الرئيسية شذرات الفتاوى الأسئلة والاستفتاءات المقالات الأبحاث والدراسات المحاضرات البيانات مشروع الميثاق الوطني اللقاءات الإعلامية السيرة الذاتية الصور
 

الأبحاث والدراسات

محاضرات الإمام المؤيد في أصول الفقه تعليقا على كتاب المستصفى للإمام الغزالي

بيان المقدمة في المنطق ووجه تعلق علم أصول الفقه بها

يريد المصنف رحمه الله تعالى بيان الوجه في وضع مقدمة في علم المنطق لكتابه الموضوع لعلم أصول الفقه , و علاقة علم أصول الفقه بعلم المنطق .
قوله : فقالوا : إذا لم يكن بد من معرفة الحكم حتى كان معرفته أحد الأقطاب الأربعة , فلا بد أيضا من معرفة الدليل الخ
أقول : ربما يقال أن هذا النحو من البيان يستلزم دخول البحث عن معرفة الدليل و معرفة العلم و معرفة النظر في أصول الفقه لوجود مناط دخول معرفة الحكم في أصول الفقه حسب رأي المصنف . لكن للمصنف أن يجيب على ذلك بوجود الفرق , من حيث أن دخول معرفة الحكم في أصول الفقه حتى كانت معرفته أحد الأقطاب الأربعة ليس لمجرد أنه لم يكن بد من معرفة الحكم , و إنما لأجل أن الحكم هو أحد عناصر عملية الإستدلال الفقهي و هو ثمرة في المقام , بينما الدليل و العلم و النظر ليسوا من عناصر عملية الإستدلال الفقهي بما هي استدلال فقهي , لذا لا يكون البحث عن تلكم الأشياء من مباحث أصول الفقه . لكنك عرفت فيما تقدم أن معرفة الحكم الشرعي من مباديء أصول الفقه و ليست من مسائله , و أنه ليس كل عنصر من عناصر عملية الإستدلال الفقهي يدخل في علم أصول الفقه , فمعرفة الدليل و العلم و النظر كمعرفة الحكم , فهي كلها من مباديء أصول الفقه , و ليست من مسائله , غاية الأمر أن معرفة الحكم قد تعدّ من المباديء القريبة لمسائل أصول الفقه باعتبارها من عناصر عملية الإستدلال الفقهي , بخلاف معرفة الدليل و العلم و النظر لعدم كونها عناصر في عملية الإستدلال الفقهي بما هي استدلال فقهي .
قوله : ثم العلم المطلوب لا وصول اليه إلا بالنظر
أقول : العلم قسمان : ضروري أي بديهي لا يحتاج في تحققه الى استدلال و تفكير , و علم نظري لا يحصل في الذهن بالبداهة , و إنما يحصل بالنظر , أي يحتاج الى كسب و استدلال و تفكير , و العلم المطلوب في أصول الفقه ليس مما يدركه الإنسان بالبداهة , و إنما يحتاج الى النظر و التفكير و ينطوي على الإستدلال , فلا بد من معرفة كيفية الإستدلال المنطقي الصحيح و طرقه , و تمييزه عن المغالطة .
قوله : ولكن انجر الكلام بهم الى إقامة الدليل على إثبات العلم على منكريه
أقول : أي إقامة الدليل على حجية العلم .
قوله : من السفسطائية
أقول : السفسطة على ما تقرر في علم المنطق هي نوع من المغالطة , و ذلك إذا كان القياس شبيها بالبرهان لكن صورته خاطئة أو مواده من غير اليقينيات أو المشهورات و المسلمات . فالقياس الذي تكون نتيجته نقضا لوضع من الأوضاع يسمى تبكيتا أي تقريعا و تعنيفا لكنه بالكلام , فإذا كانت مواده من اليقينيات سمي تبكيتا برهانيا , و إذا كانت من المشهورات و المسلمات سمي تبكيتا جدليا , و أما إذا لم تكن مواده من اليقينيات و لا من المشهورات و المسلمات , أو كانت منها لكن صورة القياس كانت خاطئة , فإن كان شبيها بالبرهان سمي سفسطة , و إن كان شبيها بالجدل سمي مشاغبة .
قوله : و إقامة الدليل على النظر على منكري النظر
أقول : منكرو النظر لا ينكرون العلم النظري أي الحاصل لا بالبداهة و إنما بالإستدلال , و إنما يذهبون الى أن المعرفة الحسية هي الأساس العام و المصدر الرئيس للمعرفة البشرية , و ينكرون وجود أية معارف عقلية للإنسان بشكل منفصل و مستقل عن الحس و التجربة .
قوله : و ذلك مجاوزة لحد هذا العلم و خلط له بالكلام الخ
أقول : قد ذكرنا عند الكلام عن تعريف علم الأصول أن كل علم من العلوم له اتجاه تأليفي و اتجاه تنظيمي , و في الإتجاه التأليفي يتبلور العلم على أساس المحور الذي يتعلق به غرض الباحث و الذي يستقطب المسائل المشتتة على أساس تعلقها بذلك المحور , بينما في الإتجاه التنظيمي لا يجد الباحث نفسه ملزما برعاية محور العلم و موضوعه في تدوينه للمسائل , فقد يُدخِل مسائل - لمناسبة ما و هي لا ترتبط بمحور العلم - لأغراض شتى من قبيل الإستطراد أو تمهيد مقدمات لبعض المسائل أو رغبة في التوسع , أو لعدم استيفاء البحث عن هذه المسائل في علم آخر و غير ذلك من الأغراض . و هذا ما وقع فيه الكثيرون ممن كتبوا في أصول الفقه . و المصنف رحمه الله تعالى إنما عاب عليهم الإسراف في هذا الأمر و مجاوزة الحد , و نقده لهم في محله , فزج ما ليس من مسائل العلم في أي علم من العلوم هو كالضرورة التي تقدَّر بقدرها , فالبحث في أي علم من العلوم يجب أن يركِّز على ما يدخل في وظيفته و اختصاصه , و لا يزج غير ذلك إلا بما تقتضيه الضرورة مع تمييزه عن مسائل العلم نفسه .

السابق

Twitter Facebook قناة الشيخ حسين المؤيد في اليوتيوب google + البريد الالكتروني
[email protected]

جميع الحقوق © محفوظة للمنتدى العلمي
مكتب سماحة الإمام الشيخ حسين المؤيد

www.almoaiyad.com