبيثة لزرع الإحباط في نفوسنا وإغراقنا في ظلمات اليأس تحت ضغط الانكسارات العديدة وملابسات الضعف والتداعي لسلب إرادتنا وتذويبنا ،فلابد من اليقظة والصمود والعمل المتواصل على تحسين أوضاعنا وتحقيق قفزات إيجابية على شتى المستويات.إننا لانزال نملك من المقومات ما يمكن أن يعيد لنا المجد والرفعة والسؤدد، وان لمن أهمها ما نملكه من محتوى حضاري يتمثل بالرسالة الإسلامية العظيمة التي تتكفل بوضع برنامج عملي شامل لاسعاد البشرية اللاهثة نحو الأطروحة المنقذة بعد أن جربت مختلف الاطروحات الوضعية ، فالعالم وقد خرج من حربين مدمرتين وحرب ثالثة باردة وعلى الرغم مما حققه من تقدم علمي لا يزال يبحث عن السعادة المنشودة التي لن يجدها إلا عندنا نحن العرب والمسلمين، فلنعرف قدر ما عندنا ولنحسن استثماره لنعود كما كنا خير أمة أخرجت للناس. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
10 شوال 1420هـ – 17/1/2000 م
حسين المؤيد
البريد الالكتروني
[email protected]جميع الحقوق © محفوظة للمنتدى العلمي
مكتب سماحة الإمام الشيخ حسين المؤيد