الرئيسية شذرات الفتاوى الأسئلة والاستفتاءات المقالات الأبحاث والدراسات المحاضرات البيانات مشروع الميثاق الوطني اللقاءات الإعلامية السيرة الذاتية الصور
 

الأبحاث والدراسات

محاضرات الإمام المؤيد في أصول الفقه تعليقا على كتاب المستصفى للإمام الغزالي

بيان كيفية دوران علم أصول الفقه على الأقطاب الأربعة


3- بيان كيفية دورانه على الأقطاب الأربعة
ذكر المصنف رحمه الله تعالى في بداية كلامه في صدر الكتاب أنه بنى علم أصول الفقه في هذا الكتاب على مقدمة و أربعة أقطاب قال إنها التي تشتمل على لباب المقصود . و هو هنا يبيِّن كيفية دوران علم أصول الفقه على الأقطاب الأربعة . و تقوم الفكرة على أساس أن لعملية اقتناص الحكم الشرعي و استنباطه من الأدلة أربعة عناصر رئيسة هي : الحكم , الأدلة , الإستنباط , المستنبِط . و بما أن علم أصول الفقه هو العلم الذي يضع منهج استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها , و بما أن عملية الإستنباط ترتكز على العناصر الأربعة المتقدمة , لذا كان مدار علم أصول الفقه على هذه العناصر , و تشكِّل هذه العناصر مباحث علم أصول الفقه .
و الحقيقة أن عملية استنباط الحكم الشرعي و إن كانت ترتكز على العناصر الأربعة المتقدمة , إلا أن ذلك لا يجعل كل هذه العناصر مباحث لعلم أصول الفقه , لأن علم أصول الفقه وضع لمعرفة الطريقة العامة للإستدلال الفقهي , و من ثَم فهو يُعنى بالبحث عن القواعد العامة للإستدلال الفقهي , و هذه القواعد هي مسائل علم أصول الفقه , و ما عداها لا يكون من مسائله , و كل علم من العلوم لا تدور أبحاثه في الأصل إلا على مسائله , فلا يكون من مباحثه في الأصل إلا ما هو من مسائله , و قد تقدم عند الكلام على تعريف علم أصول الفقه أن مسائل كل علم إنما تجتمع في أي علم من العلوم على أساس ارتباطها في نفس الأمر و كحقيقة موضوعية بالمحور الأصلي لذلك العلم , و هذا هو المعيار في جامعية العلم و مانعيته .
و هكذا يتضح أن علم أصول الفقه لا تدور أبحاثه إلا على قطب واحد هو كيفية اقتباس - أي اقتناص و استنباط - الحكم الشرعي من الأدلة , بل بعبارة دقيقة كيفية الإستدلال الفقهي الأعم من استنباط الحكم الشرعي من الأدلة , و تحديد الوظيفة العملية عند فقد الدليل .
و أما النظر في الأحكام فهو نظر في مباديء علم أصول الفقه , و ليس نظرا في مسائل هذا العلم , بل الحكم الشرعي لما كان محمولا في المسئلة الفقهية كانت معرفته من مباديء علم الفقه , و يمكن أن تكون معرفته من مباديء علم أصول الفقه أيضا لكون الحكم من عناصر عملية الإستنباط , و جزء من بعض مسائل علم أصول الفقه , لكن ذلك لا يجعله من مسائل علم أصول الفقه كما عرفت .
و أما الأدلة , فالكتاب و السنة هما مصدرا التشريع , و علم أصول الفقه إنما يبحث عن كيفية اقتناص الحكم الشرعي من الكتاب و السنة بوصفهما مصدرين رئيسين للأحكام الشرعية , و عن قواعد الإستدلال على الحكم الشرعي من الكتاب و السنة , فالمسائل التي تتعلق بذلك هي من مباحث علم أصول الفقه , و ما لا يتعلق بذلك لا يكون من مباحثه بالأصل و إن كان متعلقا بالكتاب و السنة , إذ ليس كل ما يتعلق بالكتاب و السنة يعَدّ من مباحث أصول الفقه .
و أما صفات المقتبس و هو المجتهد الذي يستنبط الأحكام الشرعية , فهي ليست من مباحث علم أصول الفقه , و إن كان المجتهد من العناصر الرئيسة في عملية الإستنباط , لما تقدم من أن علم أصول الفقه إنما يبحث عن كيفية الإستنباط و قواعده , فما لا يتعلق بذلك لا يكون جزء من مباحثه , و إنما يمكن أن يكون من مباديه , أو مما تكون معرفته ذات علاقة به . و العديد مما يتعلق بالمجتهد و المفتي من الأحكام و الشروط هو مرتبط بعلم الفقه .
نعم زجّ علماء أصول الفقه لاعتبارات عديدة كثيرا من القضايا التي ترتبط بعملية الإستدلال على الحكم الشرعي في علم أصول الفقه مع كونها خارجة عن مباحث هذا العلم , و هذا ما يصنعه عادة المصنفون و المدونون للعلوم حسب مقتضيات الإتجاه التنظيمي و التدويني للعلوم , و من ثَم وجب على الباحث أن يميز هذه القضايا كي لا يختلط عليه ماهو من مسائل العلم وما ليس منها .

قوله : أن نظر الأصولي في وجه دلالة الأدلة السمعية على الأحكام الشرعية
أقول : تقييد الأدلة بالسمعية خاطيء , لأنه يُخرج الفعل و التقرير من السنة لأنهما ليسا دليلين سمعيين كما هو واضح , كما يخرج الإجماع و هو دليل غير سمعي . و في هذا التقييد مفارقة واضحة وقع فيها المصنف رحمه الله تعالى من حيث أنه ذكر مرارا أن أدلة الأحكام الشرعية ثلاثة هي الكتاب و السنة و الإجماع , فلا وجه للتقييد بالسمعية الذي يُخرج الإجماع كما يُخرج الفعل و التقرير من السنة .
قوله : و الحسن و القبح
أقول : زج الحسن و القبح في جملة الأحكام الشرعية خاطيء , فليس الحسن و القبح من الأحكام الشرعية لا على مسلك المعتزلة و لا على مسلك الأشاعرة , أما على مسلك المعتزلة فلأن الحسن و القبح أمران عقليان , و مُدرَكان عقليان , و أما على مسلك الأشاعرة فلأن الحسن و القبح ليسا حكمين شرعيين , و إنما هما عنوانان منتزعان من الأحكام الشرعية .
قوله : أو باقتضائها و ضرورتها
أقول : لما كانت دلالة الإقتضاء و التنبيه دلالة التزامية يكون اللزوم فيها بينا , لذا كانت ضرورية تحصل بالبداهة حيث ينتقل الذهن الى اللازم دون نظر .
قوله : وجه دلالة الأدلة و هي أربعة
أقول : هذا مرتبط بالأدلة السمعية , و قد عرفت عدم انحصار الأدلة بالسمعية , و عليه يدخل البحث عن وجوه دلالة الأدلة غير السمعية في طريق الإستثمار , كالبحث عن وجه دلالة فعل النبي عليه الصلاة و السلام و تقريره .

 

السابق

Twitter Facebook قناة الشيخ حسين المؤيد في اليوتيوب google + البريد الالكتروني
[email protected]

جميع الحقوق © محفوظة للمنتدى العلمي
مكتب سماحة الإمام الشيخ حسين المؤيد

www.almoaiyad.com