الرئيسية شذرات الفتاوى الأسئلة والاستفتاءات المقالات الأبحاث والدراسات المحاضرات البيانات مشروع الميثاق الوطني اللقاءات الإعلامية السيرة الذاتية الصور
 

الأبحاث والدراسات

محاضرات الإمام المؤيد في أصول الفقه تعليقا على كتاب المستصفى للإمام الغزالي

 

4- بيان كيفية اندراج الشعب الكثيرة من أصول الفقه تحت هذه الأقطاب الأربعة
في العنوان السابق كان المصنف رحمه الله تعالى بصدد بيان الهيكلية الأساسية العامة لعلم أصول الفقه , و أن مجموع مسائل هذا العلم تدور على أربعة محاور أساسية , فقسَّم مباحث علم أصول الفقه الى أربعة أقسام رئيسة : الثمرة ( الحكم ) , و المثمر ( الأدلة ) , و طرق الإستثمار ( وجوه دلالة الأدلة ) , و المستثمِر ( المجتهد ) .
و في هذا العنوان يبيِّن المصنف رحمه الله تعالى تفاصيل اندراج مسائل علم أصول الفقه في المحاور الأربعة , فيذكر ما يستقطبه كل محور من تلكم المحاور من مسائل بحكم ارتباطها به .
فالعنوان السابق كان مخصصا لتنويع مباحث علم أصول الفقه , فقام المصنف بتنويعها الى أربعة أقسام , و هذا العنوان مخصص لتوزيع مسائل و قواعد أصول الفقه على الأقسام الأربعة حسب ارتباطها بأحد هذه الأقسام التي سمّاها أقطاب علم أصول الفقه باعتبارها المحاور الرئيسة التي تدور عليها مسائل هذا العلم .

قوله : ففي البحث عن حقيقة الحكم يتبين أنه عبارة عن خطاب الشرع
أقول : ليس الحكم في حقيقته عبارة عن خطاب الشارع , و إنما هو مدلول خطابه , فالخطاب حامل للحكم و متضمن له و دال عليه , و ربما استفيد الحكم من غير الخطاب اللفظي للشارع , كما أن خطاب الشارع لا ينقسم الى وجوب و حرمة و صحة و بطلان و نحو ذلك , بينما الحكم ينقسم الى هذه الأقسام . و قد خلط المصنف رحمه الله تعالى بين تشريع الحكم بالمعنى المصدري و بين الحكم المشرَّع بالخطاب , فالخطاب تشريع للحكم و إنشاء له , و ليس هو الحكم نفسه , و إنما الحكم عبارة عن المُنشأ بالخطاب , فقوله تعالى : ( أقيموا الصلاة ) هو إنشاء للحكم بوجوب الصلاة , و المُنشأ هو الوجوب و هو الحكم .
قوله : و ليس وصفا للفعل
أقول : لو كان الحكم عبارة عن الخطاب فهو ليس وصفا للفعل , لكنك عرفت أن حقيقة الحكم ليست خطاب الشارع , و إنما الحكم هو مدلول الخطاب , و هو بهذا المعنى يقع محمولا على الفعل , و يصح وصف الفعل به , فيوصف شرب الخمر مثلا بأنه حرام , و يوصف الصوم بأنه واجب , و يوصف البيع بأنه صحيح أو فاسد .
قوله : فلا حسن ولا قبح الخ
أقول : نفي الحسن و القبح العقليين لا يتوقف على كون حقيقة الحكم في نفسه عبارة عن خطاب الشارع , و إنما يتمشى أيضا مع تعريف الحكم بأنه مدلول الخطاب الشرعي , فالفعل يتصف بالحكم الشرعي بعد ورود التشريع و ليس قبله , فإن الفعل قبل ورود التشريع لا يتصف في ذاته بالحسن أو القبح . على أن القائل بالحسن و القبح العقليين قد لا يذهب الى اتصاف الفعل بالحكم الشرعي قبل ورود خطاب الشارع , و إنما يقصد بالملازمة بين حكم العقل و حكم الشرع هو ترتب الثواب على ما يدرك العقل حسنه , و ترتب العقاب على ما يدرك العقل قبحه , فنفي الحكم قبل ورود الشرائع لا يجدي في رده , لأنه لا يستلزم نفي الثواب و العقاب .
قوله : لا حكم للرسول
أقول : هذا النفي هو بلحاظ أن الرسول ليس سوى مبلِّغ عن الله تعالى , فخطابه ليس خطاب تشريع بالذات بل بالعرض , فهو في حقيقته إبلاغ و إخبار . لكن ثبت من بعض النصوص أن الرسول له من الله تعالى صلاحية التشريع , و تكون تشريعاته ممضاة من الله تعالى , أو أنه صلوات الله و سلامه عليه يقوم بالتشريع بإرشاد من الله تعالى , و كان على المصنف أن يقول : لا حكم للرسول بمعزل عن الله تعالى لئلا يخرج عن النفي ما كان فيه الرسول شارعا و قد أمضى الله تعالى تشريعه , أو ما شرعه بإرشاد من الله عزّ و جلّ . و هذا غير الأحكام السلطانية التي تصدر من النبي عليه الصلاة و السلام لا بوصفه شارعا أو مبلغا , و إنما بوصفه وليا للأمر .
قوله : و أنه ليس وصفا للأفعال في ذاتها
أقول : الخطاب الشرعي لا يوصف به الفعل لكنه يوصف بالحكم الذي هو مدلول الخطاب , لكن هذا الحكم ليس وصفا للفعل بذاته , و إنما هو وصف له بلحاظ اعتبار الشارع , و على القول بنفي الحسن و القبح العقليين فإن الفعل لا يتصف في ذاته بالحسن و القبح و بالتالي لا يثبت له في ذاته حكم شرعي بحكم الملازمة المدعاة بين حكم العقل و حكم الشرع .
قوله : و في البحث عن مظهر الحكم الخ
أقول : سيذكر المصنف رحمه الله تعالى في الفن الرابع من القطب الأول معاني السبب , و سنستوفي الكلام على ذلك إن شاء الله تعالى و سنذكر الفرق بين السبب و الشرط و المحل و العلامة , و سنبين التشويش الواقع في كلام المصنف .
قوله : يتبين حد الكتاب
أقول : أي ما بين دفتي المصحف الثابت بالتواتر دون زيادة أو نقيصة
قوله : و ما هو منه و ما ليس منه
أقول : يعني بذلك الخلاف في البسملة وهل هي آية من كل سورة أو لا , و إلا فإنه لا شك في أن القرآن الكريم هو ما بين دفتي المصحف بدون زيادة أو نقصان , و هو ما عليه أهل الإسلام , و القول بالتحريف ضلال و كفر .
قوله : في طرق الإستثمار وهي أربعة
أقول : ذكرنا فيما تقدم أن حصر طرق الإستثمار باربعة غير صحيح , لأن علم أصول الفقه يبحث عن وجوه دلالة فعل النبي عليه الصلاة و السلام و تقريره , و كيفية دلالة الإجماع , و غيره من الأدلة غير اللفظية . و قد بحث المصنف رحمه الله تعالى في دلالة أفعال النبي صلوات الله و سلامه عليه و دلالة سكوته و استبشاره , و اعتبر الإجماع أحد الأدلة الثلاثة على الحكم , فحصر طرق الإستثمار بوجوه الدلالة اللفظية لا يتمشى مع ذلك , بل إخراج ما أسماه المصنف بالأصول الموهومة عن علم الأصول كالإستحسان و قول الصحابي و الإستصلاح و شرع من قبلنا و غير ذلك لمجرد عدم أعتبار دليليتها غير صحيح , ذلك أن المعيار في خروج المسألة عن علم الأصول ليس ثبوت عدم دليليتها في قبال من أثبت دليليتها , و إنما تخرج عن علم الأصول إذا لم ينطبق عليها ضابط المسألة الأصولية , و ما أسماه المصنف بالأصول الموهومة هو مما ينطبق عليه ضابط المسألة الأصولية , فتدخل في علم الأصول , و يبحث عن دليليتها نفيا و إثباتا , و يجب أخذها بنظر الإعتبار في تنويع مباحث أصول الفقه , و في توزيع مسائله .
قوله : فالنظر في كتاب الأوامر و النواهي و العموم و الخصوص نظر في مقتضى الصيغ اللغوية
أقول : هذا الكلام غير دقيق , ففي مباحث الأوامر و النواهي و العموم و الخصوص ما لا يكون فيه النظر في مدلول صيغ الأمر و النهي و العام و الخاص , فقضية دلالة الأمر بالشيء على النهي عن ضده , و الملازمة بين إيجاب الشيء و إيجاب مقدمته , و عدم جواز التمسك بالعام في الشبهات المصداقية , و حجية العام في الباقي بعد ورود المخصص , و تعرض العامين أو العام و المطلق , و غير ذلك ليس البحث فيها بحثا عن مقتضى الصيغ و مداليلها .
قوله : بمعقول معناه ومنه ينشأ القياس
أقول : ليس المقصود بمعقول المعنى هو مدلول اللفظ كما هو واضح , و إنما المقصود ما يفهم من وجه أخذ العنوان في الخطاب .
قوله : فهذه جملة ما ذكر في علم الأصول
أقول : لم يتعرض المصنف رحمه الله تعالى الى كيفية اندراج مباحث التعارض و التراجيح - و هي بلا شك من مسائل أصول الفقه - في الأقطاب الأربعة , و بحكم التنويع الذي ذكره و تفاصيل توزيع المسائل , فإن مباحث التعارض و التراجيح تندرج في القطب الثاني , لارتباطها بتعارض الأدلة و الترجيح فيما بينها .

السابق

Twitter Facebook قناة الشيخ حسين المؤيد في اليوتيوب google + البريد الالكتروني
[email protected]

جميع الحقوق © محفوظة للمنتدى العلمي
مكتب سماحة الإمام الشيخ حسين المؤيد

www.almoaiyad.com